مثل دأبها على المراهنة على الديبلوماسية الثقافية، اختارت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تقدم للساحة الثقافية والفنية التونسية فنانة أمريكية شابة تشبعت بالفن والموسيقى العربية تدعى «علياء سيكون» في عرض خاص انتظم مساء أول أمس بمقر إقامة السفير بسيدي بوسعيد شاركها فيه الفنان التونسي زياد غرسة وبحضور عدد هام من الفنانين والناشطين في الحقل الثقافي بمختلف قطاعاته. فكان العرض مناسبة لاكتشاف هذه الفنانة للأوساط التونسية وهي مرشحة لتكون ضمن العناوين الفنية البارزة في التظاهرات والمهرجانات في المستقبل القريب، باعتبار أنها سبق أن قدمت عروضا ببلدان عربية أخرى على غرار مصر والمغرب. ولعل ما يميز علياء سيكون هو أنها تجمع بين التخصص في العزف على آلة العود الشرقي والغناء بأداء الأغاني العربية التونسية منها أو الشرقية بطلاقة في نطق الحروف خاصة أنها تتمتع بقدرات صوتية متميزة. فقد افتتحت السهرة بمفردها بتقديم معزوفات لأغاني عربية على العود الشرقي الذي تخصصت في دراسته. وبدت متمرسة على التعامل مع الجمهور العربي في الخطاب وتشريكه في المادة الفنية التي تقدمها بانتقاء الأغاني واستدراجه لمشاركتها الغناء والتفاعل مع تقدمه. وهو تقريبا ما أثر على أجواء الحفل وطبع إطلالة هذه الفنانة الشابة على امتداد ما يقارب ساعة ونصف. فغنت وعزفت لرموز الأغنية العربية والتونسية على غرار «لاموني الي غارو منّي» للراحل الهادي الجويني ووصلة من المالوف التونسي «أليف يا سلطاني والهجران كواني» التي تفاعل معها الحاضرون وشاركوها غناءها. كما هو الشأن في أغاني «زروني كل سنة مرة» لفيروز وأغنية «عصفور طل من الشباك» لمارسيل خليفة وأميمة الخليل. نفس هذه الأغنية غنتها مترجمة باللغة الأنقليزية وبالعزف على آلة العود. الفنانة الأمريكية «علياء سيكون» قدمت خلال نفس الحفل معزوفات من تلحينها قالت إنها تهديها للاجئين الفلسطينيين المتواجدين بعديد البلدان الأوروبية وبأمريكا وغنت أيضا لنفس الشريحة من المهاجرين من بلدان أخرى أغاني بلغتها الأم. زياد غرسة في الموعد أما الشطر الثاني من الحفل فشاركها فيه زياد غرسة وعازف الإيقاع عبد القادر الحاج قاسم وعازف الكمنجة وليد السوسي. فبدوا على انسجام كبير في العزف والحركة والغناء بما ارتقى بمستوى السهرة وجعل جميع الحاضرين يجنحون في عوالم الفن الجميل والموسيقى المتميزة في هدوئها وإيقاعها ووقعها وسماعها. رغم تأكيد الجميع على أنه لم يسبق ذلك الحفل سوى بروفة واحدة ولوقت قصير. فقدم الثنائي «علياء سيكون» وزياد غرسة حوارات موسيقية في العزف على آلتي العود التونسي والشرقي كل حسب تخصصه، فأبدعا في معزوفة جديدة قدماها للمرة الأولى في ذلك الحفل لحنها الفنان التونسي واختار لها عنوان «علياء» كما شاركته معزوفات من الطبوع التونسية من قبيل «محير سيكا» ومعزوفات أخرى من المالوف التونسي وكان لمشاركة عازفي «القيتار» و»الإيقاع» في نفس السهرة دور في إضفاء أجواء احتفالية لاقت استحسان جميع الحضور. وقد وعد الثنائي الفني بمواصلة مشروع التعاون خاصة في ظل ما تتميز به الفنانة الأمريكية من إتقان في الغناء وحب للأغاني العربية وإلمام بواقع الفن في كامل البلاد العربية حسب تأكيدها، من خلال حرصها على حفظ أعمال رموزها وتقديمها على طريقتها بالعزف على آلة العود أو ترجمة بعضها إلى اللغة الأنقليزية الأمر الذي جعلها تجد القبول الحسن في الأوساط الفنية العربية التي حلت بها بما في ذلك تونس. ليختتم زياد غرسة السهرة بمعزوفة خاصة للنشيد الوطني شاركته فيها الفنانة والعازفة الأمريكية فقدمها بفنية وعلى طريقته فكانت أقرب للإيقاع الأوبيرالي. وأثبت «علياء سيكون» خلال الحفل أنها تحفظ عديد الأغاني التونسية القديمة وعلى اطلاع بخصوصية الموسيقى والأغنية التونسية كالمالوف وأغاني الهادي الجويني وعلي الرياحي وغيرهم باعتبار أن مشروعها الفني العربي بالأساس مبني على رموز الأغنية العربية خاصة منها الأغاني الهادفة في المضمون والقيمة الفنية، حسب ما أكدته خلال الحفل.