«رفعت إصبعي وطلبت منها بكل لطف أن تعيد شرح درس الرياضيات فتجاهلتني بكل برودة أعصاب ..كرّرت طلبي ثانية فكان ردها مستفزّا فقد أجابتني بلهجة حادة بأنها أطنبت كثيرا في شرح الدرس وليس لديها ما تضيفه وكان علي أن أصغي جيدا حتى أستوعب الشرح منذ الوهلة الأولى ». هكذا حدّثتنا الطالبة مها) الاسم المستعار) التي تدرس مرحلة ثانية هندسة عن «معاناتها « مع أستاذة الرياضيات واضعة بذلك إصبعها على داء أضحى ينخر الجامعات العمومية ويتمثل في رفض بعض الأساتذة الجامعيين شرح الدرس مكتفين بسياسة الإلقاء لسبب بسيط وهو أن هؤلاء الأساتذة لديهم بالتوازي مع عملهم القار خطط وظيفية أخرى في الجامعات الخاصة «وبالتالي فهم يتقنون» عملهم جيدا في هذه الجامعات بما أنّ القطاع الخاص يعتمد على نظام تقييم الأساتذة من قبل الطلبة. ليقابل هذا التفاني والإخلاص في العمل في القطاع الخاص خمول وكسل واستهتار في الجامعات العمومية يدفع وحده الطالب ضريبته على حد تأكيد البعض . من هذا المنطلق يؤكد جلّ من تحدّثت إليهم «الصباح» من الطلبة أن غالبية الأساتذة الجامعين لا يؤدون رسالتهم على الوجه المطلوب فهم إمّا يكتفون بإلقاء الدرس دون شرح وتفسير معمق -رغم أنّ طبيعة المادة العلمية سواء كانت رياضيات أو فيزياء تستوجب الشرح المفصّل- أو يتجاهلون أسئلة الطالب . وبالعودة إلى الطالبة مها فهي تقول ان غالبية القسم يواجه إشكالا مع أستاذة الرياضيات التي تتنصّل في كل مرة من الأسئلة الموجهة لها مشيرة إلى أنّه حتى في حال قبولها بالشرح مجدّدا فهي تكرّر وحرفيا ما قالته في المرة الأولى. وتستبعد مها أن تكون الأستاذة غير متمكنة من المادة التي تدرسها مشيرة في هذا السياق أن الأستاذة بالتوازي مع مهنتها في الجامعة فهي تدرس أيضا في جامعة خاصة وبالتالي فان كل جهودها منكبّة على طلبة الجامعة الخاصة على حد تأكيدها. وبدوره يؤكد شادي )طالب بالسنة الثالثة إعلامية) هذه المعضلة التي أضحت متفشية في الجامعات العامة موضحا أن المعهد الذي يدرس فيه يمتلك خيرة من الأساتذة الجامعيين الأكفاء ومع ذلك فان الأساتذة لا يقومون بدورهم على الوجه المطلوب. هذه الوضعية المؤسفة دفعت بالكثير من الطلبة نحو الدروس الخصوصية. وهو ما أكدته الطالبة هالة )اسم مستعار) حيث أوردت أنها التجأت إلى الدروس الخصوصية في مادة الفيزياء بما أن الأستاذ لا يقدم الشرح الكافي وإنما يكتفي بتسجيل حضوره في القسم لا غير. في تفاعله مع التشكّيات سالفة الذكر أكّد نضال خضراوي أمين عام الاتحاد العام لطلبة تونس في تصريح ل «الصباح» وجود الظاهرة موضّحا أنّ الاتحاد العام لطلبة تونس وصلته مثل هذه التشكيّات فيما يتعلق بظاهرة تدريس الأساتذة في جامعات خاصة بالتّوازي مع الجامعات العموميّة . وأورد الخضراوي في هذا الاتجاه أنّ الاتحاد العام لطلبة تونس كان أول من طالب بتحديد كرّاس شروط وتحيينها من خلال ضبط وتحديد طبيعة الأساتذة التي ستعمل في القطاع الخاص أو القطاع العمومي موضّحا في هذا السياق أنّ القطاع الخاص بات يستقطب أبرز الأساتذة متطرقا في السياق ذاته إلى أنه بالتوازي مع هذه الظاهرة فان هناك ظاهرة أخرى أضحت تؤرق الجامعات التونسية تتمثل في هجرة الأساتذة إلى الخارج بالنظر إلى أنّ بعض الجامعات قد سجّلت فراغا من أبرز أساتذتها . وبالعودة إلى مسألة تدريس الأساتذة الجامعيين في القطاع العمومي بالتوازي مع القطاع الخاص لاسيّما مدى تأثيرها على نسق الدروس في الجامعات العمومية، أورد الخضراوي أنه يحمّل المسؤولية كاملة لسلطة الإشراف مشيرا في السياق ذاته إلى أن الجامعة العامة للتعليم العالي هي الجهة الموكول لها الاهتمام بالأساتذة الجامعيين. ولان الجامعة العامة للتعليم العالي هي الهيكل الموكول له النّظر في مسألة الأساتذة الجامعيين، فقد أورد كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي حسين بوجرّة في تصريح ل «الصباح» أن الجامعة قد اقترحت على الوزارة تنقيح كراس الشروط المتعلق بالأساتذة وتحديد التراخيص المتعلقة بالجامعات الخاصة. وأوضح في هذا الإطار أنّه تم اقتراح مبدأ تطبيق القانون عبر آلية تقوم على انتداب الثّلثين من الأساتذة المدرّسين في الجامعات الخاصّة يكونون أساتذة قارّين ومنتدبين في الجامعات الخاصّة معتبرا أن الحل الأنسب لتجاوز هذه الوضعية هو تطبيق النصوص القانونية .