منذ بداية ديسمبر: استشهاد 25 فلسطينيا في غزة بفعل الأحوال الجوية..    تونس ال4عالميا في إنتاج زيت الزيتون    عاجل/ لأول مرة الكشف عن هوية الملثم الغامض أبو عبيدة..    عاجل: المنتخبات العربية المتأهلة لكأس افريقيا    لجنة الاستئناف الانتخابي تقر ببطلان الجلسة العامة لانتخابات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة وتاذن باعادتها    إنفانتينو: الفيفا تلقى 150 مليون طلب لاقتناء تذاكر كأس العالم في أسبوعين    معارض الكتاب فضاءات تجمع بين التجارة وتنمية عادة المطالعة    نابل: الشروع في استغلال السوق الاسبوعية بقرمبالية مطلع الأسبوع القادم    سامي الطرابلسي يحسمها: لا لعب على التعادل أمام تنزانيا    ليلة رأس العام بداية من ال 8 متع الليل: ميساج بش يوصل ل 3 ملاين تونسي    الدورة 40 لمعرض الكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنش    عاجل/ هذا ما قرره القضاء بخصوص الاعتراض الذي تقدم به أحمد نجيب الشابي..    مدرب تنزانيا: مستعدون لخوض "حوار كروي قوي" ضد المنتخب التونسي    ماجول يؤكد ان ما تحقق بين تونس والسعودية يظل أقل من الامكانيات، ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    تونس تحتضن اشغال ملتقى قرطاج الثامن عشر للتامين واعادة التامين من 1 الى 3 فيفري 2026    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    كأس أمم إفريقيا: الكشف عن تركيبة طاقم تحكيم مواجهة تونس وتنزانيا    وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    الأمطار ترجع : شنيا يستنى فينا الأيام القادمة؟    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    عاجل/ الاشتباكات مع "داعش": وزير الداخلية التركي يكشف حصيلة الضحايا في صفوف الشرطة..    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    عاجل: تركيا.. اعتقال ملكة جمال ومغني راب في قضية مخدرات    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025... الثلاثي الثاني (أفريل – ماي – جوان)    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    عاصفة بالسويد تجيب الموت للسويد: 3 ضحايا    التسجيل مازال مفتوح: دورة فيفري 2026 للتكوين المهني تنتظركم    عاجل:الابن الي قتل والده الطبيب في فرنسا...أخفى الجثة في حديقة المنزل...تفاصيل مرعبّة    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    عاجل : وفاة صاحب أغنية ''أخواتي'' الشهيرة في سن صغير    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيئة الحقيقة والكرامة في مواجهة اتهامات جديدة.. التمويل الأجنبي لصندوق الكرامة «غير أخلاقي» والتاريخ لا يُكتب ب«الإيديولوجيا»
نشر في الصباح يوم 18 - 11 - 2017

منذ إحداثها، لم يهدأ الجدل أبدا حول هيئة الحقيقة والكرامة، هذه الهيئة التي شهدت انسحابات وواجهت انتقادات لاذعة من أحزاب وسياسيين وكذلك من ضحايا ومن جمعيات حقوقية، كما واجهت انتقادات شديدة من المؤرخين ومن الباحثين الذين رأوا أن الهيئة لم تقم بدورها في حفظ الذاكرة الوطنية وفي إبراز الحقائق، عملية الاستماع أوّل أمس لرئيسة الهيئة بلجنة الحقوق والحريات على خلفية النقاش حول قانون الميزانية، مناسبة لعودة الجدل حول عمل الهيئة التي تستعدّ لتنظيم جلسة استماع جديدة لضحايا أحداث الرشّ بسليانة في 24 نوفمبر الجاري.
المؤرّخ والباحث فيصل الشريف وعضو «هيئة ردّ الاعتبار للتاريخ الوطني» والتي أتت كردّ فعل من بعض المؤرخين المؤسسين للهيئة عمّا وصفوه ب»عبث البعض بوقائع التاريخ» ومنهم سهام بن سدرين، كما رأى ذلك فيصل الشريف الذي تحدّث ل»الصباح» عن مدى التزام الهيئة بحفظ الذاكرة الوطنية والانحياز للوقائع قصد الوصول لحقائق تاريخية «ثابتة» والتي لا تقبل الدحض.
«الضحايا.. هل كانوا فعليا ضحايا؟»
المؤرّخ والباحث في تاريخ الحركة الوطنية فيصل الشريف، قال في تصريح ل»الصباح» أن هناك مجموعة من المؤرخين قاموا بإحداث «هيئة لردّ الاعتبار للتاريخ الوطني» وذلك بعد معاينتهم لمدى محاولات البعض العبث بالوقائع التاريخية، مشيرا في ذلك لهيئة الحقيقة والكرامة والتي قال عنها فيصل الشريف أنها تحاول «صياغة وقائع تاريخية وفق توجهات ايديولوجية» ومن بين المؤرخين المشاركين في هيئة ردّ الاعتبار للتاريخ الوطني نجد خالد عبيد وعادل بن يوسف.
وحول مدى التزام هيئة الحقيقة والكرامة بدورها في توفير مادة للمؤرخين لإعادة صياغة جملة من الوقائع التاريخية، قال فيصل الشريف «سهام بن سدرين ومن خلال هيئتها تقول أنها تريد الوصول إلى حقائق تاريخية حول ما حصل مع ردّ الاعتبار للضحايا، ونحن نقول لها أن ماهية البحث التاريخي هو البحث في الوقائع قصد محاولة الوصول إلى الحقائق، والوصول إلى هذه الوقائع لا يقتصر على سماع شهادات الضحايا بل يتطلّب جهدا حقيقيا في التوصّل الى الوثائق والى الارشيفات، وهي كلها متوفّرة في الفترة التي يغطيها عمل الهيئة وعادة هذه المهمة هي من صميم عمل المؤرخين غير أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة خيّرت اقصاء المؤرخين من الهيئة، فكيف لهيئة تبحث في الذاكرة الوطنية لا يكون صلب أعضائها مؤرّخ؟
وبسؤالنا عن الأسباب التي دفعت رئيسة الهيئة الى استبعاد المؤرخين، قال فيصل الشريف «طبعا الأسباب واضحة ولا يحتاج الأمر الى فطنة فرئيسة الهيئة أرادت صياغة وقائع تاريخية بغايات ايديولوجية وليس بخلفية قراءة تاريخية، تنصف الوقائع، ثم انها عندما تتحدّث عن ضحايا وعن التعويضات، فان السؤال المطروح بإلحاح أي ضحايا تقصد؟ ومن هم هؤلاء الضحايا؟ فقراءة التاريخ واستخلاص الوقائع لا يكون بصفة اعتباطية بل له قواعد وأبجديات عمل تبدأ بالوثائق والارشيف وتمرّ بالشهادات ولا يتم صياغة التاريخ وفق روايات محكومة بدوافع ذاتية من أصحابها، ثم هل تم التدقيق في هذه الروايات من حيث مدى انسجامها مع الوقائع ومع الحبكة التاريخية للحقب المتعاقبة لتاريخ تونس قبيل الاستقلال أو ما بعده، وبالتالي حتى الضحايا او من تصفهم سهام بن سدرين بالضحايا،لا بدّ من التأكّد ما اذا كانوا فعلا ضحايا..».
وواجهنا فيصل الشريف، بحقيقة أن هيئة الحقيقة والكرامة أجرت 46 ألف جلسة استماع سرّية لضحايا قالت أنهم عايشوا حقبا مختلفة من التاريخ وأن هذا العدد من جلسات الاستماع مرتفع وبالتالي يمكن أن يكون مادة تاريخية هامّة، لكن فيصل الشريف قال «يمكن للهيئة أن تجري مائة ألف جلسة استماع ولكن هذا لن يغيّر في الواقع شيئا، فالاستماع للشهادات الشفوية له معاييره وقواعده حتى يتم اعتماده كقرينة على وقائع معينة، ولكن جلسات الاستماع التي تُشرف عليها الهيئة هي بمثابة جلسات «فرّغ قلبك» او جلسات للمعالجة النفسية حيث يمكن للشخص أن يتوهمّ احداثا أو يبالغ في سرد التفاصيل لأنه يدرك أن روايته كلّما زادها شحنة «درامية» كان الأوفر حظّا في الحصول على التعويضات، ومن أجل هذه التعويضات يمكن للشخص أن يختلق حتى القصص والوقائع ما دام ليس هناك من يتولّى مهمة التدقيق التاريخي في كل ما يقوله».
وحول سؤال ما اذا كانت هذه الجلسات توفّر مادة تاريخية جيّدة للمؤرخين، قاطعني فيصل الشريف قائلا «قطعا.. أنا أنجزت كتابا حول تاريخ الجيش التونسي ما بين 1956 -1960 ورغم أنّي استعنت بشهادات شفوية لكن هذه الشهادات أخضعتها وجوبا الى عملية «التقاطع» مع الوثائق المتوفّرة والارشيفات في تلك الفترة وبالتالي الشهادات الشفوية لا يمكن أن تكون لوحدها مصدرا تاريخيا موثوقا».
«وصمة عار..»
وفي ما يتعلّق بصندوق الكرامة والذي هدفه ردّ الاعتبار وتعويض ضحايا الانتهاكات، والتي صرّحت أوّل أمس سهام بن سدرين أنها اتصلت بجهات أجنبية للبحث عن تمويلات لهذا الصندوق، وما اذا كان من «اللائق» ان تتوجّه الهيئة لجهات أجنبية لتمويل صندوق «كرامة» ضحايا الدولة والتي لها مسؤولية أخلاقية في تعويض الضحايا، قال الشريف» أولا وكما اسلفنا الذكر هؤلاء الضحايا من هم وهل هم فعلا ضحيا؟، ثم أن البحث عن الأموال بدعوى التعويض وجبر الضرر بهذه الطريقة مسألة غير أخلاقية وغير لائقة بالدولة بل هي وصمة عار في جبين رئيسة الهيئة، التي أعتقد أنها صرّحت بذلك للضغط على الحكومة لتمكينها من اعتمادات مالية اخرى، ثم إن «ضحايا سهام بن سدرين «معرفون ويمثلون اتجاه فكريا وايديولوجيا بعينه». وقد علّق فيصل الشريف على الاعتمادات التي رصدتها الدولة للهيئة والتي ناهزت ال46 مليون دينار باعتراف سهام بن سدرين، قائلا «ان هذه الأموال ذهبت هباء منثورا، وأنا أتحدّى سهام بن سدرين أن تثبت حقيقة تاريخية واحدة».
منية العرفاوي
عادل المعيزي ل«الصباح»:
جلسات الاستماع ليس من مهامها كتابة التاريخ والدولة «غائبة» عن تمويل صندوق التعويض
طلب تمويلات أجنبية لصندوق التعويض وردّ الاعتبار واخضاع الوقائع التاريخية لاعتبارات فكرية وايديولوجية، هي آخر الاتهامات التي تواجه هيئة الحقيقة والكرامة، وفي التصريح التالي ل»الصباح» ردّ عضو الهيئة عادل المعيزي على كل هذه الاتهامات.
حول تمويل صندوق التعويض يقول عادل المعيزي «نصّ قانون العدالة الانتقالية في الفصل 41 أن يُحدث صندوق يطلق عليه صندوق «الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد تضبط طرق تنظيمه وتسييره وتمويله بأمر»، وبالتالي فان احداث وتمويل هذا الصندوق هو من مشمولات السلطة التنفيذية وقد اتصلت هيئة الحقيقة والكرامة بالجهات المعنية كالحكومة ووزارة المالية ووزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية وتوصّلت لصيغة لإحداث هذا الصندوق ولكن الاشكال بقي متعلّقا بتمويل هذا الصندوق وتفاجأنا بغياب تمويل الدولة لصندوق الكرامة وردّ الاعتبار للضحايا ولكن الهيئة تحمّلت مسؤوليتها وباعتبار أن قانون صرف التعويضات تراعى فيه التقديرات المخصّصة للتعويضات ويؤخذ بعين الاعتبار تنفيذ هذه التقديرات فان البحث عن مصادر تمويل أجنبية للصندوق ومساعدة الدولة في ذلك له شرعية.
وهذه الشرعية متأتية من كون هذه الدول الأجنبية منحت تونس في فترة الاستبداد قروضا ولم تراقب كيفية صرف هذه القروض التي خدمت منظومة الفساد، وقد اقترحت شخصيا داخل مجلس الهيئة حتى تكون الدولة معنية بهذا التمويل الأجنبي بشكل مباشر أن يكون التمويل في شكل جدولة الديون الخارجية للدولة وفي المقابل تتكفّل الدولة بتمويل الصندوق».
كما أشار عادل المعيزي إلى أن الجهات التي يمكن أن تموّل الصندوق يمكن أن تكون منظّمات غير حكومية كما يمكن أن تكون دولا.
وحول المؤاخذات التي تواجه الهيئة في علاقة بالوقائع التاريخية وفي علاقة بحفظ الذاكرة الوطنية قال عادل المعيزي إن «جلسات الاستماع العلنية ليس مهمتها صياغة أو كتابة التاريخ وانما فسح المجال لأصوات الضحايا ليعبّروا عمّا تعرّضوا له من انتهاك..».
ويضيف المعيزي «لكن ليتأكد الجميع أن كل من مرّ في جلسات الاستماع تم التأكّد أنهم تعرّضوا لتلك الانتهاكات وأن آثار ذلك تبدو بادية على أجسادهم وعلى نفسيتهم وعلى عائلاتهم.. وتبقى مسألة كتابة التاريخ من مشمولات المختصين عندما تنهي الهيئة أعمالها وتسلّم تقريرها لهيئة تُعنى بحفظ الذاكرة الوطنية..».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.