مرّت أيام على دخول قانون 8 أوت 2008 الخاص بالتعليم العالي الخاص حيّز التنفيذ بعد مهلة أعطاها المشرّع لأصحاب المؤسسات الجامعية الخاصة للالتزام بمقتضيات القانون الجديد التي نصت على الترفيع في رأسمال مؤسسة التعليم العالي الخاص من 150 ألف دينار الى مليوني دينار وعلى حذف اسم جامعة خاصة وتعويضها بكلية أو معهد عال او مدرسة خاصة واختيار اختصاص تعليمي واحد مرفوقا باختصاصات متجانسة. وانتقد بعض أصحاب المؤسسات الجامعية الخاصة ما أسموه بطء إدارة التعليم العالي في الوزارة في تسوية وضعيات مؤسساتهم والموافقة على التراخيص المطلوبة في الابان بما يتيح لهم قبول تسجيل الطلبة الجدد من التونسيين والأجانب. وألمح بعض المستثمرين الى أنهم غامروا بالحصول على قروض بنكية بمبالغ هائلة رغم عدم يقينهم بقدرتهم على تسجيل أعداد كافية من الطلبة مضيفين ان جودة التكوين لا يمكن ان تتم بالترفيع في رأسمال المؤسسة وفي توسع فضاءاتها والدليل أن مؤسسات التعليم العالي العمومي ورغم تعدّد فضاءاتها وأدواتها التعليمية ووفرة اعداد المدرسين مازال ترتيبها العالمي متأخرا رغم مرور أكثر من نصف قرن على بعث الجامعة التونسية. ومن الاشكاليات التي ظلت قائمة وخلقت أجواء من عدم الارتياح في صفوف أصحاب المؤسسات العليا الخاصة أن موافقات تدريس عديد الاختصاصات التي يقبل عليها الطلبة مثل الهندسة والاعلامية والتصرّف والشعب شبه الطبية وغيرها مازالت شحيحة رغم ما وفّرته المؤسسات الجامعية الخاصة من بنى تحتية ومعايير مطابقة لما هو متوفر بالمؤسسات العمومية. ويذكر أهل القطاع ان المهنة أضحت مهددة خاصة وأن 34 مؤسسة تضمّ 10 الاف طالب فقط وهو ما يتعارض مع التوجهات والحرص الرئاسي على أن يكون التعليم العالي الخاص رديفا للتعليم العالي العمومي وألا تقل نسبته عن 10٪ من اعداد طلبة الجامعات العمومية. وعبّر الباعثون الخواص عن خشيتهم من تراجع أعداد المسجلين بمؤسساتهم نتيجة تشدّد الادارة في تقديم التراخيص وغياب آليات الحوار معهم لوضع استراتيجية لتطوير القطاع والنهوض به. وقال البعض من الذين التقيناهم إن المؤسسات الجامعية الخاصة قادرة على استيعاب 70 ألف طالب على الأقل من التونسيين والاجانب اذا توفرت المرونة المطلوبة من الوزارة خاصة وأن آلافا من الطلبة التونسيين يغادرون الى الخارج سنويا بحثا عن شعب تتميّز بضعف طاقتها في القطاع العام ويمكن للقطاع الخاص ان يكون البديل حتى لا تخسر البلاد ملايين الدولارات وعددا من كفاءاتها الذين يفضلون البقاء في الخارج. وينتظر أصحاب المؤسسات الخاصة دفعة هامة من الوزارة مثلما ورد في البرنامج الرئاسي لتهيئة القطاع على المنافسة في ظل التوجه نحو تحرير قطاع الخدمات بالكامل في اطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. والجدير بالذكر ان تونس بفضل اشعاعها وسمعتها في ميدان التربية والتعليم قادرة على استقطاب آلاف الطلبة من الافارقة والعرب في ظل التشدّد الاوروبي والامريكي في استقبالهم وهو امر استبقت فيه الاردن التي يفوق فيها طلبة الجامعات الخاصة ضعف ما هو موجود في الجامعات العمومية.