يشهد سوق السيارات في تونس في الآونة الأخيرة تغيرات كبيرة ليست على مستوى العرض والطلب هذه المرة بل على مستوى أسعار البيع التي عرفت ارتفاعا غير مسبوق بنسبة تصل إلى 26 % بالنسبة للأورو و22 % بالنسبة للدولار بين سنتي 2016 و2017. وفسرت غرفة وكلاء ومصنعي السيارات في بلاغ لها ذلك بما يشهده نشاط توزيع معدات النقل البري الموردة أو المصنعة محليا منذ مطلع سنة 2017 من تراجع ملحوظ تحت التأثير المزدوج للتحديدات الكمية عند التوريد بسبب نظام الحصص الذي تفرضه وزارة التجارة والانخفاض المتواصل لسعر صرف الدينار مقابل الأورو والدولار .. واعتبرت الغرفة أن هذا الوضع نتج عنه حرمان مضاعف أيضا للمستهلك سواء ذلك الذي ما زالت لديه القدرة الذي لن يجد طلبه بسبب التقييدات الكمية أو ذلك الذي لم يعد بإمكانه شراء هذا النوع من البضاعة بسبب الارتفاع المجحف للأسعار الذي أضعف القدرة الشرائية، مبينة أن الوضع سيتعمق أكثر بمجرد تفعيل الإجراءات الجديدة المقترحة في مشروع قانون المالية لسنة 2018 التي تتضمن ترفيعا في المعلوم على الاستهلاك بمعدل 25 % وفي المعاليم الديوانية بين 10 و15 % توظف تباعا على السيارات الخفيفة الخاصة وعلى السيارات النفعية وعلى قطع الغيار ومكونات صناعة السيارات المحلية، فضلا عن ارتفاع الأداء على القيمة المضافة بنسبة 1 %.. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الإجراءات أكثر على المستهلكين وكذلك عل ى نسق الاستثمارات في القطاع من خلال انخفاض نشاط الوكلاء القدماء منهم والجدد الذين ما انفكوا يستثمرون لخلق مواطن شغل جديدة معولين على إمكانية تحرير التوريد والتخفيف من الضرائب استنادا إلى تصريحات المسؤولين. وأشارت الغرفة في ذات السياق إلى أن الآراء التي تفيد أن كلفة توريد هذه المعدات السيارة إجمالا بالعملة الأجنبية ثقيلة على الميزان التجاري (تقريبا 5% من مجمل الواردات بما في ذلك واردات السوق الموازية) تقصي مجهودات الوكلاء المعتمدين والمصنعين المحليين التي كانت وراء تطور الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي تمثل اليوم قرابة 40 % من مجمل صادرات البلاد والتي ساهمت في خلق ما بين 65000 إلى 75000 موطن شغل يضاف إليها 6000 إلى 7000 موطن شغل لدى الوكلاء والمصنعين المحليين. وذكرت الغرفة أن الضغط الجبائي الجديد يولد ارتفاعا في الحصة الراجعة للدولة من ثمن بيع السيارة من النوع المتوسط المشتغلة بالبنزين يتجاوز 50 % في حين أن حصة الوكيل المورد تتراوح من 8 إلى 10 %. من جهة أخرى استثنى المنشور الأخير للبنك المركزي التونسي عدد 700 عمليات فتح الاعتمادات وهو إجراء يتناقض مع كراس شروط المهنة الذي ينص على ضرورة اعتماد 180 يوما للخلاص وذلك من شأنه أيضا أن يؤثر على السيولة النقدية للشركات الموردة ويؤثر بالتالي على توفر المعدات السيارة في السوق ويعيق عملية تخطيط الاحتياجات من العملات الأجنبية المخصصة للتوريد. وأشارت الغرفة إلى أن كل التقييدات التي تمس توريد المعدات المذكورة من طرف الوكلاء المعتمدين رسميا يغذي بصفة آلية السوق الموازية التي انتفعت خلال السنوات الأخيرة بامتيازات إضافية متمثلة في تمديد عمر السيارات القديمة الموردة بنظام الرجوع النهائي من 3 إلى 5 سنوات، مبينة أن الإجراءات المقترحة في قانون المالية ستعمق الهوة نظرا لأن تأثير ارتفاع المعلوم على الاستهلاك بالنسبة للحالات المذكورة أقل من الترفيع المقترح على المعدات الموردة في السوق الرسمية. واعتبرت الغرفة أن الإجراءات المقترحة في قانون المالية من شأنها إذا ما تم اعتمادها أن تشجع السوق الموازية على حساب السوق المنظم الذي يعمل في إطاره أكثر من 35 موردا ومصنعا للمعدات السيارة.