نظرة في مجريات عامي 2011، و2012 01/01/2012 طوينا بالأمس آخر صفحات عام 2011، كان عاماً مليئاً بالخير والآمال الكبار. منذ إطلالته الأولى وشهره الأول، فاجأنا بمارد ثورات الربيع العربي، التي انطلقت من تونس البوعزيزي الذي أحرق نفسه قهراً على إهانة تلك المجندة ، ليطلقان معاً شرارة لم تنطفئ، بل ظلت تتوارى جمرتها، لتستهوي مهعا قلوب الشباب في مختلف أرجاء الوطن العربي. حدث الربيع العربي غطى على كل الأحداث التي جرت في 2011، فقد كان الحدث الأكبر بامتياز، فصوره المثيرة للدهشة في مصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا، لا تزال تتداعى كراً وفراً. ورغم أن ذلك العام قد شهد حوادث مهمة أخرى كرحيل شخصيات، وحدوث زلازل وفيضانات أهما تسوناني اليابان، وسيول جدة. ويعتبر تقسيم السودان وسقوط مبارك والقذافي، وكسر الشعوب لحاجز الخوف والتردد من أهم الأحداث السياسية في عام 2011. قابلها تطور في أدوار بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية التي تولت إخماد ثورة البحرين واليمن، ودور دولة قطر التي ساهمت في أحداث ليبيا وسوريا، كما تعد عملية المصالحة الفلسطينية وتبادل الأسرى من أهم الأحداث السياسية في عالمنا العربي. وعلى المستوى العالمي فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية بدت في عام 2011 أكثر ضعفاً مما مضى رغم تجميل صورتها بالتدخلات هنا وهناك، ولكنها بدت عاجزة عن مناجزة قوة إيران المتنامية، وضمور دورها المتعثر في أفعانستان ، وعدم قدرتها على حسم خطواتها مع حزب الله في لبنان وإسقاط النظام السوري، رغم كل الدعم الذي تتلقاه من الدول الحليفة والصديقة. وقد زاد من ضعف الدور الأمريكي، أزماتها الاقتصادية والمالية التي تعانيها من الداخل كأزمة الدين العام التي جاءت على أنقاض كارثة الرهن العقاري.. وباتت تبحث لنفسها عن مصادر ابتزاز تعوض هزائمها السياسية وأزماتها المالية التي ختمت بالتظاهرات المطلبية المزمجرة المنددة بفحش الشركات الرأسمالية في وولت ستريت حتى اليوم. كما شهد الإتحاد الأوربي تفككا غير معلن إثر الأزمة المالية التي تعصف باليورو وتهدد بمستقبله الواعد. شهد عام 2011 حمامات دم في ليبيا ومصر واليمن والبحرين وسوريا، مشاهد من انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان العربي. ولكنه شهد في المقابل مساهمة غير مسبوقة للمرأة العربية للمطالبة بالحقوق والمسيرات والاعتصام، ونالت حظاً كبيرا من القتل والاستشهاد ، توجت بتكريم السيدة كرماني بجائزة نوبل للسلام ، فمشهد المرأة العربية في العام المنصرم مشهد مشرف وبارز يمثل قفزة نوعية لوعي المرأة السياسي. وها نحن نستقبل اليوم عام 2012، عاما جديداً، يخبئ تحت طياته الكثير من المفاجآت على المستوى السياسي والاقتصادي والطبيعي ، من خلال رؤيتنا التي نستقيها من استقراء خط الزمن وربط حوادثه ومعطياته نتوقع التالي، علماً بأننا لسنا من المتخصصين في علوم الفلك ولا علوم التنجيم ولا الغيبيات إنما هي توقعات مجردة: نرى أن عام 2012، سيكون عاما رائعاً بفتوحاته العلمية والتقنية المتطورة. فيما سيشهد استقراراً نسبياً في تونس وليبيا ومصر، تتخللها أزمات سياسية سرعان ما تخبو، سترافق انتخابات الرئاسة في مصر جلبة وفوضى قد تستغل من أطراف ذات مصلحة لإشعال فتن هنا وهناك ، قد تستلزم تدخل العسكر لتحدي اشتباكات دموية أحيانا. ستراوح قضية سوريا مكانها بين الكر والفر، رغم أن الأطراف ستتوصل لصيغة هشة لإجراء تغييرات جوهرية في نظام الحكم ربما تنهي حقبة من تفرد حزب البعث الحاكم بإدارة البلاد، فيما تحاول بعض الأطراف الابتزاز وتغذية الخلاف وشق الصف بغية تقسيم سوريا وإضعاف دورها. أتوقع أن يشهد عام 2012 رحيل بعض الزعماء العرب عن الكراسي وعن الحياة. وتدهور استقرار دولة عربية كبيرة. فيما ستستمر ثورة اليمن ولن تتمكن مبادرة مجلس التعاون الخليجي من الصمود لإرساء الاستقرار فيه، وسيلجأ الرئيس علي عبدالله صالح إلى الرحيل مع بعض حاشيته والإقامة في بلد مجاور، وربما يتعرض أحد أبنائه للاغتيال. ستشهد البحرين عواصف سياسية وأمنية مؤسفة، تنتهي بوفاق وتصالح وتغيير جوهري في نظام الحكم، ربما يمتد حصاده إلى 2013 ولكن لن يكتب للوضع هدوء واستقرار دائم. ستعصف بلبنان عواصف قوية تطال مراكز قوية فيه، كما قد تندلع حرب على الحدود مع إسرائيل. كما ستحدث اضطرابات أمنية وسياسية في العراق ومحاولات للتقسيم بدعوى الكونفدرالية، ومع ذلك سيحاول العراق أخذ دوره المؤثر في الأحداث. ربما يشهد عام 2012 بروز بعض القيادات المؤثرة على مستوى العالم العربي ، تلفت وتسترعي الأنظار بأطروحتها السياسية والاقتصادية. على المستوى الإقليمي والعالمي، قد تطرأ تحالفات جديدة على إثر انشقاقات مفاجئة. وستفاجئ جمهورية إيران الإسلامية العالم بمفاجآت تقنية وعسكرية غير مسبوقة. كما أنها ستدخل في تفاهمات إستراتيجية جديدة مع الجوار تزيد من حدَّة التوتر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعمل على إعادة ترسيم حدودها المصلحية في الوطن العربي والخليج، بعد أن تفقد الكثير من التأييد الأوربي إثر هزائمها الاقتصادية وتعرضها لتحديات وضربات أمنية موجعة. سيواجه الدور التركي مشاكل كبيرة وتقلص إثر خسارته بعض مواقعه الإستراتيجية نتيجة انتهاج بعض السياسات الخاطئة.