الاستغلال والانتهاك الذي تتعرض له عاملات الفلاحة على امتداد السنين، يبدو انه مسالة شارفت ان تدخل في سياق التطبيع العام مع القضايا الاجتماعية التي تواصل الحكومات اهمالها والتغافل عن معالجتها ولا يتفاعل معها المجتمع المدني الا في السياق الظرفي والمناسباتي.. تجاوز صارخ في حق حوالي 80 % من العاملين في القطاع الفلاحي يطفو بصفة دورية على سطح اولويات الاعلام وتصريحات الساسة بمجرد نشر صور لحادث مرور ذهبت ضحيته عاملة او عاملتان او اكثر خلال نقلهن ب»شاحنات الموت» التي تمر بصفة يومية امام وحدات الامن المنتشرة على الطريق العام.. صور يتم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي وتنتهي قصتها بالتقادم.. هذا الاسبوع كان مسرحا لأكثر من قصة لعاملات الفلاحة فبعد حادث منطقة الشوامخ من معتمدية سيدي عمر بوحجلة بالقيروان وأسفر عن إصابة أكثر من 30 امراة، تاتي قصة الصورة الفوقية لعاملات بنزرت وهن «مكدسات» في مجرورة شاحنة من الحجم الكبير.. فلاحات ليس لهن أي سجل مهني في مؤسسات الدولة تعمل 94 % منهن دون عقود عمل بينته دراسة لجمعية حواء على عينة من فلاحات الرقاب وحتى مع وجود الاطار القانوني وصدور الاتفاقية المشتركة الاطارية في القطاع الفلاحي، تواصل السلطة التنفيذية التغافل عن مسالة الرقابة اين تؤكد وتنبه مختلف الدراسات الرسمية منها (وزارة المراة ووزارة الشؤون الاجتماعية) والصادرة عن المجتمع المدني (جمعية النساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية) ان القاصرات يمثلن تقريبا 20% من اليد العملة داخل الضيعات وان بين 70و90 % من عاملات الفلاحة تختلف النسبة حسب الجهة والانتهاك يكون اعمق في مدن الشمال الغربي والوسط لا يتمتعن بتغطية اجتماعية ولا بعطلة اسبوعية خالصة الاجر ولا بعطلة امومة وعموما تكون اجورهن دون الاجر الادنى المضمون بالقطاع الفلاحي.. ويعملن بين 10 و12 ساعة يوميا.. مشهد اعتبره مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية «مخز للدولة» ينقل صورة قطاع مهمش الفلاحة ليس للدولة رغبة ولا ارادة لتحسين ظروف العمل فيه.. واشار في نفس الاطار الى ان المجتمع المدني نبه في اكثر من مناسبة الى خطورة ما يقع في القطاع.. ودعا الى العمل على الاقل على تحسين ظروف نقل عاملات الفلاحة بشكل لائق يمنع عنهم خطر الموت المحدق الذي يتربص بهن كل صباح.. وذكّر الرمضاني بان الانتهاكات والاستغلال الذي تتعرض له النسوة العاملات في القطاع الفلاحي يتنزل كعنوان كبير داخل احد ابرز اشكال العنف المسلط على المراة وهو العنف الاقتصادي.. مضيفا ان حادث القيروانوبنزرت لن يكونا الاخيرين مادام تناول معضلة عاملات الفلاحة مازال على حاله لا يخضع لاي نوع من الرقابة مهمل من قبل الحكومات وليس هناك ارادة حقيقة من الهياكل المعنية وزارة المراة ووزارة الشؤون الاجتماعية لتغييره او الحد منه. تجدر الاشارة الى ان رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد بين ان حوادث المرور التي تتعرض لها عاملات الفلاحة خلال سنة 2016 اسفرت عن وفاة 107 عاملة. ◗ ريم سوودي دراسة تظهر دراسة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تدني اجور النساء العاملات في القطاع الفلاحي مقارنة بالرجال، فحوالي 90 بالمائة من النسوة يؤكدن أنهن يتقاضين أجورا اقل من الرجال فيما تفيد 60 بالمائة منهن ان الفارق يتجاوز ثلث الأجر في حين تعتبر17 بالمائة منهن ان اجر الرجال مضاعف مقارنة بأجورهن.