السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    مصنف خطير محل 18 منشور تفتيش في قبضة الأمن.. #خبر_عاجل    أعلن المعهد الوطني للتراث عن اكتشاف أثري جديد بمدينة سبيبة من ولاية القصرين    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التوقعات الجوية لليوم السبت    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع ملفت لعدد العمليات في الفترة الأخيرة: أكثر من 55 ألف أسرة تشجّع أبناءها على «الحرقان»
نشر في الصباح يوم 09 - 10 - 2017

لا ‬يخفى ‬على ‬أحد ‬حجم ‬المآسي ‬التي ‬خلّفتها ‬محاولات ‬الهجرة ‬غير ‬الشرعية ‬أو ‬ما ‬اصطلح ‬على ‬تسميتها ‬بالهجرة ‬السريّة، ‬فالعديد ‬من ‬العائلات ‬التاعت ‬من ‬هذه ‬الظاهرة ‬إمّا ‬بسبب ‬الموت ‬عرض ‬البحر ‬أو ‬انقطاع ‬الأخبار ‬أو ‬السجن. ‬
فالآلاف ‬من ‬التونسيين ‬المهاجرين ‬غير ‬الشرعيين ‬ممن ‬تمّ ‬إنقاذهم ‬يعانون ‬الأمرين ‬وفق ‬العديد ‬من ‬التقارير ‬الإخبارية ‬الإعلامية ‬وأيضا ‬تقارير ‬ومتابعات ‬مكونات ‬المجتمع ‬المدني ‬العاملة ‬في ‬المجال، ‬فقلّة ‬قليلة ‬منهم ‬حالفهم ‬الحظّ ‬وواجهوا ‬مصيرهم ‬وتمكنوا ‬من ‬الحصول ‬على ‬وثائق ‬إقامة ‬رسمية، ‬لتبقى ‬عائلات ‬أخرى ‬تبحث ‬عن ‬خيط ‬أمل ‬وعن ‬أية ‬معلومة ‬تُخبرهم ‬عن ‬أوضاع ‬فلذات ‬الأكباد ‬إن ‬كانوا ‬على ‬قيد ‬الحياة ‬أم ‬لا. ‬
هذه ‬الظاهرة ‬قديمة ‬وأصبحت ‬أكثر ‬انتشارا ‬بعد ‬الثورة ‬حيث ‬عاش ‬التونسيون ‬على ‬وقع ‬صدامات ‬متتالية ‬بسبب ‬الأخبار ‬التي ‬تكاد ‬تكون ‬يومية ‬حول ‬غرق ‬مراكب ‬الموت ‬التي ‬تقلّ ‬وأقلت ‬العشرات ‬وأيضا ‬المئات ‬من ‬المهاجرين ‬غير ‬الشرعيين.‬
رغم ‬كلّ ‬هذا ‬ورغم ‬المآسي ‬التي ‬خلفتها ‬الهجرة ‬السريّة ‬إلاّ ‬أن ‬دراسة ‬ميدانية ‬أعدّها ‬المرصد ‬الوطني ‬للشباب ‬موفى ‬السنة ‬المنقضية ‬كشفت ‬أنّ ‬2% ‬من ‬الأولياء ‬يُشجّعون ‬أبناءهم ‬على ‬الهجرة ‬غير ‬القانونية.‬
وقد ‬أجريت ‬هذه ‬الدراسة ‬على ‬عيّنة ‬تتكون ‬من ‬1202 ‬شاب ‬مستجوب (‬من ‬فئة ‬18-‬30 ‬سنة) ‬موزعين ‬بين ‬63 % ‬ذكور ‬و37 % ‬إناث ‬يُضاف ‬إليهم ‬الأولياء ‬في ‬كلّ ‬حالة (‬نسبة ‬إجابة ‬لفئة ‬الأولياء ‬قُدّرت ‬ب97%)‬، ‬وتمّ ‬سحب ‬هذه ‬العينة ‬على ‬مختلف ‬ولايات ‬الجمهورية ‬وفق ‬قاعدة ‬‮«‬الكوتا‮»‬ ‬وبالاعتماد ‬على ‬بيانات ‬المسح ‬السكاني ‬لسنة ‬2014 ‬للمعهد ‬الوطني ‬للإحصاء. ‬
وتمحورت ‬الدراسة ‬الميدانية ‬حول ‬العديد ‬من ‬المجالات ‬من ‬بينها ‬مجال ‬الهجرة ‬غير ‬الشرعية، ‬وتُشير ‬بيانات ‬المسح ‬أنّ ‬93.‬5% ‬من ‬الشباب ‬المستجوب ‬لم ‬يهاجروا ‬من ‬قبل. ‬وتُمثّل ‬نسبة ‬الذكور ‬الذين ‬هاجروا ‬من ‬قبل ‬أكثر ‬من ‬نسبة ‬الإناث ‬في ‬الوسطين ‬البلدي ‬وغير ‬البلدي ‬مع ‬إقرارهم ‬بارتفاع ‬نسق ‬الهجرة ‬في ‬السنوات ‬الأخيرة ‬خصوصا ‬بعد ‬الثورة، ‬إذ ‬تبيّن ‬انّ ‬حوالي ‬19.‬6 % ‬من ‬الشباب ‬قد ‬هاجروا ‬سنة ‬2012 ‬و17.‬9 % ‬سنة ‬2014 ‬ويرجعون ‬ذلك ‬إلى ‬الظروف ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬والأمنية ‬التي ‬عاشتها ‬البلاد ‬في ‬تلك ‬الفترة.‬
ويعتبر ‬36 % ‬من ‬الشباب ‬أنّ ‬أهمّ ‬الأسباب ‬التي ‬دفعتهم ‬لمغادرة ‬البلاد ‬هي ‬بالأساس ‬مهنية ‬و32 % ‬عائلية. ‬في ‬حين ‬أنّ ‬نسبة ‬ضئيلة ‬منهم ‬سافرت ‬من ‬أجل ‬الدراسة، ‬وهو ‬ما ‬قد ‬يُرجع ‬إلى ‬استفحال ‬ظاهرة ‬البطالة ‬لدى ‬الشباب.‬
إلا ‬أنّ ‬هذه ‬الأسباب ‬تختلف ‬حسب ‬النوع ‬الاجتماعي، ‬فقد ‬كان ‬السبب ‬الأول ‬لمغادرة ‬42 % ‬من ‬الذكور ‬هو ‬البحث ‬عن ‬عمل، ‬في ‬حين ‬كانت ‬مغادرة ‬50 % ‬من ‬الإناث ‬في ‬إطار ‬ضرورة ‬التنقّل ‬العائلي. ‬وبالنظر ‬لمتغيّر ‬الوسط ‬تبيّن ‬أنّ ‬54.‬5% ‬من ‬الشباب ‬في ‬الوسط ‬غير ‬البلدي ‬هاجروا ‬من ‬أجل ‬الحصول ‬على ‬عمل ‬لائق، ‬في ‬حين ‬كان ‬سبب ‬الهجرة ‬بالنسبة ‬33.‬3 % ‬من ‬الشباب ‬في ‬الوسط ‬البلدي ‬بالأساس ‬عائلي.‬
وفي ‬التساؤل ‬عن ‬نسب ‬الرضا ‬على ‬الهجرة ‬عبّر ‬75 % ‬من ‬الشباب ‬بصفة ‬عامة ‬عن ‬رضاهم، ‬إلاّ ‬أنّ ‬جزءا ‬هامّا ‬من ‬أصيلي ‬الوسط ‬غير ‬البلدي ‬والبالغ %‬27.3 ‬هم ‬نادمون ‬على ‬هذه ‬التجربة، ‬وقد ‬ذكر ‬هؤلاء ‬الشباب ‬أنّ ‬العائلة ‬كانت ‬السبب ‬الرئيسي ‬لعودتهم.‬
وفي ‬هذا ‬السياق ‬أكّدت ‬نتائج ‬الدراسة ‬الميدانية ‬أنّ ‬الأولياء ‬ينخرطون ‬في ‬قبول ‬مبدإ ‬هجرة ‬أبنائهم ‬بطريقة ‬قانونية ‬بنسبة ‬49 % ‬دعما ‬لمصلحتهم، ‬لكن ‬الملفت ‬للانتباه ‬بروز ‬2 % ‬من ‬الأولياء ‬يُشجّعون ‬أبناءهم ‬على ‬الهجرة ‬غير ‬القانونية ‬علما ‬ان ‬عدد ‬الاسر ‬في ‬2014 ‬حسب ‬مسح ‬المعهد ‬الوطني ‬للإحصاء ‬قد ‬بلغ ‬مليونين ‬و713 ‬ألف ‬أسرة ‬مما ‬يعني ‬أن ‬أكثر ‬من ‬55 ‬ألف ‬أسرة ‬تشجع ‬الأبناء ‬على ‬الهجرة ‬غير ‬الشرعية. ‬
في ‬المقابل ‬أعرب ‬52 % ‬من ‬الشباب ‬عن ‬نيّتهم ‬الهجرة ‬مجدّدا، ‬وتتراوح ‬هذه ‬النسبة ‬بين ‬65 % ‬بالنسبة ‬للذكور ‬و41 % ‬للإناث. ‬ومن ‬الملفت ‬للنظر ‬أنّ ‬نسب ‬الرافضين ‬للهجرة ‬ومن ‬يريدون ‬خوض ‬هذه ‬التجربة ‬تبدو ‬متقاربة ‬في ‬الوسط ‬غير ‬البلدي، ‬حيث ‬بلغت ‬على ‬التوالي ‬48.‬8 % ‬و48.‬3 %. ‬بينما ‬عبّر ‬54.‬3 % ‬من ‬شباب ‬الوسط ‬البلدي ‬عن ‬رغبتهم ‬في ‬الهجرة.‬
وتُعدّ ‬الأوضاع ‬الاقتصادية ‬وانعدام ‬فرص ‬العمل ‬من ‬أهمّ ‬أسباب ‬الهجرة، ‬ممّا ‬جعل ‬15 % ‬من ‬هؤلاء ‬الشباب ‬يقبلون ‬عليها ‬حتى ‬وإن ‬كانت ‬دون ‬تأشيرة. ‬
مهدي ‬المبروك ‬ل«الصباح ‬الأسبوعي‮»‬:‬ الهجرة ‬غير ‬الشرعية ‬تحولت ‬إلى ‬مشروع ‬عائلي ‬للمقامرة ‬بأرواح ‬الأبناء
أفاد ‬الأستاذ ‬الجامعي ‬مهدي ‬المبروك ‬في ‬تصريح ‬ل»الصباح ‬الأسبوعي ‬‮«‬أنّ ‬‮«‬أكثر ‬من ‬نصف ‬العائلات ‬التونسية ‬تقريبا ‬منخرطة ‬ومتبنية ‬لمشروع ‬الهجرة ‬السريّة، ‬وقد ‬ضمّنت ‬ذلك ‬بكتاب ‬أصدرته ‬تحت ‬عنوان ‬‮«‬شراع ‬وملح‮»‬ ‬سنة ‬2011.‬
وأوضح ‬المبروك ‬أنّ ‬‮«‬بناء ‬هذا ‬المشروع ‬العائلي ‬قائم ‬على ‬ثلاث ‬مسائل ‬وهي ‬تداول ‬المعلومة ‬حول ‬موضوع ‬الحرقة، ‬وأيضا ‬على ‬الدعم ‬النفسي ‬والتشجيع ‬على ‬الهجرة ‬السريّة ‬وأخيرا ‬عبر ‬التمويل، ‬وقد ‬يكون ‬المقصود ‬من ‬نسبة ‬2% ‬التي ‬أصدرها ‬المرصد ‬الوطني ‬للشباب ‬من ‬انخراط ‬الأسر ‬هو ‬التمويل ‬فحسب، ‬في ‬حين ‬أنّه ‬في ‬كتابي ‬تناولت ‬كلّ ‬ما ‬يهمّ ‬دعم ‬المشروع ‬برمّته‮»‬.‬
ويرُجع ‬مهدي ‬المبروك ‬تفشي ‬هذه ‬الظاهرة ‬إلى ‬أنّ ‬‮«‬رهان ‬العائلة ‬على ‬التعليم ‬بأنّه ‬سيكون ‬مصعدا ‬لهم ‬للارتقاء ‬بمستوى ‬معيشتهم ‬وظروفهم ‬الاقتصادية، ‬تقريبا ‬قد ‬انهار ‬ولم ‬يعُد ‬قائما‮»‬. ‬
وأضاف ‬‮«‬لذلك ‬يقع ‬التعويل ‬على ‬الهجرة ‬لإنقاذ ‬العائلة ‬والشباب ‬وبالتالي ‬لم ‬يعُد ‬مشروعا ‬فرديا ‬وإنّما ‬أصبح ‬مشروعا ‬عائليّا ‬يستثمرون ‬فيه ‬ويُقامرون ‬من ‬خلاله ‬بأرواح ‬أبنائهم‮»‬. ‬
وأوضح ‬المبروك ‬أنّ ‬‮«‬الدولة ‬هنا ‬تتحمّل ‬المسؤولية ‬في ‬هذا ‬الوضع ‬لأنّها ‬فشلت ‬في ‬طرح ‬إصلاحات ‬من ‬شأنها ‬أن ‬تمنح ‬للشباب ‬مشروعا ‬حياتيا ‬وتنمويا ‬بسبب ‬إخفاق ‬السياسات ‬العمومية‮»‬ .‬‬
مسعود ‬الرمضاني ‬ل«الصباح ‬الأسبوعي‮»‬: ‬ لا ‬لوم ‬على ‬العائلات ‬المنخرطة ‬في ‬الهجرة ‬السرية ‬
أكّد ‬رئيس ‬المنتدى ‬التونسي ‬للحقوق ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬مسعود ‬الرمضاني ‬ل»الصباح ‬الأسبوعي‮»‬ ‬أنّه ‬‮«‬لم ‬يعُد ‬من ‬المستغرب ‬تشجيع ‬العائلات ‬لأبنائهم ‬على ‬الهجرة ‬السريّة ‬في ‬ظلّ ‬الظروف ‬الصعبة ‬التي ‬تمرّ ‬بها ‬البلاد ‬وانتشار ‬البطالة‮»‬.‬
وقال ‬الرمضاني ‬‮«‬في ‬الدراسة ‬التي ‬أعدّها ‬المنتدى ‬سنة ‬2012 ‬لاحظنا ‬أنّه ‬عادة ‬من ‬يشجّع ‬على ‬الهجرة ‬هو ‬العائلات ‬التي ‬تضمّ ‬أبناء ‬عاطلين ‬عن ‬العمل، ‬ما ‬يؤثر ‬على ‬بقية ‬أفراد ‬العائلة ‬خاصة ‬المزاولين ‬للتعليم ‬فيجنحون ‬إلى ‬الانقطاع ‬بسبب ‬انعدام ‬الأفق ‬في ‬نظرهم‮»‬.‬
وأضاف ‬رئيس ‬المنتدى ‬التونسي ‬للحقوق ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬أنّ ‬‮«‬المؤكّد ‬أنّ ‬الأولياء ‬الذين ‬يُشجّعون ‬أبناءهم ‬حتى ‬على ‬الهجرة ‬غير ‬الشرعيّة ‬يستندون ‬في ‬ذلك ‬إلى ‬معطى ‬اجتماعي ‬مهمّ ‬ألا ‬وهو ‬انتشار ‬البطالة ‬في ‬صفوف ‬الشباب ‬وأصحاب ‬الشهائد ‬العليا، ‬إلى ‬جانب ‬العبء ‬الكبير ‬الذي ‬أصبح ‬هؤلاء ‬العاطلون ‬سواء ‬كانوا ‬إناثا ‬أو ‬ذكورا، ‬فلم ‬تعد ‬لديهم ‬خيارات ‬رغم ‬المخاطر ‬المؤكّدة‮»‬.‬
وبيّن ‬مسعود ‬الرمضاني ‬أنّ ‬‮«‬جلّ ‬الشباب ‬ممن ‬يرغبون ‬في ‬الهجرة ‬ويسعون ‬حتى ‬إلى ‬الهجرة ‬غير ‬شرعية ‬يؤكدون ‬دائما ‬أنّه ‬حتى ‬لو ‬هناك ‬أمل ‬ب10% ‬للنجاة ‬وتحقيق ‬الحلم ‬وأنّ ‬هناك ‬موتا ‬مؤكدا ‬بنسبة ‬90% ‬، ‬فإننا ‬سنختار ‬النسبة ‬الضئيلة ‬من ‬الأمل‮»‬. ‬
وقال ‬إنّ ‬‮«‬أسوأ ‬الأمور ‬هو ‬فقدان ‬الأمل ‬لغياب ‬أيّ ‬أفق ‬لمشاكل ‬البطالة ‬التي ‬لن ‬تُحلّ ‬حتى ‬على ‬مدى ‬15 ‬أو ‬20 ‬سنة ‬إلى ‬جانب ‬غلاء ‬المعيشة ‬وتدهور ‬الوضع ‬الاجتماعي ‬والاقتصادي‮»‬ ‬وأضاف ‬‮«‬لذلك ‬أعتقد ‬أنّ ‬للعائلات ‬مبرّراتها ‬وأسباب ‬للانخراط ‬في ‬التشجيع ‬على ‬الهجرة ‬غير ‬الشرعية ‬باعتبار ‬أنّ ‬المستقبل ‬القريب ‬غير ‬مضمون‮»‬. ‬
وأفاد ‬رئيس ‬المنتدى ‬التونسي ‬للحقوق ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬‮«‬لاحظنا ‬في ‬المنتدى ‬من ‬خلال ‬عمليات ‬الرصد ‬أنّ ‬هناك ‬ثلاث ‬ظواهر ‬نعيشها ‬متزامنة ‬في ‬تونس ‬وهي ‬ظاهرة ‬العنف ‬والانتحار ‬والهجرة ‬السريّة ‬والتي ‬تعود ‬أسبابها ‬إلى ‬الظروف ‬الصعبة ‬التي ‬نمرّ ‬بها ‬إلى ‬جانب ‬عدم ‬وضوح ‬الرؤية ‬في ‬سياسات ‬الحكومة، ‬وبالتالي ‬لا ‬يمكن ‬توجيه ‬اللوم ‬إلى ‬هذه ‬العائلات ‬ولا ‬الفئات ‬الشبابية‮»‬. ‬
في ‬9 ‬أشهر ‬: تطور ‬عدد ‬النساء ‬‮«‬الحارقات‮»‬ ‬بمن ‬فيهن ‬الحوامل ‬من ‬1 % ‬إلى ‬5 % ‬
أحبط ‬الحرس ‬الوطني ‬في ‬أقلّ ‬من ‬تسعة ‬أشهر ‬164 ‬عملية ‬اجتياز ‬نحو ‬إيطاليا ‬وذلك ‬منذ ‬بداية ‬سنة ‬2017 ‬إلى ‬حدود ‬5 ‬أكتوبر ‬الجاري، ‬وقد ‬تمّ ‬خلال ‬هذه ‬الفترة ‬القبض ‬على ‬1652 ‬شخصا ‬منهم ‬1384 ‬تونسيا ‬وإيقاف ‬75 ‬من ‬منظمي ‬هذه ‬العمليات. ‬
علما ‬وأنّه ‬خلال ‬شهر ‬سبتمبر ‬الماضي ‬فقط ‬تمّ ‬إحباط ‬58 ‬عملية ‬اجتياز ‬أي ‬بنسبة ‬أكثر ‬من ‬35% ‬من ‬العدد ‬الجملي ‬للعمليات ‬ومن ‬ثمّة ‬القبض ‬على ‬866 ‬حارقا ‬منهم ‬627 ‬تونسيا ‬أي ‬ما ‬يفوق ‬45 % ‬من ‬عدد ‬التونسيين ‬الموقوفين ‬خلال ‬9 ‬أشهر. ‬والملفت ‬للانتباه ‬أنّ ‬نسبة ‬النساء ‬‮«‬الحارقات‮»‬ ‬في ‬نفس ‬هذه ‬الفترة ‬من ‬السنة ‬الحالية ‬بلغت ‬5% ‬لترتفع ‬بأربع ‬نقاط ‬مقارنة ‬بسنة ‬2016 ‬حيث ‬سجّل ‬الحرس ‬الوطني ‬1% ‬من ‬النساء ‬اللاتي ‬حاولن ‬اجتياز ‬حدود ‬الوطن ‬في ‬اتجاه ‬إيطاليا ‬السنة ‬المنقضية. ‬والجدير ‬بالملاحظة ‬أن ‬عدد ‬عمليات ‬‮«‬الحرقة‮»‬ ‬ارتفع ‬بين ‬سنتي ‬2016 ‬و2017، ‬إذ ‬أحبط ‬الحرس ‬الوطني ‬خلال ‬السنة ‬الماضية ‬102 ‬عملية ‬اجتياز ‬في ‬اتجاه ‬إيطاليا ‬وتمّ ‬أثناءها ‬إيقاف ‬1035 ‬‮«‬حارق‮»‬ ‬منهم ‬938 ‬تونسيا ‬ومسك ‬49 ‬من ‬منظمي ‬هذه ‬العمليات. ‬كما ‬تمّ ‬خلال ‬نفس ‬الفترة ‬حجز ‬31 ‬مركبا: ‬19 ‬زورقا ‬وأربع ‬بواخر ‬تجارية. ‬و ‬قد ‬أكد ‬الناطق ‬الرسمي ‬باسم ‬الحرس ‬الوطني ‬خليفة ‬الشيباني ‬خلال ‬اللقاء ‬الإعلامي ‬الشهري ‬أنّ ‬محاولات ‬اجتياز ‬الحدود ‬خلسة ‬تُعد ‬عمليات ‬اتجار ‬بالبشر ‬ويُعاقب ‬عليها ‬القانون.‬
فشل ‬النماذج ‬التنموية ‬أدى ‬إلى ‬استشراء ‬ظاهرة ‬الهجرة ‬السرية
اعتبر ‬الأمين ‬العام ‬للاتحاد ‬التونسي ‬للشغل ‬نورالدين ‬الطبوبي ‬أنّ ‬‮«‬ ‬سبب ‬استشراء ‬ظاهرة ‬الهجرة ‬السرية ‬هو ‬فشل ‬النماذج ‬التنموية ‬في ‬بلدان ‬جنوب ‬المتوسّط ‬وجنوب ‬الصحراء ‬التي ‬أفرزت ‬مئات ‬الآلاف ‬من ‬العاطلين ‬عن ‬العمل ‬وخلّفت ‬الفقر ‬والحرمان ‬وولّدت ‬الحيرة ‬واليأس‮»‬.‬
وأكّد ‬الطبوبي ‬في ‬كلمته ‬يوم ‬الجمعة ‬الفارط ‬خلال ‬الندوة ‬التكوينية ‬لمنسّقي ‬الشبكة ‬النقابية ‬حول ‬‮«‬الهجرة ‬ببلدان ‬جنوب ‬الصحراء ‬والبلدان ‬المتوسطية ‬التي ‬انتظمت ‬أيام ‬6و7و8 ‬أكتوبر ‬الجاري، ‬أنّ ‬‮«‬تنامي ‬الكراهية ‬والعنصرية ‬في ‬بلدان ‬شمال ‬المتوسّط ‬والتي ‬استهدفت ‬و ‬مازالت ‬المهاجرين ‬في ‬كرامتهم ‬و ‬استقرارهم ‬واستقرار ‬عائلاتهم ‬وفي ‬حقوقهم ‬الأساسية ‬و ‬أمنهم ‬،وتحمّلنا ‬جميعا ‬كنقابات ‬أوروبية ‬ومتوسطية ‬وإفريقية ‬مسؤوليات ‬اجتماعية ‬ومجتمعية ‬تجاه ‬هذه ‬الفئة ‬البشرية ‬ذات ‬الاحتياجات ‬الخصوصية‮»‬.‬
وأضاف ‬أنّ ‬هذه ‬الوضعيات ‬‮«‬تضعنا ‬أمام ‬واجبات ‬ومهام ‬عاجلة ‬وآجلة ‬منها ‬بالخصوص ‬الدفع ‬في ‬اتّجاه ‬إعادة ‬النظر ‬في ‬بعض ‬الاتفاقيات ‬الدولية ‬حول ‬الهجرة، ‬وممارسة ‬الضغط ‬على ‬حكوماتنا ‬من ‬أجل ‬مراجعة ‬تلك ‬الاتفاقيات ‬على ‬قاعدة ‬الإنصاف ‬ووفق ‬منطق ‬حقوقي ‬أكثر ‬احتراما ‬للذات ‬البشرية. ‬هذا ‬علاوة ‬على ‬العمل ‬من ‬أجل ‬مراجعة ‬بعض ‬الاتفاقيات ‬الثنائية ‬الخاصة ‬بالهجرة ‬لتكون ‬أكثر ‬تكريسا ‬للحماية ‬ولمبدإ ‬المساواة ‬وإطارا ‬مرجعيا ‬فعّالا ‬في ‬مجال ‬الحفاظ ‬على ‬حقوق ‬المهاجرين ‬أينما ‬تواجدوا ‬في ‬بلدان ‬الشمال ‬كما ‬في ‬بلدان ‬الجنوب.‬‮»‬
وقال ‬‮«‬إنّنا ‬لا ‬نشكّ ‬في ‬أنّ ‬ما ‬تقوم ‬به ‬الشبكة ‬وما ‬تعتزم ‬القيام ‬به ‬من ‬مجهودات ‬لتنسيق ‬المواقف ‬وفهم ‬الإشكاليات ‬المرتبطة ‬بالهجرة ‬ولتنمية ‬قدراتها ‬وتحسين ‬أدائها ‬في ‬مجال ‬التعبئة ‬والتأطير ‬وبناء ‬التحالفات ‬مع ‬المجتمع ‬المدني ‬محليّا ‬ودوليّا ‬إنّما ‬يندرج ‬في ‬سياق ‬المسعى ‬الدولي ‬العام ‬من ‬أجل ‬بلورة ‬‮«‬ميثاق ‬عالمي ‬من ‬أجل ‬الهجرة ‬الآمنة ‬والمنظّمة ‬والمنتظمة‮»‬ ‬المزمع ‬اعتماده ‬خلال ‬سنة ‬2018 ‬ليكون ‬وثيقة ‬أممية ‬مرجعية ‬في ‬مجال ‬الحوكمة ‬الدولية ‬لمسألة ‬الهجرة‮»‬.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.