يزور تونس هذه الايام الشاعر والإعلامي السعودي عبد الله حمد الصيخان صديق عدد كبير من الشعراء التونسيين الذين تعرف عليهم في مناسبات ثقافية كبرى تم تنظيمها في عدد من دول الخليج العربي مثل الشاعر التونسي منصف المزغني والشاعر الشاذلي القرواشي وعدد من الشعراء والمثقفين الذين حضروا الامسية الشعرية التي تم تنظيمها في سفارة المملكة العربية السعودية مؤخرا واشرف عليها سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس محمد بن محمود العلي وحضرها الدكتور محمد بن مضحي التوم الملحق الثقافي وعدد من منسوبي السفارة. وتتنزل هذه الامسية الشعرية حسب ما صرح به الدكتور محمد بن مضحي التوم ل»الصباح» في إطار العمل على تكثيف الجهود من اجل مزيد تحسين وتكثيف فرص التبادل الثقافي بين الشعبين السعودي والتونسي، وهذه الأمسية ما هي إلا فاتحة مواعيد ثقافية قادمة.» بيّن الشاعر عبد الله حمد الصيخان في مفتتح اللقاء الشعري مدى اعتزازه بالمشاركة في أمسية تجمعه بشاعر العرب المنصف المزغني الذي وصفه بأنه «لا يشبه أحدا ولا احد يمكن أن يشبهه في قرضه لشعره وطريقة إلقائه» وقال انه ذو بصمة خاصة وان قصيدته محملة بالتكثيف وكذلك الشاعر الشاذلي القرواشي الذي تابع مروره من برنامج «امير الشعراء» واستعذب أشعاره. وقد عرج عبد الله حمد الصيخان في حديثه على المسيرة الشعرية المتميزة للشاعر التونسي ابو القاسم الشابي قائلا انه من المطلعين عليها والمعجبين بها وانه يعرف جيدا مكانة الشاعر ابو القاسم الشابي الصوت المتفرد والمجدد في الشعر العربي لا في تونس وحدها وإنما لدى متذوقي الشعر في الوطن العربي. ولعل عمل الشاعر عبد الله حمد الصيخان في حقل الإعلام (ترأس ادارة تحرير مجلة «اليمامة» وجريدة «عكاظ» السعودية) والثقافة إضافة إلى قرضه للشعر هو ما مكنه من معرفة الشعراء التونسيين وخاصة الذين يذيع صيتهم في الجرائد والمجلات الخليجية او الذين يحضرون المهرجانات واللقاءات العربية الثقافية الكبرى. للشاعر السعودي الضيف عبد الله حمد الصيخان مخطوطات ودواوين شعرية نذكر من بينها «هواجس في طقس الوطن» و»اللقاء على أبواب تيماء» وقد حظيت أعماله الشعرية بالاهتمام وتم تناولها بالنقد في كتب مثل «ثقافة الصحراء» لسعد البازعي، و»بنت الصمت» لشاكر النابلسي، و»قضايا أدبية» لمحمد صالح الشنطي. اقترح الشاعر السعودي على الحضور عدة قصائد تغزل في بعضها بالمكان وبجمال الطبيعة وقاوم في بعضها الآخر الارهاب الذي تعاني منه الشعوب العربية ورثى طلال مداح فنان العرب وكان من بين ما قرأه قصيدة رثائية عنوانها «فاطمة» اثّرت في الحضور قال فيها: كأنّ النساءْ خرجن من الماءْ// وفاطمةٌ وحدها خرجتْ من بَرَدْ كأنّ ذوائبها الشهب// إن لم تعدْ إلى بيتنا، لن يعود أحدْ أوكأن مساءَ الثلاثاء مرَّ// ولم يتفرّسْ في راحتيه نهار الأحدْ يقول له أن ما بيننا// يوم اثنين مسترسلٌ في بياض نَهَدْ ذوى فيه نعناع ظلِّ وأغمض جفنيه حتى الأبد. قيل إن الذين أتوا بعد يومين من دفنها//وجدوا في المكان قمراً نابتاً خلف حنّائها// قمرا ً من حنان// ويداً نصف مسترخيه سحب الله من خضبها خيطَ دمْ//فنما شجرٌ أخضرٌ اسمُهُ فاطمهْ.// ..تمتمات المعزّين في آخر البيت أهدأ من كل شيءْ ومن أي شيء تذكره ولدٌ شاف ضحكتَها - َنفْس ضحكِتْها -//في صباح مطير ولدٌ ويتيم// قام من نومه باكراً وأعدَّ - وحيداً - فطورَ الأحد ثم أخرج من كتبه صورة رطبة لا مرأهْ// تَفَرَّسَ فيها قليلاً بكى// ثم قرّر أنْ يتنازل عن درسه اليوم ؛ يبحث في وحشةِ البيت عن ضحكة حية// هربت خلسة// من كتاب الصُور//ولدٌ ويتيم أمّه فاطمه// وتحب المطر// ولدٌ آخرٌ اسمه خالدٌ// قال ليوم الثلاثاءِ وهو يلُمَ حكاياه قبل السفرْ// قال أسرارَهُ ومضى واعداً أمَّه//: لن أكون يتيماً هنا ورافقَها في السفر// نهارٌ..// بصيف خفيضْ// شجرٌ أبيضٌ يعصبُ الرأس متكيءُ فوق منحدرٍ ضيِّقٍ..// شيلة ودعت وجْهَ سيّدةِ العائلة. وقرأ الشاعر منصف المزغني قصائد من أجمل ما كتب وما لحن بصوت ساءه المرض قليلا ولكنه استطاع ان يعبر كما اراد عن ايقاع قصائده ويصنع من المنبر ركح مسرح فيه مشاهدها ومن بين ما قال قصيدة امرأة عائدة من الحرب عنوانها « أنا أختكن» التي حذر فيها الفتيات من الوقوع في الحب جاء في بعض مقاطعها .»أَنَا أُخْتُكُنَّ/أغَنِّي\" لَكُنَّ // أَنَا يَا صَبَايَا أُخَيَّاتُ// //يَا //يَاسَفِيرَاتِ حَوَّاءَ حَذَّرْتُكُنَّ// مِنَ الحُبِّ فَالحَرْبُ نَارٌ وَنَارٌ وَنَارٌ وَ…هَيَّا ابْتَعِدْنَ.//فَليْسَ الغَرَامُ نَعِيمًا وَلاَ لاَ تَكُنَّ//كَمَنْ ظَنَّ// َنَّ// الغَرَامَ نَعِيمٌ مُقِيمٌ بِأَعْمَاقِ جَنَّهْ. // وَحِينَ تَجِيشُ العَوَاطِفُ مِثْلَ العَوَاصِف//فتَِّحْنَ//عَيْنَا// //وَأَغْمِضْنَ جَفْنَا//تَخَيَّرْنَ// // رُكْنَا // وَنِمْنَ بِهِ يَقِظَاتٍ بِفِطْنَهْ// وَعِشْنَ// بمُفْرَدِكُنَّ// بِرُوحِ المُثَنَّى. وفي فقرته قرأ الشاعر التونسي الشاذلي القرواشي البعض من أجمل ما قرضه في اغراض شعرية مختلفة مثل قصيدة : « نَادَيْتُ بَعْضِي إِلَى بَعْضِي لِأَجْمَعَنِي// بَانَتْ ضُلُوعِي كَشَمْلٍ غَيْرِ مُتَفِق عَجِبْتُ مِنْ صَخْرَةِ الْأَيَّامِ أَرْفَعُهَا// كَأَنَّ كُلَّ صُخُورِ الْأَرْضِ مِنْ قَلَقِي// غَلَّقْتُ بَعْدَكِ بِالأَسْوَارِ غَاوِيَتِي// فَعَادَ بِي الْخَلْوُ لِلْأَرْحَامِ وَالْعَلَقِ. واقترح على الحضور طقطوقات من الشعر الشعبي مما دفع الضيف الى الادلاء بدلوه في الشعر النبطي فيتبين بذلك ان اللهجة ليست عائقا امام فهم الشعر الشعبي التونسي وانه قريب جدا من اللهجة التي ألقى بها عبد الله الصيخان اشعاره. وانتهت الامسية بتكريم الشعراء الثلاثة.