خميس الماجري لصالح الفرزيط ..."ثبتلي روحك شيعي والا لا"    مدنين: الشركة الجهوية للنقل بمدنين تشرع في استغلال خطوط صيفية ضمن برنامج ذي بًعد اجتماعي    بن عروس: حصاد أكثر من 90 بالمائة من مساحات القمح وتوقعّات باستكمال تجميع محصول الشعير خلال الأيام القليلة القادمة    فيديو تهاطل الأمطار على كميات من الحبوب: غرفة مجمّعي الحبوب توضّح.. #خبر_عاجل    ملتقى التشيك الدولي لبارا ألعاب القوى: النخبة التونسية ترفع رصيدها الى 5 ذهبيات وفضيتين    الاتحاد المنستيري يعلن منتصر الوحيشي مدربًا جديدًا ويكشف عن التركيبة الكاملة للجهاز الفني    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    هالة بن سعد مديرة للمركز الوطني لفن العرائس    ترتيب تونس ضمن مؤشر تقديم الخدمات العامة في إفريقيا.. #خبر_عاجل    جريمة بشعة في القيروان: تفاصيل صادمة حول اقتلاع عيني زوجة بسبب ''كنز مزعوم''    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    غزّة: الناس يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدّة الجوع.. #خبر_عاجل    سرقة اثار: الحرس الوطني يلقي القبض على 4 أشخاص ويحجز سيارتين بمكثر    عاجل - وزارة الداخلية : 3300 عون مؤجّر معنيون بتسوية وضعياتهم بعد منع المناولة    برنامج التأهيل الصناعي مكن من استثمار 14 مليار دينار في أكثر من 5000 مشروع    مرض السكرّي يقلّق برشا في الليل؟ هاو علاش    تخدم الكليماتيزور كيف ما جا؟ هاو وين تغلط وشنوّة الصحيح باش ترتاح وتوفّر    باش تمشي تعوم؟ شوف البحر شنو حالتو في الويكاند    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    الرحلة الجزائرية الاصدار الجديد للكاتب محمود حرشاني    نقابي تونسي بايطاليا يدعو إلى تثبيت حصة قارّة لتونس في برنامج تشغيل العمال المهاجرين    قبلي: نجاح أوّل عمليّة جراحية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    السجن 16 سنة لرجل الأعمال شفيق جراية بعد تفكيك القضايا الأربع المرفوعة ضده    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    ما مصير المتحصلين على معدل 14 في مناظرة "السيزيام" هل سيشملهم الالحاق بالمدارس النموذجية..؟!    مروع: يقتل ابنه ضربا وصعقا بالكهرباء…!    "حماس": نناقش مع الفصائل الفلسطينية مقترح وقف إطلاق النار    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    في قضية ذات صبغة إرهابية: محاكمة الرئيس السابق للنقابة الوطنية لإطارات وأعوان العدلية حطاب بن عثمان وتأجيل النظر إلى أكتوبر    إصابات جرّاء انفجار هائل بمحطة وقود في روما    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    عاجل/ اختراق استخباراتي إسرائيلي داخل ايران يكشف مفاجآت..!    إيران تعيد فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الداخلية والخارجية والترانزيت..#خبر_عاجل    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    نحو اقرار تخفيضات في المطاعم السياحية للتوانسة وولاد البلاد...تعرف على التفاصيل    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    رد بالك تغلط وتخلي الشبابك ''محلول'' في هذا الوقت ... الصيف هذا ما يرحمش!    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    .. الجزائري بلايلي يستفز الفرنسيين بعد حادثة الطائرة    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص اضراب الأطباء الشبان..وهذه التفاصيل..    طقس اليوم: الحرارة في تراجع طفيف    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يكشفها واقعنا اليومي.. الأخلاقيات المهنية تتبدد تحت سلطان المال
نشر في الصباح يوم 21 - 10 - 2017

يفترض وجود مهن وبعض من القطاعات تحتكم إلى واعز الأخلاقيات المهنية أو الضمير المهني بما يجعلها خطا أحمر أو صمام أمان أمام سلطان المال وإغراءاته، غير أن واقعنا اليومي ومن خلال بعض الوقائع يكشف اننا أبعد بكثير عن ذلك مما يطرح سؤالا ملحا: هل تبددت الأخلاقيات المهنية تحت سطوة المال؟ وهل أن المال وإغراءاته كفيل بأن يزعزع القناعات والمبادئ حتى وان كان ذلك على حساب صحة وسلامة المواطن؟
في مقال له حمل عنوان «ميثاق أخلاقيات مهنة الطب والطبيب والإجرام والإرهاب»، عرّف الدكتور فاروق الشعبوني، استشاري صدرية وحساسية، مهنة الطب على أنها صناعة نبيلة وشريفة ومن هذا المنطق يجب على كل من يتعاطى هذه المهنة أن يتحلى بأخلاق عالية وسامية معتبرا أن أبقراط الذي يُعتبر أبا الأطباء تفطن إلى خاصية هذه المهنة، فوضع قسما لصون شرف هذه الصناعة. وبهذا القسم يتعهد كل طبيب قبل ممارسة الطب أن يكون ذا أخلاق عالية، ولا يزال هذا القسم ساري المفعول إلى يومنا هذا. ولكن يبدو من خلال واقعنا أن هذا القسم قد دخل طي النسيان امام هاجس الربح المادي..
كشفت مؤخرا إدارة الشرطة العدلية بتونس المدينة قيام طبيب يعمل بأحد المستشفيات العمومية بعمليات إجهاض غير قانونية ويعمد إلى التخلّص من الأجنة داخل وعاء يقوم برميه بسبخة بالعاصمة..
وأفاد الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري تونس المدينة طارق الباجي في تصريح لإذاعة «موزاييك أف أم» أن الطبيب كان في البداية يجري عمليات الإجهاض داخل شقق بجهة المنار وحي الخضراء يقوم بتأجيرها للغرض، قبل أن يحوّل نشاطه المشبوه إلى المستشفى الذي يباشر به عمله خوفا من اكتشاف جرائمه.
وقد اعترف الطبيب خلال التحقيقات معه انه يتقاضى عن كل عملية اجهاض مبالغ تتراوح بين 400 و1500 دينار، كما أكّد لجوء عدد من الأطباء الآخرين إلى القيام بعمليات اجهاض غير قانونية بالأسلوب ذاته، معترفا في ذات السياق بأنّه تعوّد القيام بهذه العمليات منذ سنة ونصف، علما أنّه يمارس مهنة الطب منذ حوالي 25 سنة.
انعدام الواعز الأخلاقي..
وبالتوازي مع هذه الحادثة هناك حوادث أخرى لا تقل أهمية تجسد حالة انعدام الأخلاقيات المهنية في قطاعات حيوية على غرار ما حصل في أوت 2016 حين تم توجيه شكاية قضائية إلى وكيل الجمهورية لمتابعة المصحات والأطباء المتورطين في عمليات زرع لوالب طبية منتهية الصلوحية. الى جانب الارهاب الغذائي الذي نعيش على وقعه يوميا، يفترض ان يكون الناشطون في هذه المجالات اكثر الاشخاص مؤتمنين على صحة وسلامة المواطن ومع ذلك نعيش على وقع منتوجات فاسدة من لحوم ومشتقاتها وغيرها من المواد الاستهلاكية الاساسية الفاسدة غزت اسواقنا، وهو ما يؤكده تصريح المكلّف بالإعلام بوزارة التجارة والصناعة منعم البكاري الذي اورد في تصريح اعلامي سابق لموقع «جيل» إن «تونس دخلت وللأسف إلى جانب الإرهاب المسلّح في الجبال مرحلة الإرهاب الغذائي من خلال انتشار مجموعات «مستكرشة» ترغب في تحقيق الرّبح المادي والثراء السريع على حساب سلامة المواطن»..
وللأسف فان انعدام الأخلاقيات المهنية لا يقف عند هذه المجالات وانما يتجاوزها الى قطاعات اخرى يفترض ان اخلاقيات المهنة هي الفيصل فيها على غرار قطاع المحاماة الذي يشهد بدوره عمليات تحيل وفقا لما تؤكده في هذا الجانب بعض الشهادات، هذا دون أن نتغافل عن معضلة الدروس الخصوصية حيث يعمد بعض الأساتذة إلى استغلال التلاميذ بإجبارهم على اخذ دروس خصوصية ليبقى هاجس الجميع هو تحقيق ربح مادي كلف ذلك ما كلف.
في تشخيصه لهذه المعضلة يشير ممدوح عز الدين الباحث في علم الاجتماع في تصريح ل «الصباح» أننا نعيش فترة انتقالية على امتداد سبع سنوات وهي فترة تتسم بتحول المجتمع وتحول القيم ومع هذا فقد شهدت هذه الفترة غياب مشروع مجتمعي واضح وهو ما ولد حالة من الارتباك أي حالة أنومية: أي أن المجتمع يعيش فوضى في القيم وهو ما أسفر عن نوع من التراخي في قيام بعض مؤسسات الدولة بعملها.
وفسر المتحدث في هذا الشأن أن الدولة في فترة الاستبداد كانت تضع جميع الأجهزة تحت الرقابة وكل التجاوزات التي كانت تقع كانت محل موافقة من قبل السلطة أما اليوم فإننا نشهد تفككا في المؤسسات الاجتماعية ونوعية من فوضى القيم وفوضى المرجعيات الأخلاقية مع غياب النمط الاستهلاكي السليم.
فقدان للبوصلة
وأورد عزالدين في هذا الشأن أن الثقافة الاستهلاكية التي أصبحت سائدة مرجعها المنفعة والربح المادي الذي لا يستند إلى مرجعية ثقافية أو أخلاقية وإنما يستند إلى مرجعيات السوق التي تحتكم إلى منطق الربح والخسارة. وفسر المتحدث أنه وإزاء ما نشهده اليوم من فوضى للقيم تصاعدت الفردانية في ظل تفشي جملة من العوامل على غرار فقدان العائلة لسلطتها على افرداها إلى جانب تفشي نوع من التفكك في مؤسسات التنشئة الأولية فضلا عن ارتكاز الأحزاب إلى نوع من السجال السياسي إلى خطاب يتراوح بين الوهم والإحباط وغياب للأمل الذي يشجع الشباب. وهو ما يكشف فعلا عن وجود أزمة قيم تعود إلى التحولات الجزئية التي حدثت ونتيجة الثقافة الاستهلاكية القائمة على المنفعة. واعتبر المتحدث أن ذلك يعود إلى غياب ثقافة الردع وتراخي الدولة في تطبيق القانون الأمر الذي ساهم في انتشار الظواهر غير الأخلاقية ليخلص المتحدث إلى القول بان مجتمعنا إلى حد اللحظة يفتقد إلى بوصلة تحدد اتجاهه في ظل وجود أزمة قيم تحتكم إلى جملة من المستويات على غرار تراجع قيمة العمل وفضلا عن ارتفاع المطلبيّة التي يقابلها تراجع قيمة العلم والمعرفة والاهم من ذلك تراجع معطى «القدوة» أو المثال الذي يحتذى به وهو ما انجر عنه فوضى أخلاقية طالت كل القطاعات والتي لا بد من مواجهتها من خلال تطبيق صارم للقانون.
في هذا الخضم يبدو أن المسؤولية مشتركة فالجميع مدعوون من حكومة ومختلف هياكل الدولة وأحزاب وإعلام والمجتمع المدني إلى غرس ثقافة القيم والأخلاقيات المهنية وأهمية الضمير المهني كعامل اساسي يسهم في الارتقاء بالأمم والشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.