افتتح والي توزر صالح المطيراوي عشية أمس الجمعة بمدينة نفطة تظاهرة مائوية ميلاد الأديب الراحل البشير خريف بحضور معتمد نفطة وعدد كبير من مسؤولي الجهة واطاراتها ومن ادباء ومثقفي جهة الجريد وافراد عائلته وخاصة كريمتيه شريفة وسعاد وثلة من المحاضرين الذين جاؤوا من العاصمة ومن عدد من الولايات. طاف الوالي وضيوف التظاهرة من الباحثين والاكاديميين بالمعرض الذي زين جدران روضة آل خريف بوثائق ومخطوطات وصور البشير خريف وبجملة من قصصه القصيرة المكتوبة على لوحات مثل قصة «ليلة الوطية» وتأملات في الأدب مثل «الروح الوطنية» و»غاية الفن» ودراسات و»مديح المتنبي» ومقالات مثل «امسكوا الأقلام». توجد في المعرض أيضا الأعمال الكاملة للبشير خريف في أربعة مجلدات إضافة الى كتبه «الدقلة في عراجينها» و»برق الليل» وما كتب عنه مثل «الكاتبة القصصية عند البشير خريف» للأستاذ فوزي الزمرلي وكتاب «البشير خريف في عيون النقاد» زين المعرض أيضا بقصائد مكتوبة بخط يده وبفصول من مجلة الفكر التي كتب فيها عديد الدراسات والمقالات وجريدة «الدستور» التي نشر فيها القصص والمقالات والتأملات الأدبية ونماذج مما كتبه في مجلة قصص التابعة للنادي الثقافي أبو القاسم الشابي ومن اطرف ما اشتمل عليه المعرض لوحة كتبت عليها بخط جميل الأسماء المستعارة التي كان المحتفى به يمضي بها مقالاته مثل «أبو النخبة ،الجاحظ، الجاحظ الصغير،قلفة صحافي،م... ،م.خ...،تأبط شعرا ،المهدي..». وفي لوحة ثانية كتبت بخط عريض عناوين البرامج الاذاعية التي قدمها في الإذاعة الوطنية ومن بينها «في الأدب الشعبي» و»آخر ما نظمت» و»نظرات في الكتب» و»الشيء بالشيء يذكر» و»هواة الأدب» و»مذكرات مع الأستاذ الحبيب شيبوب» و»متحف الأنغام» وباب سنبل». وفي الكلمة الافتتاحية التي قدمها منسق التظاهرة الأستاذ محمد المي تقدم بجزيل الشكر لوزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين الذي وافق على التظاهرة وعلى دعمها دون قيد أو شرط معتبرا «ان الاحتفاء بالبشير خريف واجبنا تجاه رموز التنوير في تونس». وقال المي ان الاحتفال بمئوية ميلاد البشير خريف يقصد به توجيه النظر الى منجزه وهو علم من اعلام السرد في بلادنا.. علم احتل الصدارة متحديا عصاميته معتبرا إبداعه قياما بالواجب واستجابة لندائه حيث قال : «وعلى كل فقد كتبت أدبا لابن البلد. وليس لي الا ان احمد ما قابلني به ابن البلد». وأضاف المي: «نسعى اليوم لان نذكر بجهوده وبجليل خدماته وبما قدمه للسرد في تونس. ونرى انه من واجبنا اليوم ان نطلق اسمه على الانهج والشوارع والمدارس والمعاهد وان ندرج ادبه في المقررات المدرسية والجامعية وان نصدر طابعا بريديا باسمه وان نعمل على مساعدة نادي القصة بالوردية على البقاء وهو احد مؤسسيه وكذلك تحويل البعض من كتاباته إلى مسلسلات وأشرطة سينمائية..» نوه منسق التظاهرة أيضا بمساعدة السلط الجهوية والمندوب الجهوي للثقافة معز خريف لهيئة تنظيم المائوية وخص بالتحية كريمة الأستاذ الحبيب شيبوب السيدة سهى التي وفرت عديد المراجع والصور والوثائق لإنجاح المعرض. انطلقت الاشغال بجلسة أدبية أولى تراسها الأستاذ خالد العقبي واقترح خلالها قصيدة سبق ان رثى فيها الشاعر الراحل التابعي الأخضر البشير خريف تلتها مداخلة للأستاذ فوزي الزمرلي عن «أدب البشير خريف ومستويات التلقي وحاضر الأستاذ محمد صالح بن عمر في موضوع «خصوصيات تجربة خريف السردية» وتساءل لماذا كان البشير خريف مهملا واصبح اليوم علما كبيرا؟ وأجاب قائلا: «لقد أصبح كذلك بعد ان ترجم الاسبان روايته «برق الليل» إلى اللغة الاسبانية وهي موجودة حاليا في مكتبتهم الوطنية بمدريد وهذا يعني ان خريف اخذ مكانه بين أعلام تونس بإمكانياته الخاصة في الخارج قبل ان يلتفت اليه النقاد التونسيون. أما الاهتمام الذي وجده خريف في الخارج ومؤخرا في الداخل فسببه الخصوصية التي تتمتع بها كتاباته والخصوصية مهمة جدا لبقاء الكاتب والشاعر وقال الناقد محمد صالح بن عمر: «لدينا أكثر من500 روائي ولن يبق منهم إلا من كانت لكتاباته خصوصية يتفرد بها ولنا في تونس تقريبا 1100 شاعر لن يبقى من بينهم من ليس له الطابع الخاص به.» وأضاف قبل الاستقلال كان لنا عديد الكتاب ولكن خمسة منهم فقط نالوا الاهتمام الكبير داخل تونس وخارجها فالشاعر أبو القاسم الشابي صدر عنه 55 كتابا والشاعر منور صمادح صدرت في شان اشعاره عديد الكتابات و2 دكتوراه في الخارج وعلي الدعاجي كتبت في شانه 120 دراسة ومحمود المسعدي 30 كتابا وقد فرض البشير خريف نفسه بنفسه وصدرت في شانه عديد الاطروحات الجامعية والكتابات بتوصية من الراحل توفيق بكار وهذه الخصوصيات جعلتهم يتحدون الزمن ويبقون ويبقى ادبهم وينال الاهتمام. وتحدث الكاتب حسونة المصباحي حول موضوع: «البشير خريف بين المكان الأول والمكان الثاني» ولاحظ انه للمكان في كتابات كبار الكتاب العالميين قيمة كبرى لأنها تطبعها وتؤثر فيها وقال ان البشير خريف عاش بين مكانين هما نفطة التي غادرها صغيرا والمدينة العتيقة في العاصمة وقد اثرتا فيه كثيرا وكان مسقط راسه موجودا في كتاباته بكل خصوصياته وعاداته وتقاليد وملح ونكت أهله. وقال المصباحي ان رواية «الدقلة في عراجينها: «ليست رواية فقط وإنما هي اثر انتروبولوجي اجتماعي وتاريخي (علما بان البشير خريف كان دائما ما يحدد تاريخ رواياته) ذكر فيه خصوصيات العيش في الجريد بين الحربين أي قبل الاستقلال مثل المعاملات الاجتماعية وطريقة عيش الناس وتفكيرهم وردود أفعالهم وأحلامهم». وأضاف المصباحي أيضا أن البشير خريف كان معجبا بجماعة تحت السور وانه تأثر بالبعض منهم مثل علي الدعاجي تأثر بحكاية الواقعية التي اعتبرت وقتها الملهم الأصيل في الكتابة ونفذ خريف ذلك في قصة «خليفة لقرع» الذي كان بطلا حقيقيا وقد تعرف عليه في باب سعدون. وقد حول خريف حدثا حقيقيا واقعيا الى ابداع مثير للاهتمام.