لم تكن الزيادات التي شملت العديد من المواد الاستهلاكية والتي استفاق عليها التونسيون مع مطلع السنة الجديدة بالمفاجئة، باعتبار أنها تعد من أهم الإجراءات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2018 وتمت مناقشتها نحو ما يزيد عن الثلاثة أشهر في مجالس وزارية وتحت قبة مجلس نواب الشعب وعبر العديد من المنابر الإعلامية... لكنّ الزيادات التي شملت جميع أصناف المحروقات في الليلة الفاصلة بين 30 و31 من شهر ديسمبر 2017، هي التي تعتبر مفاجئة وغير منتظرة خاصة أن قانون المالية لسنة 2018 لم يضبط صراحة قيمة الزيادة التي قدرت مؤخرا ب50 مليما في المحروقات وب300 مليم بالنسبة لقارورة الغاز المسيل وحافظ فقط على جملة من التكهنات والتوقعات المنتظرة في غضون السنة الجديدة. وأفاد محمد الجراية الخبير في الشأن الاقتصادي ل"الصباح" بان هذه العملية هي مراوغة ذكية من الحكومة أرادت من خلالها تمرير هذه الزيادات وتفعيلها قبل يوم فقط من حلول السنة الجديدة ليتم احتسابها على سنة 2017 وبالتالي عدم المساس باتفاقها مع الاتحاد التونسي للشغل الذي بمقتضاه تم الاتفاق على عدم الترفيع في أسعار المواد الأساسية بالنسبة لسنة 2018 والتمسك بمواصلة المفاوضات بشان الزيادة في الأجور. وكان هذا الاتفاق قد ابرم في ال23 من شهر ديسمبر الماضي جاء فيه هذا الالتزام بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بهدف التقليص من الاحتقان وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. ورغم حرص الحكومة في هذه العملية على احترامها للاتفاق مع المنظمة الشغيلة، إلا أنها تغافلت عن التداعيات الوخيمة على المواطن التونسي التي قد تنجر عن هذا القرار أهمها مزيد انهيار مقدرته الشرائية لتصل إلى ما يناهز ال9 بالمائة بمجرد تفعيل هذه الزيادات والترفيع في الأداء على القيمة المضافة بعد أن كانت في حدود ال8 بالمائة كامل سنة 2017. حسب ما بينه الجراية. وحول أبرز هذه التداعيات، ذكر محدثنا أنها ستكون على مستويين؛ الأول في ما يخص قطاع النقل للأشخاص وللبضائع على حد السواء وغلاء أسعاره المرتقبة في الأيام القليلة القادمة، والثاني مزيد ارتفاع المواد الاستهلاكية على خلفية ارتفاع تكاليف إنتاجها على مستوى المؤسسات الاقتصادية المنتجة. من جهة أخرى، وبالرغم من تضمين الزيادات في عدد من المواد الاستهلاكية في قانون المالية لسنة 2018، إلا أنها هي الأخرى أثارت في يومها الأول جدلا واسعا بين التونسيين خاصة أنها تزامنت مع قرار الترفيع في أسعار المحروقات. وأشار الجراية في هذا السياق إلى أن هذه الزيادات في مجملها مثلت عبئا ثقيلا على المواطن التونسي الذي يعاني منذ ما يزيد عن السبع سنوات من تدهور ملحوظ في مقدرته الشرائية وبات غير قادر على تلبية أهم حاجياته ومتطلباته اليومية. وكانت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة قد أعلنت يوم 31 ديسمبر 2017 في بلاغ رسمي لها، أنه عملا بآلية التعديل الآلي للمحروقات، فإن أسعار البيع الجديدة للعموم للمواد البترولية، ستكون بداية من منتصف تلك الليلة، الزيادة ب50 مليما في البنزين الخالي من الرصاص ليصبح السعر الجديد 1800 مليم للتر الواحد. وب50 مليما في سعر الغازوال بدون كبريت (الرفيع) ليصبح السعر الجديد 1560 مليما للتر الواحد. وبنفس القيمة في سعر الغازوال العادي ليصبح الثمن الجديد 1280 مليما للتر الواحد. أما قوارير غاز البترول المسيل (الغاز المنزلي) فتمت الزيادة في سعرها ب300 مليم ليصبح الثمن الجديد سبعة دنانير وسبعمائة مليم للقارورة الواحدة علما وأنه لم يطرأ أي تغيير على سعر قوارير الغاز المنزلي منذ سبع سنوات.. ومازالت المخاوف قائمة بين التونسيين خاصة أن العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي يتوقعون زيادات إضافية مرتقبة في شهر فيفري المقبل أو ما يعرف بتعديلات جديدة في أسعار المحروقات تبعا لمنظومة التعديل الآلي..