مازالت مسائل التلوث البحري بسواحل جزر قرقنة والأضرار التي لحقت اغلب البحارة والمهنيين بالمنطقة تثير اهتمام الأهالي بهده المنطقة الساحلية المشتهرة بجودة المنتوجات البحرية العالية.ولئن لم تتحسن الوضعية منذ شهر نوفمبر الماضي عندما لاحظ البحارة نفوق كميات من الأسماك والمنتوجات البحرية عامة، فان البلاغ الصادر عن وزارة الفلاحة مؤخرا لم يقنع المهنيين حسب ما صرح به رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري منير خشارم ل«الصباح الأسبوعي» مضيفا أن صابة الاسفنج بقرقنة قضي عليها تماماً خلال الموسم الحالي وتضرر بذلك بين 800و900 بحار بمنطقتي النجاة والقراطن والتي كانت مورد رزقهم الوحيد في السنوات الماضية، هذا إلى جانب تضرر المصدرين والاقتصاد الوطني عامة اذ أن قيمة الاسفنج المصدر إلى مختلف بلدان العالم تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات سنوياً. أسباب نفوق الأسماك تجدر الإشارة إلى أن وزارة الفلاحة أكدت أن ظاهرة نفوق الأسماك والرخويات ترجع بالأساس إلى تفاقم نوع من الطحالب المجهرية المضرة بالأحياء البحرية وهو ما أدى إلى ظهور احمرار على مستوى مياه البحر. كما تعود اسباب تزامن حالات النفوق في خليج قابس الى انسياب كميات كبيرة من مياه السيلان محملة بالمواد العضوية والمعدنية وإلى هشاشة المنظومة البيئية للخليج الناتجة خاصة عن مصبات ملوثة لوحدات صناعية وعمرانية واستعمال تقنيات صيد عشوائية غير قانونية وعمليات الجهر غير مدروسة. هذه التفسيرات لم تقنع رئيس الاتحاد المحلي بقرقنة الذي قال ان السبب الرئيسي لهذه الكارثة يتمثل في التجاوزات التي تقوم بها شركات البترول المنتصبة بالجزر خلال السنوات ما قبل الثورة والتي حسب رأيه واصلت تلويث البحر والاستهتار بمصالح المواطنين الذين أصبحوا دون مورد رزق بعد ما كانت لهم مداخيل هامة ومحترمة عندما يركبون البحر طلبا للرزق، مشيرا إلى أن الدولة فرضت منذ حوالي ثماني سنوات على إحدى المؤسسات البترولية المنتصبة بالجزر تغيير القنوات الناقله للنفط وطولها حوالي 18 كلم إلا أنها لم تقم بتغيير سوى النصف فقط وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول الأطراف التي تحمي المؤسسة المذكورة عند عدم تطبيق القانون. وطالب خشارم الدولة بإسناد التعويضات اللازمة لجميع بحارة قرقنة المتضررين من التلوث ونفوق المنتوجات البحرية كما أشار إلى أنه تم خلال السنوات الماضية منع صيد المحار أو ما يعرف بالكلوفيس بالجزر نتيجة التلوث البيئي فيما يسمح بصيده في مناطق أخرى قريبة. كما أوضح أن الاتحاد المركزي تبنى المطالب المشروعة للبحارة وسيقوم بتقديم طلب لعقد لقاء خلال الأسبوع الجاري مع وزير الفلاحة لاتخاذ الإجراءات المناسبة وتمكين البحارة من التعويضات اللازمة. وضعية محل متابعة من جهة أخرى ذكرت الوكالة الوطنية لحماية المحيط في بلاغ لها أنها قامت بالعديد من التدخلات والمعاينات الميدانية على اثر تلقيها اشعار حول وجود تلوث بحري بقرقنة، كما قامت بإجراء التحاليل اللازمة لمعرفة وتحديد الطرف المسؤول عن التلوث كما اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة ضد المؤسسة البترولية المخالفة وإلزامها بالقيام بالتدخلات الضرورية لإزالة الملوثات بالبحر وبالسواحل المتضررة وستضل هذه الوضعية محل متابعة لصيقة من قبل الوكالة. كما أن نتائج تحاليل العينات من الماء والرواسب والكائنات البحرية التي قام بها المعهد الوطني لعلوم البحار بينت أن نفوق الإسفنج الميت يرجح أن يكون ناتجا عن ارتفاع في نسب مجموعات البكتيريا الهوائية واللاهوائية التي تتلف الإسفنج والذي يمكن أن يسترجع مخزونه وتوازنه مع تحسن الوضع البيئي لسواحلنا، وبالنسبة للأسماك فقد أظهرت التحاليل كثافة عالية للأملاح المغدية والخضروف مما يتسبب في تكاثف الطحالب المجهرية السامة.