منذ شهر نوفمبر 2017 بدأت قناة الحوار التونسي في بث اولى حلقات برنامج «عروسة وعريس» الذي تعده وتقدمه مريم بن مامي هذا البرنامج الانساني والاجتماعي الاسبوعي لم تنطلق فيه مريم من فراغ وانما هو مقتبس ولكنها على كل حال اشتغلت عليه مدة سنتين كاملتين حتى لا تترك فيه ثغرة يمكن ان تعطل نجاحه، فقد سبق لها ان تعاقدت مع النجاح وهي حاليا لا تريد ان تفرط في هذا التألق الذي عرفته مع برنامج «داري ديكو» واستعذبت لذة تقديم الخدمة للآخر وإسعاده بمد يد المساعدة وبتحقيق الاحلام صعبة المنال وهذا احساس لا يمكن ان يعرف قيمته إلا من جربه وخبره. عرفت مريم ان مساعدة الناس غاية تدرك فبحثت عن طريقة اخرى تدخل فيها البهجة على القلوب ووجدت ان مساعدة الشباب على الزواج وقد اصبح بالنسبة للبعض حلما صعب المنال يمكن ان تشد انتباه المتفرج ويمكن ان تضمن السعادة لها وللمقبلين على الزواج وللحالمين به من الفتيات والأمهات والآباء والشبان وحتى للمتفرج الذي لا ناقة له ولا جمل وانما يريد ان يعرف آخر صيحات الموضة في عالم التصميم والتجميل وتنظيم حفلات الاعراس. بين مريم والمشاهد رصيد من الحب والقبول طبعا انطلق البرنامج برصيد مضمون وهو حب الناس لمريم بن مامي التي عرفها المشاهد التونسي لا في مسلسل مكتوب فقط وانما في برنامج «داري ديكو» الذي كانت تنزل فيه على المحتاجين كملاك يحقق الرغبات -طبعا هي كانت الواسطة بينهم وبين المستشهرين والراغبين في فعل الخير وتقديمه الى المحتاجين- ولكن كانت لها طريقتها الخاصة في القيام بهذه الوساطة. وتوطدت العلاقة بين مريم وبين المشاهدين من خلال برنامج امور جدية الذي لعبت فيه دورا قرّبها من الناس لأنها لم تكن تتصنع او تعمل على ان تسمع المشاهدين او الزملاء ما يحبون سماعه وانما كانت صادقة وتلقائية حتى التصادم مع البعض ممن امتهنوا النفاق والظهور بمظهر المصلح الاجتماعي غير العليم فتركت بعد خروجها من البرنامج ذكرى طيبة. الرصيد الثاني الذي تمتع به برنامج «عروسة وعريس» هو حب الناس بصفة عامة للأفراح ولحضور الاعراس ومتابعة كواليسها ومشاكلها بمعنى حب الاطلاع حتى لا نقول شيئا آخر. هذا اضافة الى تأكد التونسيين من عزوف الشباب عن الزفاف لا بسبب المبادئ وانما لقلة ذات اليد وارتفاع التكاليف وعدم تفريط الاولياء في أي من العادات والتقاليد المرتبطة بحفلات الزواج ومحاولة البعض الجمع بين التقليد والحداثة في نفس العرس مما يزيد الطين بلة. سعادة الاولياء ودموع الفرح المشاركة في البرنامج واختيار العرسان يكون عبر ارساليات ال» اس ام اس» ومنها يتم اختيار ثلاث فتيات وثلاثة شبان ربطت بينهم علاقة خطبة لم يتمكنوا من تكليلها بالزواج يتم تمكينهم من فرصة اختيار فستان العرس بالنسبة للفتاة وطاقم الزفاف بالنسبة للعريس وكذلك من نوعية الماكياج وطريقة تصفيف الشعر بحضور الاولياء ويتم بالمناسبة نقل مشاعر الامهات وهن ترين بناتهن في ابهى زينتهن بإمكانيات لا قدرة لهن على تحملها او الحلم بها ونفس الشيء بالنسبة لأمهات العرسان ويترك استجواب الآباء الى ليلة الزفاف والحقيقة ان تلك اللحظات هي الاحلى والأصدق بالنسبة لكل البرنامج اذ تتدفق فيها المشاعر الانسانية وتسيل فيها الدموع لتقربها اكثر من الواقع. يتم اختيار وبث اهم اللحظات في تحضير العروس التي تنتقي زينتها وفستانها ثم من الحفل الذي تجهد فيه العروس نفسها الى حد التقليل من القيمة لتبين ان عرسها تم في اجواء غير مسبوقة وانه انجح من ليلة فرح منافستيها وذلك للحصول على جائزة البرنامج وهي اثاث المنزل وسفرة شهر العسل. ومن هنا تبدأ هنات البرنامج والجانب غير الانساني فيه. تقييم المتنافسات لبعضهن البعض غير انساني غير الانساني في هذا البرنامج هو ان تتنافس العرائس بطريقة مهينة لبعضهن البعض فيسندن لبعضهن اعدادا قليلة بعد ان يقيمن جمال المنافسة وفستانها وزينتها وأجواء عرسها.. اجواء «التقطيع والتريش» والتلذذ بذكر المساوئ التي ينقلها البرنامج ويعرضها على المشاهدين غير معهودة في مجتمعنا على الاقل هي لا تقال علنا وعلى الملا وتسبب الاحراج للجميع وتغير الفرحة التي تسبب فيها البرنامج الى تعاسة وجروح لا تنسى ولحظات الم كثيرا ما بدت على وجوه العرسان وهم يحاولون الرفع من معنويات العرائس بعد تلك الرصاصات التي توجهنها بعضهن البعض. وهنا كان لا بد -واحتراما لإنسانية الانسان ولنفسية العريس والعروس والأم والأب والحماة والأخت- من ابعاد العرائس عن هذا الحرج واسناد الجائزة حسب الصدفة والحظ كإجراء عملية قرعة تحضرها العائلات في جو احتفالي. اما الاعداد وحتى لا تتم الاساءة للعروس وضمنيا الى المستشهرين الذين يرتكز العرس على مساعداتهم فلا بد ان يسندها مختصون في المجال اذ لا يعقل ان يقيم المتنافسون بعضهم البعض او تسند الجائزة النهائية على اساس تقييمهم وان تسند مريم لنفسها حق الفيتو لأنه حالما يتم عرض البرنامج على المشاهدين لم يعد ملكا لمريم بن مامي تتصرف فيه وتتحكم مثلما تريد وانما يصبح للمشاهد دور ورأي لا بد من احترامه. لا نستهين بذوق مريم ولكن والتأكيد على الاستعانة بمختصين - ونحن هنا لا نستهين بذوق مريم ولا بقدراتها على التقييم - لا بد منه لان البرنامج يتجاوز تقديم المساعدة لمخطوبين لا قدرة لهم على توفير تكاليف الزواج ليصبح موعدا للتعرف على آخر صيحات الموضة في عالم التجميل واختيار الالوان وتصميم فساتين العرس وتقديم الحلويات وتنظيم حفلات الاعراس بطريقة واقعية وسلسة وأسلوب فيه الكثير من التشويق. وكذلك – وهو الاهم حسب رأينا - لإعادة الجمال والإحساس به والتأكيد عليه وهو ما فقده الشارع التونسي وحتى الفضاءات الخاصة بالأفراح والمناسبات.. هذا الجمال الذي الغاه التونسيون تقريبا من حياتهم بدعوى البساطة او الظهور بالمظهر الذي يريحهم حتى وان كان مقرفا للآخر او مثيرا للاشمئزاز. المطلوب من مريم بن مامي اليوم ان تراعي في برنامج «عروسة وعريس» الذوق العام وتساعد من موقعها على الارتفاع به بتخصيص فقرة يتحدث فيها المختصون على توليف الالوان وتوضيح العلاقة بين تصفيف الشعر والماكياج واختيار نوعية الملابس حسب نوعية المناسبة.