تجاوزت تعريفة علاج أطباء الاختصاص من الخواص الخطوط الحمراء «لتقفز» إلى حدود 65 و70 دينارا رغم وجود جدول تعريفي يضبط هذه التعريفة من قبل الهياكل المعنية. هذا الارتفاع الصارّوخي في التعريفة قوبل بموجة من الاستنكار من قبل المواطنين بالنظر إلى أن التعريفات التي يعتمدها بعض أطباء الاختصاص تضرب عرض الحائط بالقانون والاتفاقيات المبرمة بما يجعل المواطن عاجزا في غالب الأحيان عن سداد هذه التعريفة. ولأن الحق في الصحة وفي العلاج من الحقوق الجوهرية التي يكفلها الدستور فانه يصح ّالتساؤل عن سبب إقرار زيادات «مفزعة» في تعريفة العلاج رغم أنّ هذه التعريفة محدّدة من قبل عمادة الأطبّاء فضلا عن وجود اتفاقية مبرمة مع الصندوق الوطني للتامين على المرض تلزم الأطباء المتعاقدين معه باحترام التعريفات المنصوص عليها. ولكن مع ارتفاع معلوم تعريفة العلاج في بعض الاختصاصات على غرار أمراض العيون والقلب والشرايين فضلا عن طب الأسنان لتصل الى 70 د يضع هذه الاتفاقيات وجدواها في الميزان. وبما أن عمادة الأطباء تعتبر الهيكل المعني بهذه التجاوزات بالنظر الى وجود قانون يضبط التعريفة فقد أورد منير يوسف مقني عميد الأطباء في تصريح ل»الصباح» أنه ومنذ جوان 2016 هناك مذكرة أسعار ضبطت التعريفة كالآتي: 30 دينارا - 35 دينارا بالنسبة للطب العام و40 و50 د بالنسبة لطب الاختصاص. وحول التشكيّات السالفة الذكر بخصوص التعريفة المشطّة، أورد مقني بأنها وردت على العمادة بعض التشكّيات وعلى إثرها تتولى العمادة إتباع الإجراءات اللازمة نافيا في السياق ذاته أن يكون للعمادة دور في اتخاذ إجراءات ردعية. وقال في هذا الخصوص:» لسنا هيكلا رقابيا يتولى ضبط مختلف آليات الردع فالمسار التأديبي ليس من مشمولاتنا» وإنما تقوم مهمتنا على التقصي. من جهة أخرى يتساءل كثيرون عن جدوى الاتفاقية المبرمة مع الصندوق الوطني للتامين على المرض»الكنام» والتي تضبط سقفا محدّدا لتعريفة الأطباء المتعاقدين مع الكنام. ويشير في هذا السّياق صالح حميدات الناطق الرسمي باسم الصندوق الوطني للتامين على المرض في تصريح ل«الصباح» أن الصندوق يتفاوض حاليا مع مختلف الهياكل النقابيّة والأطبّاء بخصوص مراجعة التعريفات الموجودة مؤكدا في السياق ذاته أنّ الاتفاقية المبرمة بين الكنام والأطباء المتعاقدين مع الصندوق لا تزال سارية المفعول مبيّنا ان الاتفاقيات التعاقدية لم تراجع منذ سنة 2004 . لا وجود لتشكيات وحول الزيادة المفزعة التي يعتمدها بعض أطباء الاختصاص أورد حميدات أن الصندوق لم يتلق تشكيّات في هذا الغرض مؤكّدا انه في صورة وجود تجاوزات فإنّ هناك إجراءات قانونية تتبع. وأوضح الناطق الرسمي باسم الصندوق الوطني للتامين على المرض أن الصندوق يشتغل على جملة من المسائل والمراجعات الهامة على غرار منظومة التقاعد والتأمين على المرض. وقال في هذا الشّأن:»سنة 2018 ستكون سنة المراجعات الكبرى. فممّا لاشك فيه أن التوازنات المالية للصندوق الوطني للتامين على المرض تبقى من بين المسائل الهامة بما أنها تمنح ديمومة لمنظومة التامين على المرض اذ أنّ الاتفاق حاصل على انها ضرورية للمواطن.» الحاجز النفسي من جانب آخر وبخصوص تشكيّات المواطنين من التعريفة المشطة التي يعتمدها بعض اطباء الاختصاص، يقرّ أكرم الباروني نائب رئيس والمستشار القانوني لمنظمة الدفاع عن المستهلك في تصريح ل«الصباح» بوجود تعريفات تجاوزت تسعيرتها الخطوط الحمراء لكنه ينفي في السياق ذاته وجود تشكّيات من قبل المواطنين في هذا الجانب بالنظر إلى انّه يصعب فعلا على المواطن أن يقاضي طبيبه لا سيّما أن المريض عادة ما يكون في وضعية حرجة وكل ما ينشده هو الشفاء من مرضه وبالتالي فان هناك عائقا نفسيا وأخلاقيّا يقف حاجزا أمام مقاضاته لطبيبه. وأضاف الباروني أن حق المواطن في الصحة وتلقي العلاج من بين الحقوق الجوهرية المنصوص عليها في الدستور التونسي لكنه حق نظري بما أن المريض يصطدم واقعيا بجملة من الإشكاليات من بينها تعريفة مشطّة لا سيّما فيما يتعلق بتسعيرة أطباء الاختصاص علاوة على أسعار الأدوية التي تعتبر باهظة جدّا هذا دون أن نتغافل على الزيادات المدرجة في قانون المالية لسنة 2018 حيث تم التّرفيع في ثمن أكثر من 1000 دواء متسائلا في هذا الإطار: أين حق المواطن في الصحة؟ وأورد الباروني في هذا الإطار أن مهنة الطب من بين المهن النبيلة والإنسانية وبالتالي لا نريد أن تطغى المادة على هذه المهنة السّامية قائلا:» أدعو الأطباء إلى تغليب الجانب الإنساني والنبيل في مهنتهم وان يكون هاجسهم الربح المادي» علما أن هذا لا ينفي من وجود اطباء يلتزمون بأخلاقيات المهنة وتعتمد على التعريفات القانونية المتعارف عليها. وفي هذا الخضم تجدر الإشارة إلى أن التسعيرة المحددة للأطباء كآلاتي: تعريفة طب عام تتراوح بين 30 و35 د، طب الاختصاص بين 40 و45د في حين تقدّر تعريفة الاطباء المختصين في علم النفس بين 45 و55 د لكن شتّان بين القانون وبين الواقع....