تباينت المواقف والآراء حول»خارطة توزيع» ميزانية وزارة الشؤون الثقافية 2018 مقابل الإجماع على عدم تشريك الفاعلين الثقافيين والمجتمع المدني في ذلك فضلا عن عدم الاحتكام إلى المقاييس والاعتبارات المنطقية والعلمية والدواعي الإبداعية والثقافية المستمدة من الوضع والواقع الثقافي في تونس في هذه المرحلة. إلا أن عددا كبيرا من الناشطين في الحقل الثقافي بمختلف قطاعاته ومجالات تخصصهم، أجمعوا على أن الميزانية المرصودة لوزارة الشؤون الثقافية والتي تقدر ب 0.74% من ميزانية الدولة والمقدرة ب264505 م.د. ضعيفة. ولعل ما يعيبه البعض في توزيع هذه الميزانية هو «العشوائية» والاحتكام إلى اعتبارات شخصية ولمصلحية «ضيقة» الأبعاد في مستوى الوزارة دون العودة في ذلك إلى المقترحات والدراسات والبرامج التي شارك في تسطيرها ثلة من الفاعلين في الحقل الثقافي ممثلين لمختلف القطاعات الثقافية والفنية. حبيب بلهادي : نخشى من عام أبيض على الإبداع وقد انتقد المنتج الحبيب بالهادي في حديثه عن الموضوع الميزانية الضعيفة والهزيلة المخصصة لوزارة الثقافة ضمن الميزانية العامة للدولة وانتقد سياسة وزارة الشؤون الثقافية في توزيع الإعتمادات من الميزانية على مختلف الأنشطة الثقافية. وقال في نفس السياق:»يجب التحرك من أجل وقف الإهانة التي يتعرض لها المثقفون والعاملون في الحقل الثقافي فأقل ما يقال عن ميزانية العام القادم أنها ميزانية تقليدية تشكو عديد النقائص على مختلف الأصعدة وغياب التحديث والتعصير والمواكبة للثورة الرقمية الحقيقية حتى تتلاءم الثقافة الوطنية مع عصرها وتقرّبها من الشباب وتتطلب مراجعة هيكلية». وعبر عن تخوفه من تداعيات سوء التصرف في هذه الميزانية وذلك بان تكون 2018 «عاما أبيض في مستوى الإبداع». من جهة أخرى انتقد الحبيب بالهادي سياسة وزارة الشؤون الثقافية في التعاطي مع توزيع الميزانية واعتبر في تخصيص عشرة مليارات من مليماتنا لمشروع مدن الفنون خيار في غير محله باعتبار أن إعادة هيكلة وتجهيز دور الثقافة في الجهات أولى وقال في نفس السياق:»كان حري بوزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين أن يتجرد من الاعتبارات الشخصية في ضبط السياسة المالية وكان أجدر به العمل على تكريس المعادلة والموازنة خاصة أننا نعلم أن الميزانية العامة منقوصة ولا تفي بالحاجة الثقافية». واستشهد في ذلك» بانعدام التوازن بين الجهات والمركز وتجاهل الهواة بالجهات وكرّس الاستقالة من المشروع الوطني اللامركزي. فضلا عن انعدام التوازن بين القيادة والمساندة والتوظيف من جهة وبين الإبداع والعمل الثقافي من جهة أخرى. كما انتقد المتحدث مسألة تقزيم دور الثقافة وزيادة عزلتها على كامل تراب الجمهورية ووفي ذلك تهميشا للمؤسسة الثقافية الأكثر قربا من المواطن بتركها دون مضمون ودون برامج ودون موارد مالية. كما اعتبر توزيع هذه الميزانية توجه لتكريس تغوّل مؤسسات الدولة واحتكارها للإبداع مقابل مواصلة تهميش بقية المبدعين. وسام غرس الله: اعتمادات مهمة للفنون التشكيلية لكن غير كافية من جهته اعتبر وسام غرس الله أمين عام اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين تخصيص ميزانية في حدود»مليار» من مليماتنا لقطاع الفنون التشكيلية يعد مكسبا هاما في العام القادم لهذا القطاع الذي ظل مهمشا في سياسة الوزارة، ولكنه يرى أنه غير كاف ولا يفي بحاجة الحركة التشكيلية في تونس خاصة ان نسبة هامة من هذا المبلغ ستخصص لإنقاذ الرصيد الوطني من خلال المشروع الخاص بنقلة وحفظ وصيانة مخزون الأعمال الفنية التشكيلية. وأضاف في سياق متصل قائلا:»يا حبذا لا تحافظ النسبة من الميزانية المخصصة لقطاع الفنون التشكيلية على قيمتها لمدة عشر سنوات بما يساهم في تحقيق جزءا هاما من الإصلاحات والبرامج الهادفة. ولكن في مستوى الميزانية المخصصة للدعم المباشر لقطاعنا سجل نقصا يقدر ب50 % مقارنة بالعام المنقضي وهذا من شانه أن يؤثر سلبيا على المشهد العام خاصة فضلا عن كون قطاع الفنون التشكيلية من الفضاءات الخاصة في حاجة للدعم». مقداد السهيلي : عدم الإنتصار للإبداع من جهته شبّه مقداد السهيلي، رئيس النقابة العامة لقطاع الموسيقى، الميزانية بالوضع الثقافي في تونس اليوم واعتبر توزيعها اختزال لسياسة وزير الشؤون الثقافية في تسيير الشؤون الثقافية حيث غياب المنطق والخيارات التي تنتصر للإبداع والإصلاح والتسيير الحقيقي وأرجع السبب في ذلك لعدم تشريكه للفاعلين الثقافيين بما في ذلك الهياكل النقابية التي يعتبر في تشريكها والتشاور معها جزء من العوامل التي تدفع نحو الافضل والأصلح في الساحة الثقافية. وأضاف في نفس السياق قائلا: «صحيح أنني لا ألم بتفاصيل هذه الميزانية ولكن ما علمته وحز في نفسي هو تراجع القيمة الثقافية الإبداعية في سياسة هذه الوزارة خاصة أن الإشكاليات المطروحة في السنة الماضية والسنوات التي سبقتها لم يتم بعد حلها بما يعني أن تراكمها وهو ما يجعلنا نتخوف من الوضع الذي سيكون عليه المشهد الثقافي في العام القادم». وأكد أنه لم تتم دعوته كممثل لهيكل نقابي للتشاور في أي مسألة تهم القطاع الموسيقي او غيره سواء فيما يتعلق بهذه الميزانية أو غيرها من المسائل الاخرى كمدينة الثقافة. ◗ نزيهة الغضباني أرقام حول ميزانية وزارة الشؤون الثقافية 2018 تسجل ميزانية العام القادم لوزارة الشؤون الثقافية ارتفاعا في نسبة ما هو موجه للأجور باعتبار أن أكثر من 70 % من الميزانية موجه لهذا الجانب. وتتوزع ميزانية العام القادم بين 70000 مليون دينار كنفقات تتنمية ليسجل هذا المجال تراجعا مقارنة بالمبلغ الذي تم رصده لنفس الغرض في ميزانية 2017 والذي كان في حدود72 مليارا و 800 مليون. أما نفقات التصرف الخاصة التي تم تحديدها في ميزانية العام المقبل فستكون في حدود 194505 مليون دينار. استنكار لما يجري في المركز الثقافي بالحمامات عبر عدد كبير من المثقفين عن استنكارهم لما كشفت عنه أرقام مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية وخاصة منها ما هو موجه للمركز الثقافي الدولي بالحمامات حيث تم تخفيض ما قدره 1245 ألف دينار من الميزانية المخصصة لهذا الهيكل وذلك يعني توقيف نشاطه فعليا والاكتفاء بدفع أجور كل العاملين مع نفقات التصرف وفق الملاحظين.