لا تزال الأزمة المالية تلقي بظلالها على المشهد العام بعد ان دعت احزاب الى ضرورة اعادة تشكل المشهد الحكومي، ولئن اختلفت التسميات من حزب الى آخر فإن إنهاء دور حكومة الوحدة الوطنية وتأسيس أخرى كان القاسم المشترك بينها. وتأتي هذه المواقف بعد ان عاشت البلاد رجة اجتماعية وسياسية بعد انطلاق الحكومة في العمل بقانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب، لتُجمع الاحزاب بعدها على خطورة قانون المالية 2018 وتأثيره الكبير على حياة المواطنين سيما الطبقات الهشة من التونسيين. مواقف الاحزاب خلصت من خلال تحليلها للواقع الراهن الى التخلي عن الحكومة الحالية وتنازلها لحكومة جديدة، فقد دعا حزب البديل التونسي الى «ضرورة الالتقاء حول عقد اقتصادي واجتماعي وسياسي فعلي لتشريك كل الأطياف السياسية لوضع خريطة طريق كفيلة بتصحيح المسار وتكوين حكومة كفاءات مستقلة غير متحزبة ومتحررة من الرهانات الحزبية تسيّر الدولة وتؤمن الانتخابات القادمة مع الالتزام بعدم الترشح .» من جهته اعتبر حزب «بني وطني» في بيان له امس «أن هذه الحكومة وحزبيها الرئيسيين، النهضة والنداء، وكلّ من شاركها الحكم قد فشلت فشلا ذريعا في إيجاد الحلول الاقتصاديّة وسنت قانون ماليّة كارثي. وفشلت أيضا في مقاومة منظومة الفساد والتهرّب الضريبي لانّ من بعض حلقاتها من هم جزء من هذه المنظومة سواء كانوا في الجهاز التنفيذي او التشريعي أو ما ارتبط بهما خاصّة أن وثيقة قرطاج التي عُلقت عليها امال كبيرة ولدت ميّتة حيث كانت ذات محتوى سياسي هزيل لا يرتكز على برنامج تنفيذي لوحدة وطنية حقيقية بل كانت أقرب منها لوثيقة توافق سياسوي؛ خاصة وانّ الوضع البركاني للبلاد يحتّم اليوم حكومة إنقاذ وطني بمنأى عن الحسابات الحزبية حتى تستطيع تدارك الحياد عن مسار الانتقال الديمقراطي.» وقد اعتبر رئيس الهيئة التأسيسية للحركة الديمقراطية، أحمد نجيب الشابي، أن الحكومة الحالية فشلت ولم يعد لها ما تقدم ووجب تعويضها بفريق حكومي آخر غير متحزب من أجل انقاذ البلاد. وقال الشابي، إن «الحكومة الحالية فشلت فشلا ذريعا في المجالين السياسي والاقتصادي وجلبت لها الانتقاد من جميع المكونات والمنظمات الوطنية باستثناء الاتحاد العام التونسي للشغل»، وفق تعبيره. وأشار الشابي إلى وجود طريق آخر يتمثل في التغيير السلمي للسلطة، عبر الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 والقطع مع المنظومة السياسية الراهنة. وشدد على ضرورة أن يتهيأ التونسيون منذ الآن لتغيير ما وصفه ب»منظومة الفشل ومنظومة الفساد القائمة عليها البلاد حاليا»، داعيا إياها أن ترحل عن طريق صناديق الاقتراع. ولئن عبرت احزاب عن موقفها بصراحة وكشفت موقفها من الحكومة بسبب ما اعتبرته «فشلا في إدارة المرحلة» فان احزابا اخرى تعمل في الخفاء على إسقاط يوسف الشاهد شخصيا من على راس حكومة الوحدة الوطنية، ففي نداء تونس لا تزال أطراف من داخل الحزب تتذكر حجم الاحراج الذي تعرضوا له مع اعلان الشاهد عن حربه على الفساد وهو ما اجج الحرب الباردة بين الحزب والحكومة ليرتفع اللهيب مع الإعلان الضمني لرئيس الحكومة الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة شرط ان لا يكون الباجي قائد السبسي منافسه في هذه الانتخابات وهو ما زاد في مخاوف «بعض الندائيين» الرافضين للوجود السياسي للشاهد أصلا . موقف يجد ما يبرره في ظل غياب نداء تونس وصمته في الدفاع عن خيارات الحكومة، في حين تصدرت حركة النهضة مشهد الدفاع عن الشاهد وحكومته وهو ما دفع البعض للتساؤل عن أصل الحكومة بما هي حكومة النهضة أو النداء؟ فهل ينجو «يوسف» من السقوط مجددا في فخ «اخوته»؟