سجلت تونس خلال الشهر الحالي أول إصابة بشرية بداء الكلب أدت إلى وفاة شاب يبلغ من العمر34سنة بولاية القصرين. تعد هذه الحالة الأولى المصرح بها سنة2017، بعد ان ظلت الحصيلة سلبية طوال الأشهر المنقضية، وكان الأمل قائما في ان تتوج السنة الحالية دون وفيات بشرية على غرار سنوات 1985و2001و2009، التي لم تعرف أية حالة وفاة. لكن تسجيل هذه الإصابة يقلص من منسوب أمل بلوغ هذا الهدف هذه السنة وسط تطلع للمحافظة على استقرار الحصيلة الحالية إلى موفى العام. وطبقا لما أفادنا به مدير عام المصالح البيطرية بوزارة الفلاحة فإن فريقا صحيا مشتركا مع وزارة الصحة يتوقع تحوله إلى مقر سكنى عائلة الشاب للتحري من أسباب عدم تلقيه للعلاج إثر تعرضه لعضة الكلب خاصة ان التكفل العلاجي مجاني ومتوفر. كما سيبحث الفريق أسباب عدم تلقيح الكلب مصدر العدوى، بما يساعد على فهم ملابسات هذه الحالة والعمل على دعم برامج التوعية الوقائية والعلاجية. وتعكس الوضعية الراهنة مدى الحاجة لترسيخ ثقافة التعامل مع هذا المرض قبل الإصابة وبعدها خاصة أن التعافي من داء الكلب متاح عند الإسراع بمعالجته. وعدم الاستهانة بنوع أي عضة مهما كانت سطحية أو بسيطة حتى لا تتطور إلى الموت. وقبل كل ذلك يتعين تعزيز جهود مكافحة الداء قبل انتشاره عبر استهداف عوامل ظهوره والسيطرة عليها بالتصدي للكلاب السائبة ودعم التغطية التلقيحية لها. يذكر ان السنة الماضية سجلت 3حالات وفاة بشرية و6 حالات خلال سنة 2015، وفق ما تم الإعلان عنه مؤخرا على هامش اليوم العالمي لمكافحة داء الكلب الموافق ليوم28سبتمبر من كل سنة، وقد انتظمت فعالياته تحت شعار «داء الكلب قاتل،،التلقيح هو الحل». رغم التحسن النسبي المسجل على مستوى العناية بالمحيط فإن مظاهر التلوث والتدهور البيئي وانتشار الفضلات داخل الأحياء السكنية لا تزال قائمة، وتمثل الكلاب السائبة خطرا داهما وهاجسا مرعبا للمارة، بالنظر لخطورة داء الكلب الذي تحذر منه الدوائر الصحية والبيطرية وتدعو إلى مكافحته عبر انخراط المواطنين أصحاب هذه الحيوانات في عمليات التلقيح المجانية الموضوعة على ذمتهم بمراكز مخصصة بالمندوبيات الجهوية للفلاحة. ومن المنتظر مزيد تدعيم هذه المراكز بفضاءات بلدية توفر خدمة التلقيح على مدار السنة. وتعد بلدية مدينة تونس سباقة في هذا المجال بفتح مركز بالعاصمة منذ مطلع الشهر الجاري، لتقديم هذه الخدمة بصفة مجانية، وتلقيح أكبر عدد من الحيوانات بما يعزز الوقاية من داء الكلب الحيواني والبشري، بالتوازي مع تواصل حملات التلقيح المنتظمة التي تشرف عليها المصالح البيطرية بوزارة الفلاحة. مع الإشارة إلى ان عدد الإصابات الحيوانية بلغت 366حالة سنة 2016 و405 سنة 2015، ورغم الجهود المبذولة والتحسن النسبي المسجل تبقى الأرقام مرتفعة ومزعجة تستوجب مزيد العناية بالمحيط وبنسبة التغطية عبر التلقيح وتكثيف الوعي بنظافة البيئة ودعم عمليات مقاومة الكلاب والقطط السائبة والحد من تكاثرها. وتعتبر وزارة الفلاحة القضاء على داء الكلب هدفا متاحا من خلال تكثيف وسائل السيطرة عليه بواسطة عمليات تلقيح الحيوانات من قطط وكلاب، خاصة أن التلاقيح متوفرة، وفي هذا الإطار تجدد الإدارة العامة للمصالح البيطرية بالوزارة دعوتها إلى أصحاب هذه الحيوانات المبادرة بتلقيحها باعتبار الوقاية الحل الأمثل لمكافحة الداء.