النفطي يؤدي زيارة عمل إلى مقرّ اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الاسلامي (يونا)    جلسة عمل بوزارة الصحة لإعداد خطة وطنية لمواجهة نقص الأدوية    قبل أيام من إعلان قائمة المنتخب...العيوني يدخل التاريخ والمساكني يواصل «البطالة»    تاريخ الخيانات السياسية (56) .. أفتكين و بختيار وسطوة الترك    حوادث الطرقات في ارتفاع: أكثر من 8٪ زيادة مقارنة بالسنة الماضية    حلّ المجلس المركزي لاتحاد الفلاحة    بدأ أمس ويمتد لأسبوع: إضراب عن الطعام في مقر التيّار الشعبي نصرة لغزّة    فقدان 12 مهاجرا مغاربيا قبالة جزر البليار الإسبانية    رئيسة الحكومة لجاليتنا في اليابان: نُعوّل عليكم في بناء جسور التعاون    أخبار النادي الصفاقسي .. انقسامات بسبب طارق سالم    ارتفاع درجات الحرارة بداية من اليوم    مهرجان قليبية الدولي لفيلم الهواة يفتتح دورته 38 بشعار «فلسطين حرّة»    تراجع قيمة صادرات الزيت    توقعات بنمو القطاع الفلاحي    انطلاق بيع اشتراكات النقل المدرسي والجامعي ابتداءً من يوم الغد    منظمة الدفاع عن حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة تدعو الى التسجيل في سلسلة الدورات التكوينية للمرافقة في بعث المشاريع    وفاة مفاجئة لفنان مصري.. سقط أثناء مشاركته بمباراة كرة قدم    القيروان: إزالة 37 موقع انتصاب فوضوي    تواصل فعاليات مهرجان البحر الأبيض المتوسط إلى غاية 31 أوت    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    منصة نجدة تنقذ مريضين في صفاقس    المحرس: وفاة شاب واصابة آخر في حادث اصطدام بين دراجة نارية وسيارة    خامنئي: سنقف بحزم في وجه الولايات المتحدة    جويلية 2025: رابع أكثر شهر حرارة في تاريخ تونس!    مختصة في أمراض الشيخوخة توصي بالقيام بالتشخيص المبكر لتقصي الزهايمر من معدل سن 40 سنة    عاجل/ غرق 3 شقيقات صغيرات وإنقاذ العشرات من قارب "حرقة" يقل مهاجرين..    عاجل/ نشاط للسحب الرعدية وأمطار بهذه الولايات عشية اليوم..    عاجل/ الأسبوع القادم حار..وهذه التفاصيل..    الاحتفاظ بكهل بشبهة التحيّل..وهذه التفاصيل..    حمدي حشاد: ''تيارات استوائية غير عادية في طريقها لبلادنا''    الحماية المدنية: اعتماد الذكاء الاصطناعي لتحديد مواقع الحوادث والتدخل..    اتحاد الشغل بصفاقس:أشخاص يتجمعون ويخططون للاعتداء وضرب دار الإتحاد    عاجل/ بداية من هذا التاريخ..كلغ العلوش ب38 دينار..    تهاطل الأمطار بكميات متفاوتة في صفاقس والوسط خلال 24 ساعة الماضية    النادي الصفاقسي يكشف عن موعد عودة معلول الى التمارين    اتحاد تطاوين يتعاقد مع اللاعب هارون العياري    تعزيز جديد في صفوف اتّحاد تطاوين    الحماية المدنية: أكثر من 50 ألف تدخل خلال الموسم الصيفي    ما هي مزايا وعيوب المكنسة الروبوت؟    من الإينوكس الى الفخّار والبلور:الفرق بين كل هذه الأواني للطبخ    سيف الدين الخاوي يتألق بثلاث مساهمات حاسمة في فوز ريد ستار على غانغون    ولاية اريانة: جلسة عمل حول المياه المستعملة    تراجع عائدات صادرات التمور ب3,8% خلال التسعة أشهر الأولى من الموسم    فتح باب الترشح ل"جائزة أفضل دار نشر عربية" ضمن جوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025    المسرحية التونسية "روضة العشاق" في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    طبرقة تستعيد بريقها: عودة مهرجان "موسيقى العالم" بعد 20 سنة من الغياب    مهارات العصر الجديد: كيف تواكب التغيرات السريعة؟    اعتراض عربي على ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    بعد رفضه استقبال مجموعة من الأطفال الإسرائيليين.. مدير متنزه في فرنسا يواجه تهمة جنائية    الدورة العاشرة من مهرجان "دريم سيتي" بين 3 و19 أكتوبر 2025    طبرقة: عودة "مهرجان موسيقى العالم" بعد غياب دام 20 عاما    كوريا الشمالية تختبر نوعين جديدين من صواريخ الدفاع الجوي    صدر أخيرًا للدكتور علي البهلول «الإتيقا وأنطولوجيا الراهن»: رحلة فلسفية في أفق الإنسانية    كرة القدم العالمية : إنسحاب الجزائر، أبرز نتائج مقابلات السبت (فيديو)    أولا وأخيرا .. هاجر النحل وتعفن العسل    تونس تعلن بداية شهر ربيع الأول وتحدد موعد المولد في 4 سبتمبر    القمح الصلب ب170 دينار واللين ب140 دينار: وزارة الفلاحة تُحدّد أسعار البذور    موعدُ رصد هلال شهر ربيع الأوّل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين غرابة الأفكار... وإثارة الإشكاليات
صناعة الآلات الموسيقية في تونس:
نشر في الصباح يوم 18 - 06 - 2008

أخضع أحد صناع الآلات الموسيقية في بلادنا آلة العود لعدد من التجارب وعرضها خلال اليوم الذي خصصه مركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء لهذه الآلة.
كان ذلك يوم الجمعة الماضي وقد حضر اليوم الدراسي مجموعة من الحرفيين المختصين في صناعة الآلات الموسيقية من العاصمة وبعض مناطق الجمهورية مع دعوة ضيف تركي مختص في صناعة العود وممثل عن أحد المدارس العراقية في صناعة العود.
ولا يمكن أن تستمع للسيد مختار المثني وهو صاحب التجارب المذكورة دون أن يلفت انتباهك من خلال أمرين اثنين : أولا الإقدام على تجارب تخص آلة العود من نتائجها الحتمية تغيير جذري لشكل هذه الآلة الموسيقية ولوظيفتها وثانيا الإصرار على الإقناع بوجهة نظره من خلال التشبث بأخذ الكلمة في كل مرة وانتزاعها إن لزم الأمر رغبة منه في التدليل بالحجة والمقارعة والجدال على جدوى التجريب والبحث الذي يرى أن لا شيء يحول دونه. .. وقد عرض الحرفي نماذج من تجاربه وكان من أبرزها تلك الآلة التي يطلق عليها آلة العود وكانت في حقيقة الأمر آلتين. فقد جمع بين العود والقيثارة في آلة واحدة كما أنه قدم مجموعة من التجارب تمكن نفس الآلة من إصدار الأصوات المختلفة التي من المفروض أن تصدرها آلات أخرى من خلال توظيف التكنولوجيا وخاصة من بينها ما تتيحه من امكانية التسجيل والحفظ والخزن داخل الآلة الموسيقية في حد ذاتها. .
بين البحث والأخلاق
الفلسفة كلها من وراء ذلك حسب ما قاله صاحب هذه التجارب تيسير عملية التعلم بالنسبة للصغار وفتح مجالات أوسع بالنسبة للكبار قبل أن ينسى مسألة الدفاع عن البحث والتجريب والسعي إلى التطوير. وحسب ما شاهدنا من ردود أفعال خلال اليوم الدراسي المذكور حول آلة العود فإن أغلب الحضور لم يؤيدوا الفكرة وأظهروا كثيرا من الإحتراز إزاءها. وكان صاحب هذه التجارب في حقيقة الأمر وكأنه قد وضعهم أما اختبار صعب. فإما أن تؤيد هذا الإختراع من منطلق انتصارك للبحث والتطوير المتواصل أو أن ترفضه وتبدو من المحافظين الذين لا يقرون بجدوى البحث والتحديث. لكن الآراء كانت أغلبها تصب في خانة الرفض لهذه التجارب أو لنقل لم تكن مقتنعة بنتيجة هذه التجارب دون أن تجعل النقاش يمس مجالات أخرى خارج وظيفة العود وصناعته وعلاقة العازف بهذه الآلة.
بقي أن هذا " المشروع التحديثي" إن صح التعبير والذي يتبناه صاحبه ويدافع عنه بحماس شديد يثير عددا من الإشكاليات الأخرى التي لها علاقة بالجانب الأخلاقي في عملية البحث والتجريب ومن أبرزها أين تقف حرية الباحث... إن هذه الإشكالية ليست ببعيدة عن تذكيرنا بما يثيره البحث العلمي في عدة مجالات من بينها مجال الطب والبيولوجيا إلخ من اشكاليات.
إلى حد الآن لا شيء يحول دون دخول الباحثين في مراحل أخرى متقدمة مثلا في مجال عملية الإستنساخ البشري سوى الدين والأخلاق. والآلة الموسيقية من منظورنا ولو كان في الأمر شيء من المبالغة هي شبيهة بالبشر. تملك روحا تميزها عن بقية الآلات الأخرى فإن حرمتها من تلك الروح فإنك قد لا تضمن النتيجة تماما.
نعرف جيدا أن لا شيء بالمنطق يمنع الباحث من التجريب واقتحام مجالات تبدو لنا مستحيلة ومغلقة تماما. لكننا مازلنا نرى أن الجانب الأخلاقي في مجال البحث العلمي لا بد وأن يواصل دوره. الأخلاق وإن كانت لا تملك حجة القانون فإنها في المقابل تمنح شرعية أخلاقية تجعل الشيء مقبولا في عيون الناس أو أنها تنفي عنه هذه الشرعية فيقابل بالرفض. فلا شيء من حيث القانون يحول دون تحويل آلة العود مثلا إلى شيء آخر. لكن أخلاقيا من حق هؤلاء الذين يعتبرون آلة العود جزء من هويتهم وأحد عناصر ثقافتهم التي تميزهم عن الآخر أن يطالبوا باحترام هذه الآلة وأن يرفضوا إخضاعها لعملية تغيير تشوه شكلها وتغير وظيفتها. قد لا يرفضون مثلا أن يقوم الواحد بأخذ عناصر من هذه الآلة وتوظيفها في اختراع جديد. لكن لابد لهذا الإختراع الجديد أن يحمل اسما آخر. فآلة العود لها شخصيتها ولها مكانتها في التخت الموسيقي العربي والشرقي واخضاع هذه الآلة إلى تجارب من شأنها أن تمسخ هذه الشخصية فهذا أمر نخاله لا يروق للموسيقيين كثيرا وكذلك لمن يعتبر كما سبق وقلنا أن هذه الآلة الموسيقية جزءا من الهوية ومن الثقافة. وهي على ما يبدو وفي صورة تواصل صناعة الآلات الموسيقية في بلداننا بدون قوانين مضبوطة وبدون الإلتزام بظوابط علمية دقيقة فإن ما بقي من الآلات التي نستطيع ان نقول أنها تعبر عن خصوصية حضارتنا مهددة بالإنقراض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.