دون مقدمات ودون تاخير خرجت من جملة الملفات او "الدوسيات" المتضمنة ل"شبهة فساد" الى العلن حيث ستكون ذات تاثير واضح وقوي على تحولات المشهد السياسي في بلادنا قبل أشهر قليلة من تنظيم الانتخابات البلدية. ملفات حملت شعارا نقيا متجسدا "في الحرب على الفساد"، حرب بما هي عملية حقيقية لبناء واقع اقتصادي افضل ومناخ اجتماعي معتدل الا ان العنوان المعلن لم يكن سوى منعرج سياسي لاعادة ترتيب اكثر من بيت بهدف استعادة القواعد الضائعة اولا وافتكاك اخرى تحت عناوين وطنية. ولأن الامر لا يخلو من مخاطر فقد تم اعتماد تكتيك جديد يقوم على كشف الملفات (الدوسيات) واستعمالها وقت الحاجة في اطار خطة عمل شملت عددا مهما من الشخصيات الوطنية وأساسا بنداء تونس الذي عمل على استقطاب و"استجلاب" عناصر ما زالت محل رفض واسع داخل الحزب، ذلك ان من يملك الدوسيات قادر على اخضاع اعتى الخصوم وابتزازهم ولا امل لهم الا القبول بدخول مربع النفوذ والالتحاق به في اطار صفقة مربحة تقوم على الخدمة مقابل الامان في موقف هو اشبه ما يكون بسفينة نوح زمن الطوفان العظيم. هكذا امر كشفته زهرة ادريس عضو مجلس النواب عن حركة نداء تونس باذاعة جوهرة التي وصفت بعض الشخصيات التي التحقت بالحزب مؤخرا ب"الانتهازيين" الذين لديهم "ملفات ثقيلة" ويريدون حماية أنفسهم من خلال التخفي وراء الحزب، وفق تعبيرها". ووفقا لبعض التسريبات من داخل النداء نفسه هناك قيادات لها من الملفات الثقيلة ما يجعلها تلتحق بالحزب ودون ذكر اسماء فقد كشف مصدر "ان احد القياديين يشتبه فيه بالسطو على مبلغ فاق 250 الف دينار من مواطن بالضاحية الجنوبية." وذكر ذات المصدر "ان الضحية اتجه الى هيئة مكافحة الفساد والى العميد شوقي الطبيب رأسا ومنه الى فرع هيئة المحامين بتونس التي وعدت بالنظر في الملف منذ نحو شهر افريل الماضي ." ومن الملفات الاخرى التي كشفها مصدرنا " ان احد المذكورين في الكتاب الأسود الذي اصدرته رئاسة الجمهورية منذ نحو 3 سنوات وقع تأجيل النظر في قضاياه ليرفع عنه تحجير السفر بعد نحو شهر من التحاقه بالحزب." واعتبر ذات المصدر ان من بين الملتحقين بالحزب وردت أسماؤهم في وثائق باناما وهو ما جعلهم يقفزون في قارب النداء طلبا للامان من الحزب." وفي تعليقه على كل ما تقدم قال مسؤول الاعلام والاتصال بنداء تونس فؤاد بوسلامة ان الحزب لا يتدخل في القضاء على اعتباره مؤسسة مستقلة، كما ان النداء ضد الاقصاء وبالتالي نحن منفتحون على كل الكفاءات وعند التحاق البعض بالحزب لا نفتش في نواياهم ولا ننصب لهم محاكم التفتيش، ومن ثبت تورطه يكون القضاء هو الفيصل." وبخصوص موقف زهرة ادريس قال بوسلامة "موقفها يلزمها لوحدها فقط لا غير". وفي واقع الامر بدات حرب "الدوسيات" الحاصلة اليوم في تونس واضحة بعد الكشف عن الملف القضائي لوزير المالية بالنيابة السابق فاضل عبد الكافي وتحريك ملف مفتي الجمهورية السابق عثمان بطيخ واستعمال بعضها ضد سليم الرياحي والتهديد بكشف ملفات اخرى بما يوحي انها مساع حقيقية لاعادة تقسيم النفوذ ورسم حدود التوازنات بين الاطراف السياسية والمالية والاجتماعية الفاعلة. ويذكر ان احالة وزير الشؤون الدينية السابق ومفتي البلاد عثمان بطيخ على انظار قطب الفساد المالي في شبهة فساد اثر قضية رفعها ضده احد المحامين على خلفية اتهامه بالتلاعب بموسم الحج لسنة 2015 بعد تخلي قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس عن الملف وبعد نحو 24 ساعة من الندوة الصحفية لعدد من الشيوخ والائمة الذين رفضوا خلالها ما تبناه الرئيس الباجي قائد السبسي بالدعوة الى المساواة في الميراث بين الرجل والانثى وحق المسلمة في الزواج من غير المسلم. فهل من الصدفة ان يحال الملف بعد نحو سنتين على انظار القضاء وفي هذا التوقيت بالذات اي في الوقت الذي ارتفعت فيه وتيرة الرفض لمقترح رئيس الجمهورية بالمساواة في الميراث؟ فمن يتحكم في لعبة "الدوسيات" ولأي غرض؟ وهل ينجح ماسك الملفات في اخضاع المزيد من الشخصيات؟ وأي مستقبل للمفعول بهم؟؟؟ خليل الحناشي