علمت "الصباح" أن نداء تونس وفي إطار تحضيراته للانتخابات البلدية القادمة سيوجه دعوة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لإعطاء إشارة انطلاق الحملة الانتخابية للحزب. وتأتي هذه الخطوة في سياق الجدل المتواصل إلى حد الآن حول ما اعتبره كثيرون تداخلا بين الحزب والدولة على خلفية إعلان نداء تونس في وقت سابق عن قائمة المكلفين بالإعداد للانتخابات ومن بينهم وزراء في الحكومة. وقد سجلت الأطراف السياسية رفضا واسعا للإجراءات المتخذة خشية توظيف العمل الحكومي في الترويج لقائمات النداء. وقد تغذي دعوة رئيس الجمهورية لافتتاح الحملة الانتخابية لنداء تونس الجدل حول حياد رئاسة الجمهورية ووقوف رئيس الجمهورية على نفس المسافة من جميع الأحزاب. وتجنبا لعودة الاستبداد من بوابة الفصل السابع من الدستور وقطعا للطريق أمام مقولة "حزب الدولة" اعتبر منسق حزب تونس أولارضا بلحاج في تصريح ل"الصباح" أن الإعلان عن قائمة المفوضين من النداء للإشراف على الانتخابات البلدية "أمر خطير جدا على الانتقال الديمقراطي خاصة بعد حضور المسؤول عن الجماعات المحلية في حكومة يوسف الشاهد السيد شكري بن حسين لأشغال الاجتماع الأخير للنداء مما يؤكد مخاوفنا السابقة في ضرب حياد الإدارة والانحياز للحزب على حساب المسار الانتخابي". وأضاف بلحاج "أن الوضعية تشبه ما كنا نعيشه قبل الثورة من خلال إبراز دور الحزب عوضا عن الدولة وهو ما خلق دولة الحزب ذلك أن الوزراء مطالبون بإيجاد الحلول للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الهش لا أن يستغلوا كل إمكانيات الدولة لفائدة الحزب ليضربوا مسار التحولات الديمقراطية في البلاد". وبخصوص موقفه من إمكانية دعوة رئيس الجمهورية لمواكبة افتتاح الحملة الشعبية للحزب أكد بلحاج أن هذا الأمر لو تم فهو مخالف تماما للدستور في فصله 76 كما ان إمكانية مشاركة رئيس الجمهورية يمثل موقفا من شخصية من المفترض ان تكون محايدة وعلى نفس المسافة من كل الأحزاب وشخصيا اعتقد أن رئيس الدولة لن يقوم بمثل هذه المشاركة". تحييد الإدارة من جانبه تساءل القيادي بحزب العمال والجبهة الشعبية عمار عمروسية عن جدوى وجود وزراء ضمن "قائمة النداء للتحضير للانتخابات "في وقت كان عليهم تسخير جهودهم ووقتهم لإنقاذ الواقع المتردي للتونسيين وأضاف عمروسية" ان ما يمارسه النداء هو ذات العقلية التجمعية بما هو اندماج فضيع بين الحزب والدولة في وقت يتطلب تحييد الإدارة ولكن الحزب الحاكم الْيَوْمَ يستعمل الإدارة ضاربا بعرض الحائط كل القوانين من خلال ممارسات غير مقبولة وهو ما يجرنا للقول إن الدولة غير محايدة في هذا الباب مما يؤثر سلبا على العملية الانتخابية ويمس من نزاهة الانتخابات بما هي ممارسة ديمقراطية تتطلب تكافؤ الفرص للجميع من أحزاب ومستقلين". وأكد عمروسية "أن مشاركة رئيس الجمهورية في افتتاح الحملة الانتخابية للنداء أمر لا علم لي به ولكني لا استغربه حيث سبق له في جانفي 2016 افتتاح أشغال مؤتمر الحزب.. وهو ما يعني انتكاسة فظيعة وإنتاجا لمنظومة الحكم البائد خاصة وان الرجل مفعم بثقافة الاستبداد ولنا في مواقفه من الإعلام الذي يعيش محاصرة وتنصت على الصحيين العبرة." ولَم تكن هذه المواقف الوحيدة التي عبرت عن خشيتها من عودة المد التسلطي للحزب الحاكم حيث انتقد الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ما اسماه بعودة حزب الدولة ووصف مرزوق في ندوة صحفية سابقة الخطوة" بالإخلالات الخطيرة ذلك أن الحزب قام بتوظيف الدولة لخدمة الحزب واستعمال مدخرات البلاد من سيارات وصفات حكومية للتأثير على الناس وعلى المترشحين وقد بدا بعضهم في تخويف المنافسين الموجودين في قائمات حزبية أخرى. موقف النداء وفِي رده على مجموع الانتقادات الموجهة للحزب علق رئيس مكتب الاتصال والإعلام بالنداء فؤاد بوسلامة أن الحزب سيوجه فعلا الدعوة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على اعتباره الرئيس المؤسس، كما أن دعوته لن تشكل مسا من القانون كما سيروج البعض لذلك حيث يمكن لأي حزب أن يدعوه لمواكبة انطلاق حملته الانتخابية انطلاقا من بوابة انه رئيس كل التونسيين". وفِي محاولة لاستجلاء الأمر اتصلت "الصباح" بالناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية وأرسلت أكثر من رسالة بيد أنها لم ترد. فهل ترفض الرئاسة هذه الدعوة "المُحتملة" أم ستتجاوز الحاجز مجددا كما هو الأمر مع أشغال المؤتمر التأسيسي للنداء في مطلع سنة 2016؟ خليل الحناشي