كشفت القمة الاستشارية لقادة الدول العربية المطلة على البحر الابيض المتوسط التي عقدت في طرابلس بمبادرة ليبية بحضور الرئيس زين العابدين بن علي والرئيس السوري بشار الأسد الرئيس المباشر للقمة العربية اهتماما من أعلى هرم السلطة في العواصم المغاربية وسوريا ومصر بالعمل المشترك جنوب جنوب وجنوب شمال.. لكن وفق شروط عديدة من بينها ضرورة أخذ الأولويات الاقتصادية والسياسية والامنية لدول الجنوب بعين الاعتبار.. فضلا عن ضرورة التشاور بين مسؤولي الاتحاد الأوروبي وقادة البلدان العربية جنوب المتوسط حول تصوراتهم لمستقبل الشراكة والتعاون.. قصد التدارك الفعلي للنقائص التي برزت في مسار برشلونة منذ 1995 إلى اليوم . وقد جاءت قمة طرابلس التشاورية وتصريحات القذافي المتحفظة على الاتحاد المتوسطي بعد أقل من أسبوع عن لقاء وزراء خارجية "المنتدى المتوسطي" في العاصمة الجزائرية.. وبعد حوالي أسبوعين عن مؤتمر نظم في مقر الجامعة العربية بالقاهرة لوزراء خارجية الدول العربية المتوسطية.. بهدف بلورة موقف عربي مشترك من مشروع الاتحاد المتوسطي ومن القمة الاورومتوسطية التي يفترض عقدها في باريس يوم 13 جويلية القادم.. لاعلان ميلاد "الاتحاد من أجل المتوسط".. ومؤسساته الإدارية والسياسية.. وقد تزامنت هذه التحركات الرسمية مع مؤتمرات بالجملة نظمتها جمعيات دراسية ومؤسسات ابحاث استراتيجية في تونس وطنجة وفاس وعدة دول عربية واوروبية وتركيا واسرائيل.. بينها ندوة كبرى في سلوفينيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي حتى موفى الشهر الجاري.. واذ كان هناك ترحيب بالجوانب الايجابية في المشروع الفرنسي الداعي إلى اقامة شراكة طموحة جديدة بين ضفتي المتوسط.. فلا بد من الاشارة إلى الثغرات العديدة في المشروع الفرنسي الأولي.. وأهمها اقحام اسرائيل في مشروع اتحاد اقليمي يهم بلدانا لا تجمعها بها اتفاقيات سلام أو هدنة.. فضلا عن صعوبة الحديث عن تطبيع عربي اسرائيلي في مرحلة يتواصل فيها بناء المستوطنات في القدس والضفة الغربية.. والحصار الشامل على قطاع غزة.. كما كشفت الوثيقة الصادرة عن المفوضية الأوروبية يوم 20 ماي الماضي أن الجانب الأوروبي خفض سقف المهام التي طرحت على مشروع الاتحاد.. واختزلها في خمسة ملفات ذات صبغة فنية.. وتخلى عن كل المهمات التي يمكن أن تغضب واشنطن أو اسرائيل ومن بينها الحوار السياسي الشامل وملف الطاقة.. ولئن بدأ العد التنازلي لقمة باريس فان العواصم العربية المتوسطية بما فيها المغاربية تبدو بعيدة عن مرحلة التقدم نحو تجسيم مقررات القمم المغاربية والعربية والثنائية عن تحرير تنقل رؤوس الاموال والسلع والمسافرين أفقيا.. وهو ما يعني استحالة انجاح شراكة جهوية شاملة عموديا.. فعسى أن تبادر البلدان المغاربية والعربية أولا بالغاء العراقيل الادارية والقمرقية والامنية التي تحول دون قيام منطقة حرة جنوب جنوب.. وعسى أن تعطى الاولوية لتسجيم مقررات المجلس الاقتصادي العربي.. ومؤتمرات وزراء الاقتصاد المغاربيين.