سعيا منهم لخفض التكاليف، يتغاضى المقاولون عن تنظيمات المشروع بالتعاقد مع مهندسين عاطلين عن العمل بمقابل زهيد. هدى الطرابلسي من تونس لمغاربية – 02/03/10 [ تصويرعبدو تاج الدين] المحامي محمد لزهر العكرمي قال إن القوانين غير الملائمة تجعل من الصعب على تونس مواجهة التحايل. تأمل تونس رفع عدد المهندسين من 4000 إلى 7000 مهندس بحلول 2011، لكن المشغلين غير الأخلاقيين وضيق سوق العمل قد يدفع الخريجين الجدد في المجال إلى مخالفة القانون مقابل مبلغ زهيد. المقاولون وأصحاب مكاتب الدراسات يبرمون عقود عمل وهمية مع مهندسين وتقنيين شبان بمقابل مادي يتراوح بين 400 و800 دينارا قصد الاستشهاد بهذه العقود للإدارة المشرفة على المشروع ليبين هؤلاء المقاولون أنهم يطبقون ما جاء في كراس الشروط. ذلك أن العديد من المشاريع تتطلب عددا من المهندسين في أي مشروع. علي، مهندس، تقدم لعمل وطُلب منه توقيع عقد. وقال لمغاربية "بعد إمضاء العقد لم يتم استدعائي لمباشرة العمل وأخذ يماطل في كل مرة إلى أن اكتشفت أن المقاول لا حاجة له بمهندس بل حاجته تتمثل في ورقة يستشهد بها لدى الإدارة المشرفة على مشروعه" ليثبت أنه لجأ لخدمات مهندس. عائدة مهندسة شابة اختصاص هندسة ميدانية قامت أيضا بإمضاء عقدين شكليين. وأوضحت أن المقاولين لهم دوافع مادية للقيام بهذه الممارسة "فعوض تشغيل ثلاثة مهندسين يقوم [المقاول] بتشغيل مهندس واحد والاثنين الآخرين يشغلهما بطريقة شكلية أي بشرائه لعقود دون الاضطرار لتسديد مرتب شهري". هذه الممارسات تؤثر سلبا على جودة المشاريع التونسية بتقليص الفرص للمهندسين المتخرجين حديثا، حسب قول الخبراء في المجال. غلام دباش رئيس عمادة المهندسين بتونس العاصمة قلق من أثر هذه العقود الوهمية على مجال الهندسة. وقال "الخطر الحقيقي يتمثل في عدم التزام بعض مؤسسات المقاولات بالمسؤولية لضمان جودة إنجاز المشاريع". وقال دباش إنه من أجل تطبيق شروط أكثر صرامة حول المشاريع، على الوكالة المشرفة مراجعة الوثائق ومراقبة العمل المنجز. وأضاف دباش "لو أن الإدارة تلفت نظارهم لمثل هذه الأساليب غير القانونية من بعض المقاولين وأصحاب مكاتب الدراسات، يمكن لهم القيام بخطوة فعلية لوضع حد لمثل هذه الممارسات التي تضر بالمهنة، كل ما يمكن فعله هو توعية المهندسين الشبان بعدم التورط في إمضاء عقود شكلية تضر بمسيرتهم المهنية وربما تتسبب لهم في مشاكل عدلية". وكشف التحقيق الذي أجرته مغاربية أن الإدارة المشرفة على هذه العقود على إطلاع بالمشكلة لكن عليها اتخاذ إجراءات ضد الممارسة. القانون التونسي لا يعالج بشمل مباشر مسألة العقود الوهمية مما يجعل من الصعب مواجهتها حسب قول محمد لزهر العكرمي لمغاربية. وأشار العكرمي "الفصل القانوني الوحيد المنصوص عليه بالمجلة الجنائية هو الفصل 193 في الافتعال واستعمال الأوراق المدلسة ويعاقب بالسجن لثلاثة أعوام كل من يستعمل تلك الأوراق المصطنعة أو المفتعلة". لكن هذه الممارسة ستتواصل ما دام الخريجون الجدد يواجهون بطالة مطولة أو رواتب منخفضة في مهنتهم. وكما قالت المهندسة عائدة "راتبي الهزيل هو الذي دفعني للقيام بذلك". وتشير الإحصائيات الأخيرة للمعهد التونسي للإحصاء أن معدل البطالة في البلاد بلغ 21.67% في 2008 من 17.5% في