عاجل/ بيان تونسي مصري جزائري مُشترك حول الأوضاع في ليبيا    عاجل/ موعد محاكمة "سواغ مان" في قضيتي فساد وتبييض أموال    غرفة القصّابين: إقبال ضعيف جدّا على شراء الأضاحي.. #خبر_عاجل    الثلاثاء.. انطلاق بيع لحم الخروف الروماني بهذه الأسعار وفي هذه النقاط    عاجل/ قضية ملعب سوسة: هذا ما تقرّر في حق الموقوفين    عاجل/ زلزال يهز اليابان    عاجل/ ارتفاع حصيلة قتلى حادث العاملات الفلاحيات    المكلف العام بنزاعات الدولة يتخذ إجراءات التتبع المدني في حق أمنيين سابقين بوزارة الداخلية    وزارة الشباب و الرياضة تؤكد انها بصدد الانتهاء من صياغة النسخة النهائية للقانون الاساسي للهياكل الرياضية    بطولة رولان غاروس للتنس: الاسباني ألكاراز يتقدم للدور الرابع    سليانة: المعهد العالي للدراسات التكنولوجية يتحصل على علامة iso 21001:2018    أطفال يدخنون في سنّ 7 سنوات... دراسة تكشف كارثة صحية في مدارس تونس!    الشمس، البحر، والمشي: وصفة من طبيب تونسي لعظام سليمة    تايلور سويفت تستعيد حقوق جميع أعمالها الفنية    عاجل/ الاطاحة بتاجر مواد حديدية محكوم بالسجن 80 عاما من اجل هذه التهم    حجيج 2025: أكثر من 1700 حالة حرجة نُقلت للعناية المركزة...ماذا يحدث؟    مُنتشرة بين الشباب: الصحة العالمية تدعو الحكومات الى حظر هذه المنتجات.. #خبر_عاجل    وفاة الممثلة الأمريكية لوريتا سويت عن 87 عاماً    جندوبة: يوم 2 جوان القادم موعدا لانطلاق موسم الحصاد    ماسك عن كدمة عينه: إكس فعلها.. لم أكن بالقرب من فرنسا    إقليم أبوليا في إيطاليا يعلن قطع العلاقات مع اسرائيل.. #خبر_عاجل    اليوم: درجات حرارة معتدلة إلى مرتفعة    عاصفة قوية وغير مسبوقة تضرب الاسكندرية.. #خبر_عاجل    تنطلق الاثنين: رزنامة إمتحانات البكالوريا بدورتيها وموعد النتائج.. #خبر_عاجل    إسرائيل تمنع وفدا وزاريا عربيا من دخول رام الله    عيد الأضحى يقترب... ستة أيام فقط تفصلنا عن فرحة عظيمة!    علي معلول يعلن انتهاء مشواره مع الاهلي المصري    بطولة ليتل روك الامريكية للتنس : عزيز دوقاز يصعد الى نصف نهائي مسابقة الزوجي    "مروع".. أسد ينهي حياة سائحاً في ناميبيا    عاجل/ الحج: نقل 1730 شخصا للعناية المركزة واجراء 120 عملية قسطرة طبية    الموافقة على لقاح جديد ضد "كورونا" يستهدف هذه الفئات.. #خبر_عاجل    كان يرقص عاريا في المرحاض.. طاقم طائرة يعثر على المضيف المختفي    تونس تستعد للاحتفال باليوم الوطني في إكسبو أوساكا 2025    وزارة الفلاحة تُعلن عن إجراءات جديدة لدعم تمويل ربط الأعلاف الخشنة وتكوين مخزونات ذاتية لمربي الماشية    هكذا ودع ترامب إيلون ماسك في المكتب البيضاوي    كأس تونس لكرة اليد .. نهائي الفرجة بين الترجي والساقية    عاجل: وزارة الفلاحة تعلن عن توفير قروض ميسّرة لفائدة منتجي الأعلاف الخشنة ومربي الماشية    بالارقام: تحسّن سعر صرف الدينار مقابل الدولار.. #خبر_عاجل    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة لمختبر السينماء بمركز التخييم والتربصات بدوز    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    117 كاتبا و 22 طفلا يتنافسون على الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    عاجل : ريال مدريد يتعاقد مع نجم جديد    جميلة بولكباش تهدي تونس ذهبية سباق 1500 متر في كان الفرنسية    ملتقى الحرية للسباحة بفرنسا: جميلة بولكباش تفوز بذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة وتحطم الرقم القياسي الوطني    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    بكالوريا 2025: شعبة الاقتصاد والتصرف تستحوذ على أعلى نسبة من المترشحين    الحماية المدنية تدعو إلى الانتباه والتحري بشأن الأماكن المقصودة للسباحة واتباع جملة من النصائح    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    الجامعة التونسية لكرة القدم: 18 جويلية جلسة عامة عادية واخرى لانتخاب اللجان المستقلة    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    طقس اليوم: سحب قليلة والحرارة تصل إلى 34 درجة    قيس سعيد يدعو إلى التقليص من عدد المؤسسات التي استنزفت أموال المجموعة الوطنية    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    









14 جانفي 2011 - 14 جانفي:2018 سبع سنوات في بورصة الربيع العربي ..شعوب لم تهزمها الدكتاتورية وانهكتها الصراعات والفساد
نشر في الصباح يوم 14 - 01 - 2018

لعله من المهم ونحن نتجه لإطفاء شمعة وطي صفحة أخرى في عمر مرحلة من تاريخ تونس الحديث ومعها مرحلة من تاريخ العالم العربي اختلف في وصفها الخبراء والسياسيون وعلماء الاجتماع بين من ذهب الى اعتبارها ثورة وبين من اطلق عليها صفة الانتفاضة الشعبية، أن الجيل الذي ولد مع أول بوادر تلك الثورة قبل سبع سنوات يقطع اليوم أول خطواته الى المدرسة، وأن الجيل الذي قبله دخل اليوم مرحلة الشباب بل لعل فئة منه امتد الى شعرها الشيب وهي تنتظر على أمل أن تحقق الحلم الذي كبر معها وتحقيق تلك الشعارات التي وحدت في ظل الدكتاتورية أهداف جيل يتطلع الى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية..
قد لا يكون من غير الهين اليوم وفي ظل التفاوت الحاصل في المشهد واستمرار حالة المد والجزر رصد حصيلة لحصاد سبع سنوات من ثورة الياسمين التي انطلقت تونسية في اهدافها وابعادها ومطالبها قبل أن تتناثر اوراقها وتمتد رياحها الى دول عربية مجاورة او غير مجاورة وتتحول الى زلزال سياسي فشلت في توقعه اكبر واشهر اجهزة الرصد الاستخباراتية في العالم.. ومع ذلك وبرغم كل مشاهد الاحباط وتواتر الخيبات وبرغم اصرار البعض على ابداء الحنين الذي بات معلنا لدى شريحة لا يستهان بها في المجتمعات المعنية بالتحولات الحاصلة الى زمن الدكتاتورية البغيضة وهي مسألة لا يمكن ان تحسب لصالح الانظمة الدكتاتورية التي اختفت من المشهد بقدر ما يجب ان تذكر النخب السياسية الجديدة بعجزها المستمر في احياء الامل في النفوس والاستجابة للمطالب الشعبية وكسب رهان المعركة من اجل السلام والاستقرار والتنمية ضد الظلم والفساد..
ماذا بقي من ثورة الياسمين؟
كثيرون يتساءلون في العالم العربي وحتى خارجه عما بقي من ثورة الياسمين التي اندلعت قبل سبع سنوات في تونس وغيرت المشهد في اكثر من بلد عربي بعد ان ازاحت عروشا واسقطت حكاما وقيادات على رأس جمهوريات ليس لها من النظام الجمهوري غير الاسم وكذبت على الاقل في بدايتها تلك القناعة بأن العرب والديموقراطية لا يلتقيان وأن الشعوب العربية لا تقاد الا بالعصا.. ولاشك ان السؤال سيظل مشروعا طالما ظل في الثورة نفس لمواصلة مسيرة شعبية راهنت على اجتثاث الخوف من النفوس والقطع مع ثقافة التسلط والاستبداد...
كانت البداية من تونس حيث كانت مأساة الشاب محمد البوعزيزي بمثابة القطرة التي افاضت الكاس حيث كانت الارضية مهيأة لامتداد حالة الغضب الشعبي المتأجج في الحوض المنجمي.. سارت الاحداث بشكل متسارع وانهارت سلطة بن علي البوليسية السلطوية خلال ايام لتمتد بعد ذلك مشاهد الاحتجاجات الشعبية كالعدوى الى الجوار الليبي ومنها الى مصر فالبحرين وسوريا واليمن، وستبادر آلة القمع الى محاولة اجهاض تلك التحركات وستتمكن من ذلك في بعض البلدان ولكنها ستفشل في غيرها ولكن سيكون الثمن الذي ستقدمه الشعوب للقضاء على الدكتاتورية باهظا، ومرحلة الانتقال الديموقراطية لن تكون من دون تضحيات أو دماء أو اغتيالات وكان لتونس نصيبها من الاغتيالات السياسية التي استهدفت قيادات نضالية بينها شكري بلعيد ومحمد البراهمي الى جانب قائمة من الشهداء من رجال الامن وضحايا الارهاب الذي تسلل الى البلاد..
بن علي كان الاوفر حظا بين رموز الدكتاتورية
وربما صح القول اليوم أن الرئيس الهارب زين العابدين بن علي كان الاوفر حظا بين مختلف الحكام العرب الذين واجهوا الغضب الشعبي بالرصاص..
واذا كان بن علي عجل بالهرب مع عائلته أو دفع للهروب، بالنظر الى أن الامر سيظل محاطا بالكثير من الغموض وستبقى هذه الحلقة مغيبة في ظل الصمت والتعتيم الذي رافق هذه الخطوة التي قد لا تكشف ملابساتها قريبا وقد لا تكشف ربما قبل السماح للرئيس الهارب بالحديث عنها، فان الرئيس مبارك سيجد نفسه خلف القضبان مع ابنيه قبل أن يقف امام القضاء في محاكمة وصفت بمحاكمة القرن ومنها الى المستشفى قبل أن يستعيد حريته ولكن الى بيته حيث يظل مقيدا في تحركاته.
وحدها البحرين وبعد التحركات التي شهدتها المنامة ستشهد تدخل قوات خليجية تقمع الاحتجاجات في مهدها وتؤمن للسلطة البحرينية بقاءها واستمرارها.. وفي المقابل فان نهاية القائد الليبي معمر القذافي واثنين من ابنائه ستكون فظيعة الى ابعد الحدود وستؤشر الى دخول ليبيا منعرجا خطيرا بعد تدخل الحلف الاطلسي عسكريا لحسم المشهد في هذا البلد. وستكون للصور الدموية التي راجت بعد اعدام القذافي منعرجا خطيرا في انزلاق ليبيا الى الفوضى والخراب والدمار.. والامر ذاته سيتكرر مع الرئيس اليمني عبد الله صالح الذي كان بإمكانه تجنيب بلاده الغرق في الحرب الاهلية الدموية التي استنزفت اليمنيين بعد استقبال السعودية له وتوفير كل اسباب العلاج بعد التفجير الذي استهدفه في قصره وكاد يجعل مصيره مماثلا لمصير القذافي.. ولكن عودة عبد الله صالح الى اليمن ستكون كارثية وستزيد عمق الازمة في هذا البلد وتفاقم المآسي والانشقاقات بعد إعادة عبد الله صالح تنظيم صفوف القوات العسكرية الموالية له والتي كان ابنه وابن شقيقه يسيطران عليها. ولن يكتفي عبد الله صالح بذلك بل ان غروره وتعلقه بالسلطة سيجعله يسير في طريق مليء بالألغام وسيعمد بالتالي الى التظاهر بانه يمارس قناعاته التي طالما رددها وهو على رأس السلطة بأن من يحكم اليمن كمن يرقص على رؤوس الافاعي..
وستكون نهاية عبد الله صالح بدوره دموية وسينقلب عليه حلفاؤه الحوثيون الذين سبق له أن كسب ودهم وانضم الى صفوفهم وأعلن معهم العداء على السعودية قبل أن ينقلب عليهم ويعلن استعداده للتحالف مجددا مع الرياض والتعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين المدعومين من ايران، ولكن عبد الله صالح لن يتمكن من مواصلة الرقص هذه المرة مع الافاعي وستكون نهايته دموية ولا تقل فظاعة عما آل اليه القذافي قبل ست سنوات.
بقي اذا الرئيس السوري بشار الاسد الذي يبدو انه استطاع حتى الآن الحفاظ على موقعه بدعم روسي ايراني الى جانب حزب الله اللبناني، ولمن الثمن سيكون باهظا وسوريا اليوم مشهد موسع من الدمار والخراب الذي تجاوز كل التوقعات فضلا عن وجود اربع قوى عسكرية اجنبية على التراب السوري وهي امريكا وروسيا وايران فضلا عن الشبكات الارهابية المنضوية تحت مظلة القاعدة او تنظيم «داعش»..
وهنا بيت القصيد وأخطر ما سجله الربيع العربي الذي تحول من انتفاضة شعبية ضد الفساد والاستبداد ومن اجل الحرية والكرامة والعدالة الى حرب مفتوحة ضد الارهاب بعد ان استوطن «الدواعش» الاوطان وجاهروا بمخططاتهم وبدؤوا الاعداد لإقامة امارتهم الاسلامية لتتلاشى بذلك بقية من اوراق ربيع عربي لم يكتب له الاستمرار طويلا.. وستستنزف الحرب على الارهاب الكثير من الجهود وستعيد ترتيب الاولويات، وستتفاقم الصعوبات امام تجربة الانتقال الديموقراطية وستكون كارثية في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق..
ربيع فارسي مع تأجيل التنفيذ..
نهاية العام 2017 شهدت عودة موسم التحركات الاحتجاجية في ايران والتي لم تخرج عن القاعدة حيث خرج المتظاهرون من الشباب الى الشوارع احتجاجا على تفشي الفساد وعلى معاناة الشباب مع التهميش والفقر وقمع الحريات..
ورغم أن الاحتجاجات في ايران التي تظل جزءا لا يتجزأ من العالم الاسلامي ومن منطقة الشرق الاوسط اتخذت في تقلباتها بعدا سياسيا دوليا مع التدخلات الخارجية ومحاولات الضغط لا سيما من جانب الادارة الامريكية كما من جانب اسرائيل لتفقد تلك التحركات زخمها وتدفع الى تراجع وقع الاحتجاجات والتي جعلت السلطات الايرانية امام تحديات لا مجال لإسقاطها او التقليل من شانها او الهروب من مواجهتها بقطع الانترنت او حجب المواقع الاجتماعية في عالم تحكمه العولمة بعد أن سقطت فيه كل الحدود والجدران الالكترونية والاسمنتية ووحدت مطالب وأهداف الشباب في الانعتاق والتطلع الى عالم افضل.. وستظل قراءة المشهد الايراني مسالة معقدة في ظل الغموض السائد بشأن مدى استعداد طهران وبعد نحو اربعة عقود على الثورة الاسلامية على الخروج من دائرة هيمنة الملالي وسلطة العمائم.
قبل موسم الاحتجاجات في ايران كان المسؤولون الايرانيون يفاخرون بسيطرتهم على اربع عواصم عربية وفي بداية موسم الربيع العربي في تونس كان صناع القرار في ايران يصرون في تصريحاتهم على أن ما حدث في تونس امتداد للثورة الاسلامية التي يتوقون الى انتشارها الى خارج حدودهم وربما تناسوا في غمرة الاحداث أن المجتمع التونسي الذي شهد تعاقب الحضارات لم يكتشف الدين الاسلامي بعد الثورة وان الاسلام ليس شأنا جديدا في البلاد التي عرفت الاسلام قبل اربعة عشر قرنا..
طبعا لا يمكن الحديث عن حصاد سبع سنوات من موسم الربيع العربي الجريح دون التوقف عند تجربة ورقة الاسلام السياسي وسيطرة الاخوان والاحزاب الاسلامية على المشهد واستبدال دكتاتورية الفساد والاستبداد بدكتاتورية العمائم ورجال الدين، وستنتهي هذه التجربة في تونس بانسحاب حركة النهضة من السلطة بعد ان اوشكت البلاد على الدخول في نفق مسدود، وفي مصر ستنتهي تجربة الاخوان بانقلاب يعيد سلطة العسكر الى السلطة. وفي ليبيا سيظل المشهد معلقا في ظل الانقسام الحاصل في هذا البلد والفراغ الامني والمؤسساتي الذي دفع الى انتشار الشبكات المسلحة..
وفي اليمن فان معاناة الشعب اليمني تتفاقم في بلد بات عنوانا للخراب وانتشار الاوبئة والكوليرا حتى أن من لم يمت من اطفال اليمن جراء القصف والرصاص مات نتيجة للجوع أو المرض..
وقد كان من الطبيعي أن تؤدي كل هذه التحولات الى تراجع القضية الفلسطينية عربيا ودوليا وان تدخل القضية مرحلة غير مسبوقة من التهميش والتغييب وان تزهر بالتالي تداعيات ذلك في الكيان الاسرائيلي الذي سيتجه الى تعزيز مواقعه والاستفادة عسكريا وسياسيا من الانهيار الذي اصاب سوريا واضعف لبنان ودمر العراق وشتت جهود السعودية في اليمن وأدى الى تقسيم السودان وربما غيره لاحقا..
ما يحدث في السودان ايضا ليس بمنأى عما يحدث في بقية دول المنطقة واذا كانت السلطات السودانية نجحت في احتواء وقمع التحركات الشعبية ضد ارتفاع اسعار الخبز فان ذلك لا يعني نهاية المطاف او نهاية الاحتقان الشعبي بما يعيد الى الاذهان سيناريو 2013.. منذ انقلاب الانقاذ الذي قاده الرئيس عمر البشير في 1989 والتحالف مع الاخوان لم يعرف السودان طريق الخلاص بل اتجه من الصراعات والحروب والنزاعات الى الانقسام الذي انتهى به الى سودان شمالي مسلم وآخر جنوبي مسيحي ومن يدري فقد يكون السودان مهد ولادة بلد ثالث قد ينفصل عنه.. السودان قد لا يكون آخر الانقسامات في الخارطة العربية المرشحة لمزيد التفكك. ومع استمرار غياب البدائل والخيارات لوقف سيناريو الفوضى المدمرة واعادة الاعمار والاستجابة للمطالب والطموحات المشروعة للشعوب فان السيناريو لا يبدو بعيدا في المشهد الليبي بعد القذافي او المشهد العراقي او المشهد اليمني او كذلك السوري...
من الواضح ان الرئيس البشير مستعد للدخول في كل التحالفات التي قد تسمح ببقائه في السلطة ومن ذلك التحالف الجديد مع الدوحة وانقرة والتنازل عن جزيرة سواكن الاستراتيجية على البحر الاحمر لفائدة تركيا لاستغلالها وتحويلها الى قاعدة عسكرية بما يعني دخول السودان في ازمة جديدة مع مصر..
هل مازالت تونس النموذج العربي؟
كثيرون يتساءلون بعد تواتر الخيبات والانكسارات وتفاقم الاحباط هل مازالت تونس النموذج لدول الربيع العربي؟... وقبل التوقف عند ذلك نقول ليس مهما أن تكون تونس نموذجا.. وستظل جائزة نوبل للسلام العنوان الذي سيعيد تحديد البوصلة عندما تحيد السفينة عن المسار، والبوصلة هي الشعب التونسي الذي سيظل الحصن لتونس عندما تفقد النخب السياسية وعيها وتغرق حتى الثمالة في صراعاتها حول السلطة واغراءات الكرسي والنفوذ، ولكن الاهم من كل ذلك أن 2011 كانت سنة سقوط الطغيان وخروج التونسيين كما الشعوب العربية من قبضة التسلط لتتنفس حرية وتغني وتهتف للحرية، وتؤكد للعالم أن هناك طريقا ثالثا غير الدكتاتورية سواء كان ذلك تحت غطاء الدين او غطاء العسكر.. وأن هذا المد الجديد وهذا التوجه نحو التمرد على الخوف وكسر القيود عن الشعوب التي ظلت طويلا تعامل كمواطنين من الدرجة الثانية...
..وللسعودية نصيب من الثورة!
لسنا واهمين ولا نعتقد أن ما أعلن من قرارات في السعودية مع مبايعة ولي العهد محمد بن سلمان للاستثمار في الشباب ومحاربة الفكر المتطرف والقضاء على الفساد وانفتاح ودعم لبعض حقوق المرأة تظل على اهميتها في حاجة لمزيد الاختبارات في بلد محكوم بعقلية ذكورية اقصائية..
الا أن ما حدث قبل ساعات في المملكة السعودية مع السماح للنساء في المملكة ولأول مرة بدخول الملاعب الرياضة أمر ما كان يصدق في هذا البلد حيث رفع قبل اشهر الحظر على حقها في قيادة السيارة.. وهي خطوات وان بدت مضحكة في القرن الواحد والعشرين فإنها يمكن ان تكون مؤشرا على تحول في مجتمع خاضع لسلطة العمائم التي ترى في المرأة مجرد رقم في هوية الاب او الزوج او الاخ.. لا شيء اليوم في زمن العولمة يمكن أن يقف في وجه ارادة الشعوب وطموحاتها ولذلك فان وعي الشعوب بتحديات المرحلة وتعقيداتها وتأهبها في مجابهة كل محاولات الاستقطاب أمر مطلوب لتجنب مزيد المآسي التي ارتبطت بالخيارات الكارثية التي نجمت عن الربيع العربي وسحب البساط امام الاستمرار في سياسة الصراعات الاقليمية الدموية وحرق الاخضر واليابس والدفع الى تلك القناعات البائسة بان الحرية عنوان للفوضى وللتدمير الشامل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.