عادت «الحرب» من جديد بين القطاعين العام والخاص حول رحلات العمرة والحجّ لتصل هذه المرة إلى أروقة المحاكم بعد أن رفعت الجامعة التونسية لوكالات الأسفار قضية لدى المحكمة الإدارية ضد وزارة السياحة والصناعات التقليدية لإيقاف تنفيذ القرار الصادر خلال شهر سبتمبر المنقضي بالرائد الرسمي والذي يقضي بالسماح لشركة الإقامات والخدمات التي تعرف باسم «منتزه قمرت» بتنظيم الرحلات نحو البقاع المقدسة في مواسم الحج والعمرة. الجامعة اعتبرت القرار بالخطير ومن شانه أن يقضي على المبادرة الخاصة التي تشجع عليها الدولة وهو ما يهدد عددا كبيرا من وكالات الأسفار في نشاطها أمام المنافسة غير الشريفة مع القطاع العمومي المتمثل في «منتزه قمرت» وهي مؤسسة لا تنتمي إلى قطاع وكالات الأسفار وسبق أن صدر في حقها قرار قضائي سابق يقضي بحلّها ويوكل لوكالات الأسفار مهمة تنظيم أسفار العمرة والحج. كما صدر قرار من مجلس المنافسة يقضى بعدم شرعية احتكار أي طرف كان لأي نشاط مما انجر عنه إلغاء المنشور الوزاري الصادر في 27 نوفمبر 1998 الذي احتكرت بموجبه شركة الاقامات والخدمات نشاط تنظيم رحلات العمرة والعودة إلى العمل بقانون 1973 الذي يسمح للوكالات بممارسة هذا النشاط بعد أن احتكرت شركة الاقامات والخدمات الحكومية هذا النشاط طيلة سنوات دون ال 800 وكالة أسفار، منها حوالي 180 وكالة أسفار مختصة اليوم في العمرة. إن تنظيم رحلات الحج والعمرة يبقى حقا لوكالات الأسفار مع ضرورة إرساء نظام مراقبة بإشراف وزارة السياحة ووزارة الشؤون الدينية دون وساطة «منتزه قمرت» خاصة أنّ تنظيم رحلات الحج والعمرة من قبل الوكالات مباشرة مع مسدي الخدمات في السعودية من شأنه أن يوفر للمعتمرين والحجيج خدمات أرقى وتخفيضات على مستوى الأسعار وهذا ما تم فعلا خاصة في السنتين الأخيرتين وبعد أن تسبب احتكار «منتزه قمرت» لخدمات الحج والعمرة في حصول اخلالات في التنظيم. والمطلوب اليوم التخلي عن الاحتكار وتحرير العمرة بشكل اكبر على أن يتم تحريرها بشكل كلي لاحقا على غرار ما هو معمول به في عديد البلدان الإسلامية والعربية لكن بضوابط أهمها كراس الشروط التي من شأنها أن تحمي القطاع من السمسرة وتحمي حقوق الحرفاء وتحسن من الخدمات والجودة عبر تنوع المنتوج مما سيحدّ من ارتفاع الأسعار ويخفض من الكلفة ويزيد من الجودة عبر مراقبة منتوج الوكالات ومراقبة مدى مطابقتها للمعايير المعمول بها على مستوى خدمات الإقامة والتنقل والأكل.. خاصة اذا تمّ تشكيل مجمعات لوكالات الأسفار لتسهيل مناقشة العروض مع الجانب السعودي بما من شأنه أن يساهم في تخفيض كلفة العمرة.