تونس الصباح : خصصت جلسة صباح امس في منتدى مؤسسة التميمي للاستماع الى شهادة قدمها الاستاذ علي المحجوبي المؤرخ والكاتب والعميد السابق لكلية الاداب والعلوم الانسانية والشخصية الوطنية الحقوقية والنقابية المعروفة. الدكتور علي المحجوبي قدم في العرض الذي قدمه بحضور العشرات من زملائه وطلبته السابقين والاستاذ عبد الجليل التميمي وعدة شخصيات وطنية قراءة لتجربته العلمية والثقافية والنقابية والسياسية في الجامعة والبلاد وركز خاصة على تقييم تجارب عاشها مع مجموعة من زملائه المعارضين والمستقلين والدستوريين للدفاع عن استقلالية الجامعة والبحث العلمي والمنشورات الجامعية.. تجارب تراوحت بين التعاون والوفاق بين عدد من الدستوريين الليبيراليين والجامعيين المعارضين والمستقلين.. وبين خلافات وتوترات نسبية برزت خاصة في عهد احد وزراء التعليم العالي السابقين. الاستاذ علي المحجوبي قدم قراءة لنضالات الجامعيين من اجل استقلالية الجامعة التونسية منذ الستينات وسجل ان تلك الاستقلالية مرت بمراحل فيما يتعلق بالعلاقة مع السلطة والاحزاب السياسية وخاصة مع الحزب الدستوري حسب عوامل عديدة من بينها اختلاف وزراء التعليم العالي والوزراء الأول وبعض المسؤولين الاخرين مثل العمداء ورؤساء الجامعات . دور الدستوريين الليبيراليين في هذا السياق نوه السيد علي المحجوبي بعدد من المسؤولين السابقين عن قطاع التربية والتعليم العالي وبعض رموز الحزب الدستوري الذين اعتمدوا سياسة تحررية في علاقتهم بالجامعة والجامعيين بما في ذلك من حيث الإقرار بحق الجامعيين في انتخاب العمداء مثل السيد عبد العزيز بن ضياء الذي أعاد نظام العمل بالانتخاب بعد الغائه عام 1976.. ثم الوزير الشلي الوزير الاول للتربية والتعليم العالي بعد التغيير..الذي تفاعل مع تقارير قدمها بعض الجامعيين بينهم الاستاذ المحجوبي وتجاوب مع مقترحات شخصيات تحررية عملت معه مثل السيد محمد العيادي.. والسيد محمد الشرفي الذي تفاعل مع كثير من مقترحات الجامعيين ومطالبهم ومن بينها حق انتخاب العمداء. في المقابل توقف المحجوبي عند ما وصفه بالمضايقات التي تعرض لها من قبل الوزير الراحل الدالي الجازي واستظهر بنسخة من استجواب مكتوب وجهه اليه (بعد تشكيل لجنة مراقبة وتفقد زارت الكلية) بسبب ترسيمه مجموعة من الطلبة من خريجي السجن وعلى قبوله نقلة طلبة الى كلية 9 افريل بعد طردهم من كليات اخرى او بسبب فشلهم في شعبهم الاصلية. وقد اسفر الاستجواب عن توجيه انذار كتابي رسمي اليه من قبل الوزير الجازي تراجع عنه رسميا وزير التعليم العالي الذي خلفه السيد الصادق شعبان. ونوه المحجوبي في هذا السياق بالخصوص بالدور الايجابي الذي لعبه خدمة للمؤسسة الجامعية واستقلاليتها ثلة من الجامعيين الدستوريين بينهم العميد الاسبق ورئيس الجامعة وكاتب الدولة والمدير المساعد للحزب لاحقا الاستاذ عبد القادر المهيري أو العميد والوزير الاسبق محمد اليعلاوي.. والوزير الاول في السبعينات المغفور له الهادي نويرة.. جرأة البحوث المعارضة ل"بورقيبة" في نفس السياق توقف الاستاذ علي المحجوبي عند بعض الكتب والدراسات العلمية التي نشرها وتلك التي الفها عدد من كبار الباحثين في تاريخ الحركة الوطنية خلال عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة فنوه باستقلالية البحث العلمي والجامعي وبالجراة التي اتسمت بها.. واكد ان السلطة لم تكن تتدخل ابدا في توجهات الباحثين والمؤرخين الذين نشروا دراسات معمقة مطولة عن خصوم بورقيبة في الحزب القديم (اللجنة التنفيذية) بزعامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي وخصومه الزيتونيين والنقابيين والشيوعيين ثم اليوسفيين.. بل لقد اعتبر المحجوبي ان الدراسات الخاصة بالحزب الجديد (مجموعة الديوان السياسي) وببورقيبة كانت اقل بكثير من تلك التي اعدت عن خصومهما.. حرصا من الجامعيين والباحثين على عدم توظيف البحث العلمي التاريخي لاغراض حزبية وسياسية آنية.. بحكم تواجد الزعيم بورقيبة وعدد من رفاقه القدامى في السلطة وقيادة الحزب الحاكم وقتها.. واستغرب المحجوبي التصريحات التي تحدثت لاحقا عن إعادة الاعتبار لرموز المعارضين لبورقيبة في البحث الجامعي التاريخي. خيار الحوار مع الطلبة وخصص الأستاذ علي المحجوبي جزءا من حديثه عن ذكرياته مع الجامعة والجامعيين وعن تجربته على راس عمادة كلية 9 افريل بالتنويه بخيار الحوار مع الطلبة والتعاون معهم عوض مواجهتهم والتعامل المتوتر معهم.. ومع الاقليات الحركية بينهم. في هذا السياق قدم الأستاذ علي المحجوبي أمثلة عن تجربة تعاونه مع قيادة الاتحاد العام لطلبة تونس وأمينه العام انذاك نوفل الزيادي ومع مكتب الاتحاد في الكلية رغم تحفظات رئيس الجامعة واحد رؤساء مركز الامن الجامعي الذين تداولوا على الكلية. وسجل العميد المحجوبي ان احترام العميد للقانون مع تحمل مسؤوليته عند الاقتضاء عبر المرونة من بين العوامل التي تمكنه من الاجتهاد في اتجاه الانفراج خدمة للطلبة على غرار ما فعل عندما سمح للطلبة بتنظيم اجتماعات ومسيرات سلمية داخل الكلية خارج اوقات الدروس.. وبتنظيم اضرابات في صورة احترام الآجال القانونية.. الانفتاح على الطلبة المساجين كما استحضر المحجوبي امثلة من القرارات التي اتخذها رغم اعتراضات رئاسة الجامعة من بينها ترسيم طلبة خرجوا من السجن.. بحجة عدم استيفائهم لعدد الترسيمات القانونية. بصرف النظر عن تعرضهم للايقاف او السجن.. لان القانون لا ينص على منع الطلبة المساجين السابقين من حق الترسيم ولا يشترط استظهارهم ببطاقة سوابق (بطاقة عدد 3).. واورد المحجوبي انه فعل ذلك اقتناعا منه ان اتاحة الفرصة امام الطلبة الذين اعتقلوا في قضايا عادية او ذات صبغة سياسية (مثل الانتماء الى جمعية غير مرخص فيها) كي يستانفوا دراستهم يوفر لهم فرصة للنجاح المهني والاجتماعي ويمكنهم من مراجعة افكارهم وتطويرها.. فضلا عن كون السلطة نفسها تستفيد من الانفتاح على الطلبة "المعارضين".. لان الخارج من السجن الذي سيستانف دراسته سيخصص ما لايقل من 70 بالمائة من وقته للدراسة وليس الى العمل السياسي المعارض للنظام.