ضربت خلال الأسبوع الجاري وحدات الادارة العامة للأمن الوطني وتحديدا على مستوى منطقتي الأمن الوطني بحمام الأنف وصفاقس الجنوبية بقوة بعد نجاحها في الإطاحة بثاني أخطر متحيل في تاريخ تونس إثر كمين أمني سبقته عملية استخباراتية دقيقة وقد أذنت السلط القضائية للادارة الفرعية للقضايا الإجرامية بإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني بمواصلة الابحاث. ووفق المعطيات التي تحصلت عليها»الصباح» فإن المشتبه به وهو كهل من مواليد سنة 1962 أصيل إحدى معتمديات ولاية سيدي بوزيد وقاطن عادة بصفاقس اندمج منذ سنوات في عالم التحيل حيث كان يتصل هاتفيا بضحاياه الذين يكونون عادة في حاجة لمن يتدخل لهم لدى بعض الادارات لقضاء شؤونهم وهم من مختلف ولايات الجمهورية ويقدم نفسه على أنه مسؤول بارزبالدولة ثم يبدي استعداده لحسم مختلف الاشكاليات العالقة وحلحلة كل الوضعيات الشائكة. تحيل على الادارات وكشفت معلومات إضافية أن المشتبه به الذي كان يتمتع بدهاء كبير وثقة في النفس اضافة لحسن التخاطب مع الضحايا كان يتصل من حين إلى آخر بعدة إدارات عمومية على غرار المعتمديات والقباضات المالية ومراكز مراقبة الآداءات والمندوبيات الجهوية على غرار التربية ويقدم نفسه على أنه مديرأو مدير عام لإحدى الادارات ويطلب الاستفسار عن الوضعيات غير المسوية المطروحة. عادة ما تعامل الاداريون معه عن حسن نية وأمدوه بمعطيات شخصية حول أصحاب الوضعيات العالقة من بينها الاسماء والألقاب وأرقام الهواتف فكان في كل مرة يغتنم الفرصة وينقض على فريسة ويغنم مئات الدنانير(المبلغ يتراوح بين 700 دينار و900 دينار عن كل عملية) بعد أن يوهمها بأنه مدير او مدير عام للادارة التي لاقت معها الاشكالية. عمليات تحيل بالجملة المشتبه به المزود ب»لسان يغزل الحرير» تمكن- مبدئيا وفي انتظار تقدم الأبحاث- من التحيل على 84 شخصا بينهم تجار كبار ومجازون ورجال أعمال حيث كانوا يرسلون له حوالات بريدية سريعة يقوم بسحبها من مراكز البريد بعد ان يقوم سائق سيارة أجرة(تاكسي) بإيصاله في كل مرة وفق تنسيق مسبق بينهما. تمكن المشتبه به من الحصول على مبالغ مالية طائلة تقدر- مبدئيا- بعشرات الملايين وظل متحصنا بالفرار ومتخفيا لفترة طويلة رغم صدور ما لا يقل عن 31 منشورتفتيش في شأنه من وحدات أمنية مختلفة منتشرة في كامل ولايات الجمهورية الى ان سقط أخيرا في كمين أمني نصب له في «حي الحبيب» بصفاقس. في هذا الاطار قال مصدر أمني مسؤول ل»الصباح» إن تاجرا بالجملة تقدم ببلاغ الى فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بحمام الأنف أفاد فيه بأنه ارتكب مخالفة اقتصادية وتم تحرير محضر في حقه ولكنه فوجئ بشخص يتصل به هاتفيا ويعلمه انه مدير عام الابحاث الاقتصادية بوزارة التجارة(منصب غير موجود) وان المحضر الذي حرر ضده خطير وله تداعيات كبيرة واتفق معه على مساعدة. بعد برهة زمنية أعاد الاتصال به هاتفيا واوهمه أنه موجود رفقة عائلته في قليبية وسيارته معطلة وطلب منه ان يرسل له حوالة بريدية في دقيقة في إطار»صفقة» تسوية وضعيته مع وزارة التجارة فانطلت الحيلة على التاجر وأرسل له المبلغ المطلوب ولكنه فوجئ لاحقا بأن «المدير العام» لا يجيب على اتصالاته الهاتفية فأدرك أنه سقط ضحية متحيل بارع سلبه أمواله بالحيلة. السقوط في كمين أمني أولى الاعوان الموضوع العناية اللازمة واجروا سلسلة من التحريات بالتنسيق التام مع النيابة العمومية حتى تمكنوا من تحديد هوية المستفيد ومكان تواجده ومختلف المعطيات الشخصية حوله الى ان تفطنوا الى ارتكابه عملية تحيل أخرى وتواجده بالقرب من مركز البريد بحي الحبيب بصفاقس فنسقوا مع نظرائهم بمنطقة الامن الوطني بصفاقس الجنوبية. نصب الاعوان كمينا محكما للمتحيل حيث رابطوا بالمركز وتظاهروا بتعمير حوالات الى ان تفطنوا لقدوم كهل إلى المركز وتقدمه نحو موظف بالنافذة ويطلب منه تمكينه من سحب حوالة في دقيقة ارسلت له ويقدم هويته فأدرك الاعوان حينها أنه هو المطلوب فحاصروه وألقوا القبض عليه واقتادوه الى المقر الأمني حيث أعرب عن استعداده لخلاص كل المتضررين ثم أحالوه الى فرقة الشرطة العدلية بحمام الانف بالتنسيق مع النيابة العمومية قبل ان تتم إحالته على الادارة الفرعية للقضايا الاجرامية بالڨرجاني لمواصلة الأبحاث نظرا لتشعبها وتعدد الأطراف المتضررة المنتشرة بكامل الولاياتالتونسية.