قطاع البناء والبعث العقاري من أكثر القطاعات تضررا من قانون المالية لسنة 2018 بسبب ما أقره من زيادات في المعاليم الديوانية الموظفة على المواد الأولية ونصف المصنعة التي يتم توريدها من أجل تصنيع عديد المواد المعتمدة في قطاع البناء وهو ما من شأنه الزيادة في كلفة الانتاج لا سيما في الوقت الذي يشهد فيه سعر صرف الدينار تدهورا مقابل العملات المرجعية، أي الأورو والدولار، مما سيؤدي ضرورة إلى ارتفاع أسعار مختلف مواد البناء. الزيادة المبرمجة في أسعار المحروقات والتي أقرها أيضا قانون المالية بالإضافة إلى الترفيع الآلي في أسعار المحروقات سيلهب أسعار مواد البناء، لا سيما وأن قانون المالية أقر أيضا ارتفاعا في سعر الكهرباء والغاز خاصة إذا ما علمنا أن العديد من الشركات المصنعة لمواد البناء على غرار شركات صناعة الاسمنت قد تم رفع عنها الدعم بصفة كلية، وهذا سيؤدي ضرورة إلى الزيادة في أسعار مواد البناء. أسباب أخرى ستؤثر على الأسعار والمتمثلة في ما أقره قانون المالية لسنة 2018 من ترفيع في نسبة الأداء على الاستهلاك والأداء على القيمة المضافة، وجميعها أسباب ستؤدي إلى مزيد ارتفاع أسعار مواد البناء التي تشهد بطبيعتها منذ الثورة إلى اليوم تطورا مضطردا، علما وأن السوق اليوم تشهد نقصا مهولا في مادة الحديد وهو ما عطل استكمال العديد من المشاريع الخاصة والعمومية. 13 % على المساكن وفي ذات السياق، صيحة فزع أطلقتها الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين بعد إقرار قانون المالية لسنة 2018 توظيف أداء على القيمة المضافة على المساكن ب13 % وفي تصريح ل»الصباح الاقتصادي» طالب فهمي شعبان رئيس الغرفة بعدم تفعيل هذا الأداء خلال السنة القادمة 2018 معتبرا أن فرض أداء مرتفع على بيع المساكن سيعمق أزمة قطاع البعث العقاري الذي يعيش ظروفا صعبة إن لم نقل متردية للغاية، وعلل محدثنا ذلك بالارتفاع غير المسبوق لأسعار مواد البناء مع حالة من الركود التي يعرفها بيع المساكن بسبب تدهور المقدرة الشرائية للمواطن واعتبر أن هذا الأداء سيكون بمثابة الضربة القاصمة للقطاع. وأكد شعبان أن الباعثين غير قادرين على تحمل هذا العبء الجبائي الجديد خاصة في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار العقارات خلال السنوات القليلة الماضية على خلفية التطور المهول في أسعار مواد البناء من حديد وآجر وإسمنت الذي تم رفع الدعم عنه وعديد المواد الأخرى، دون نسيان مخلفات تدهور سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية المرجعية من زيادة في أسعار المواد الأولية ونصف المصنعة التي يتم توريدها من الخارج. وبيّن شعبان أن توظيف هذه النسبة هو ضرب لقطاع حيوي وهو ما قد يهدد ديمومة عديد الشركات الناشطة وقطاع البعث العقاري عموما موضحا انه إذا ما تمسكت الحكومة بفرض أداء على القيمة المضافة على المساكن فان الغرفة تقترح 7 % فقط مع تأجيل تنفيذها إلى بعد انقضاء 6 أو 7 أشهر من السنة القادمة 2018 على أن تقتصر فقط على المباني التي لم تنجز بعد على اعتبار أن المباني التي أنجزت أو بصدد الإنجاز تم بناؤها بكلفة إنجاز لا يمكن أن تتحمل أي زيادة في الأداء. وشدد شعبان على وجوب التدرج في فرض هذا الأداء واعتماد نسب معقولة تتماشى مع مقدرة الباعث العقاري والمقدرة الشرائية للمواطن لأن احتساب 13 % سيزيد من سعر المسكن بنسبة 3 % على الأقل، على اعتبار أن أكثر من 50 % من قيمة المواد التي ينجز بها المشروع تخضع للأداءات. غلق العديد من الشركات ومن جهته عبر الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عن خيبة الأمل الكبرى لمختلف القطاعات والجهات المنضوية تحت لوائه من الصيغة النهائية لقانون المالية لسنة 2018، وأكد أن القانون رغم التحويرات، التي أدخلت عليه بناء على مقترحات الاتحاد، بقي دون المطلوب من حيث تشجيع الاستثمار والتصدير والتشغيل، ومن حيث التصدي للتجارة الموازية والتهريب. وحذر من أن الأعباء الجديدة، التي جاء بها قانون المالية ستتسبب في غلق العديد من المؤسسات وفقدان مواطن الشغل وبالتالي تأزم الوضع الاجتماعي، كما حمل المسؤولية لمختلف الأطراف لما سيترتب عن هذا القانون من تداعيات سلبية جدا على المؤسسات وعلى ديمومتها وحتى وجودها. ولئن ستؤثر تداعيات الإجراءات الجبائية والترفيع في الاداءات الجباءية على مختلف المؤسسات الناشطة في كل القطاعات الاقتصادية فإن قطاعات بعينها ستكون أكثر تضررا وأهمها قطاع البناءات والبعث العقاري على اعتبار أن أغلب الأداءات تطال كل مواد البناء تقريبا هذا مع إقرار أداء على القيمة المضافة على المساكن والذي حدد ب13 % لسنتي 2018 و2019 مع الترفيع فيه إلى 19 % سنة 2020.