مازالت الأحزاب غير قادرة على ضبط قائماتها الانتخابية للاستحقاق البلدي القادم، عجز مرده اساسا إلى القانون الانتخابي الذي لا يخدم جل الاحزاب بقدر ما يعطي إمكانيات واسعة لأحزاب أخرى. وبات واضحا ان بعض الشروط التي يفرضها القانون المنظم للعملية الانتخابية قد تعيق المترشحين أو الاطراف السياسية الراغبة في خوض غمار البلديات حيث من المنتظر ان تُطيح الأداءات البلدية التي من المفترض أن يدفعها المترشح بالعديد من القائمات سواء للمستقلين أو حتى للأحزاب نفسها، بما أن المترشح سيجد نفسه مطالبا بدفع ما بذمته من اداءات بلدية «كالزبلة والخروبة» في إطار مبدأ خلاص الذمة. وسيطرح الإشكال بالنظر إلى ان العديد من التونسيين لم يسددوا معاليم البلديات خلال السنوات الخمس الماضية، على الأقل، وذلك في ظل وجود نيابات خصوصية عجزت عن الدفع بالمواطنين للالتزام بواجبهم الجبائي مما أدى بهم الى ترك هذه الملفات مغلقة دون الرجوع اليها، واثر حل النيابات الخصوصية لم يقم المعتمدون بالجهات بفتح الملف ايضا لا عجزا وإنما خوفا من ان يفقدوا مناصبهم بتلك الجهات. وإذا ما وجدت الاحزاب صعوبة في تقديم مترشحين للانتخابات وأساسا من الموظفين بسبب عدم خلاص المترشحين للمعاليم البلدية فانه من المتوقع ان تقوم تلك الأحزاب بدفع الأموال عوضا عن المترشح نفسه وهو ما سيفتح باب المال السياسي الفاسد، وإذا ما خيرت الأحزاب عدم القيام بالدفع فان ذلك سيمكن فئة اخرى من التونسيين من الترشح بجهاتهم وهم أساسا اما رجال الاعمال أو «الكناطرية» أو قائمات محسوبة عليهم أو قريبة منهم. فهل تطيح الزبلة والخروبة بالقائمات الحزبية؟ وهل تلتجئ الدولة الى إصدار قانون للإعفاء الجبائي أم ستحرص على استرداد أموالها من جيوب المترشحين؟ شرط الأداء البلدي ضروري في رده على أسئلة «الصباح» قال الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي ان شرط الأداء البلدي الذي يعرف بالزبلة والخروبة هو شرط أساسي لكل مترشح ولا يمكن قبول أي مترشح ما لم يكن خالص الأداءات وهو ما قد يساهم في إسقاط قائمات برمتها في حال غاب هذا الشرط». واعتبر الشواشي ان المال السياسي لعب دورا أساسيا في الانتخابات التشريعية والرئاسية 2014، حيث شرعت أحزاب في التوجه نحو الناخبين عبر توزيع مساعدات وإنشاء مصحات مجانية وهو ما يؤكد ان بعض الأحزاب قد انطلقت في عملية الاستثمار في الناخبين. من جهته اعتبر الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسيم البثوري ان الانتخابات البلدية في مناخ ديمقراطي، فرصة لتعزيز قيم المواطنة القائمة على ثنائية الحق والواجب فمن واجب الدولة السعي بكل الطرق لتحصيل مداخيل المجموعة الوطنية والانتخابات البلدية فرصة لها لاسترداد أموالها من المواطنين الذين تعمدوا عدم القيام بواجبهم نحو الدولة ويمكن للدولة أن تقوم ببعض التسهيلات كتقسيط المتخلد بالذمة أو طرح خطايا التأخير من أجل تشجيع المواطنين عموما على الترشح لهذا الاستحقاق». وقال الناشط السياسي والنقابي المستقل مهدي عبد الجواد «بطيئة وباردة هي الاستعدادات للانتخابات المحلية والحال انها على الأبواب. فالجو الانتخابي بارد جدا، والريبة من الأحزاب والتوجس من السياسيين وانعدام الثقة في النخب السياسية سمة غالبة على التونسيات والتونسيين، وتترجم ذلك نسب التشاؤم ونوايا الامتناع عن التصويت، فما بالك بالترشح. اما فيما يتعلق بموقف حركة النهضة قال الناطق الرسمي باسم الحزب عماد الخميري» ان حركة النهضة استعدت لهذه المسالة عبر اختياراها لمرشحيها في القائمات البلدية اذ اشترطت على كل من يرغب في الترشح ضمن قائماتها ان يكون خالص الاداء البلدي حيث ان الرغبة في خدمة السلطة البلدية غير كافية بل يجب ان يرافقها امتثال المترشح لأبسط قواعد المواطنة وهو الالتزام الفردي بخلاص الأداءات». وأضاف الخميري أن الحركة صارمة في هذا الشأن وكانت قد وضعت شرط الخلاص كنقطة أساسية للمترشحين الحركة في جميع الدوائر البلدية». وعن إمكانية تدخل المال السياسي لخلاص الأداء البلدي للمترشحين قال الخميري «انه من غير المنطقي ان يترشح احدهم للانتخابات البلدية وهو غير خالص لأداء وان الحديث عن تدخل المال السياسي او المال الفاسد في هذا الباب أمر غير منطقي».