هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه بعد صدور نتائج النمو للثلاثي لسنة 2017 من طرف المعهد الوطني للإحصاء. والإجابة عن هذا السؤال تكون في جزأين الجزء الأول يهم النمو في شكله العام. ونشير هنا إلى تحسن النتائج في الثلاثي الثالث مقارنة بالنتائج المسجلة في الثلاثي الثاني لهذه السنة. فنسبة النمو في الثلاثي الثالث كانت في حدود 0,7% بحسب التغييرات الثلاثية وب2,1% بحسب الانزلاق السنوي. ولئن شهدت هذه النسب تحسنا مقارنة بالثلاثية الثانية فإن هذا التحسن يبقى محدودا وضعيفا. ويبدو من خلال هذه النتائج الأولية أن نسبة النمو في بلادنا خلال السنة الحالية لن تصل إلى التوقعات التي وضعتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2017 والتي قدرت ب2,5%- وحسب توقعاتنا فإن أرقام النمو وتوقعاتنا لهذه السنة ستصل بالكاد إلى مستوى 2%. ولئن يعد هذا الرقم إيجابيا مقارنة بسنة 2016 والتي لم تتجاوز فيها نسبة النمو 1% فإنه يبقى هشا وضعيفا ولا يساعد لا في التقليص من البطالة أو في دعم التوازنات المالية للدولة وفي إعادة الثقة في بلادنا للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ولعموم المواطنين. أما الجانب الثاني الذي يمكننا من خلاله قراءة هذه الأرقام فيهم الجانب القطاعي والذي عرفت فيه بلادنا تغيرا مهما في الثلاثي الثالث. وهذا التطور يهم موقع الصناعات المعملية والتي تلعب دورا كبيرا وتعتبر الركيزة الأساسية لنمط التنمية في بلادنا. وقد شهدت هذه القطاعات تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة مما فسح المجال لصمود القطاع الفلاحي وقطاع السياحة اللذين أصبحا قاطرة النمو في بلادنا. وهذا التطور هو في تناقض مع مستوى التنوع الذي عرفه نسيجنا الاقتصادي والذي أصبح يرتكز على الصناعة مقابل تقلص دور الفلاحة. إذن عرفت القطاعات المعملية تطورا إيجابيا لتبلغ 2,8% مقارنة بالثلاثي الثاني و0,6% بحساب الانزلاق السنوي للتسعة أشهر الأولى بينما كانت هذه النسبة سلبية في نهاية 2016 ب0,6%. وهذا التطور يعتبر إيجابيا خاصة وان الصناعات الميكانيكية والكهربائية قد استعادت نسقا إيجابيا وسجلت نموا ب2,8%+ مقارنة بالثلاثي الثاني. ونفس الشيء بالنسبة لقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية (3,4%) وقطاع الصناعات الكيميائية (5,1%). أما في القطاعات الاقتصادية الأخرى فقد حافظت الفلاحة على مستوى نمو متوسط وإن كان في تراجع مقارنة بالثلاثي الثاني (2%) وقطاع الخدمات المسوقة والتي نجد فيها قطاع خدمات النزل والمطاعم والمقاهي. ويبقى الإشكال الحقيقي بالنسبة للنمو في تراجع الصناعات غير المعملية والتي تراجعت ب(2,9%-). وهذا التراجع يعود أساسا إلى تراجع النمو في قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي. وقد تراجع معدل الإنتاج اليومي من البترول من 46,5 إلى 37,5 ألف برميل. في النهاية ولئن عرف النمو في الثلاثي الثالث بعض التحسن، فإنه يبقى محدودا وضعيفا مقارنة بفرضيات الحكومة في قانون المالية 2017 وبمستوى النمو الذي يجب أن نحققه. ولعل النقطة الإيجابية التي يجب الإشارة إليها هي بداية استعادة الصناعات المعملية حركيتها.