اعتبر نائب رئيس حركة النهضة علي العريض في تصريح إعلامي لموقع تونس «اون لاين» أن الحديث عن تجريم التطبيع مغامرة تثير مشاكل لتونس مع الدول الغربية والمؤسسات الأممية. وأضاف العريض أن الفلسطينيين لم يطلبوا من أي دولة عربية أن تسن قانونا يجرم التطبيع لان العالم العربي بصفة عامة ضد التطبيع. ويأتي مثل هذا النقاش في وقت بدأت فيه أطراف سياسية بربط ما عاشته تونس من تصنيفات أوروبية بسبب مسالة رفض التطبيع وعودة النقاشات فيها منذ اغتيال الشهيد محمد الزواري على يد الموساد يوم 15 ديسمبر 2016. ولَم تكن مسالة التصنيفات مطروحة على بلادنا التي كانت تستعد لإمضاء وثيقة الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوروبي بيد ان ذلك انقلب رأسا على عقب، حيث أعادت عملية الاغتيال إلى السطح مسالة مناهضة التطبيع لتعود الأصوات وتطالب مجددا بسن قانون يجرم التطبيع بعد ان تأجل الحسم فيه منذ أشغال المجلس الوطني التأسيسي. نقاش حول التطبيع ولَم تكن الخلافات بشأن التطبيع مسالة مطروحة بعد الانتفاضة الشعبية 17 ديسمبر 14 جانفي بل كانت محور نقاش حتى قبل هذا التاريخ بعد ان اكتشف التونسيون وعلى شبكات التواصل الاجتماعي فضيحة تخص الفنانين الشعبيين نور الدين الكحلاوي ومحسن الشريف اللذين ظهرا مع آخرين في شريط مسجل -تم تسريبه على شبكة الانترنت في أوائل شهر أوت 2010 - وهما يغنيان في حفل تم إحياؤه على الأرجح بمستعمرة إيلات الإسرائيلية. وقد ظهر في الشريط المذكور المغني محسن الشريف وهو يرقص ويغني مرددا قوله "يحيا بن علي !"، ثم يهتف بعدها أكثر من مرة "يحيا بي بي نتنياهو!"وقد حاول المذكوران الخروج بأخف الأضرار واعتبار ان من روج للفيديو قام بتلفيق بعض المعطيات وأساسا عمق الفيديو نفسه حيث تم تغيير المعطيات المصورة ليظهر التسجيل وكأنه بإسرائيل والحال انه بأحد النزل بجهة جربة وبعد نحو 8 سنوات من فيديو «إيلات» خرج الفنان قاسم الكافي ليعترف صراحة انه غنى وآخرون في تل أبيب وانه يحمل العلم الإسرائيلي كهدية تذكارية. وكان عبد الرؤوف العيادي، رئيس «حركة وفاء» كشف في وقت سابق أن جهاز استخبارات «الموساد» كثف نشاطه في تونس ما بعد الثورة، وذلك «عبر غطاء من الجمعيات الأوروبية والأميركية، التي تدعي النشاط الخيري والإنساني والثقافي». كذلك سبق لزعيم «حزب العمال »، حمة الهمامي، أن أطلق تحذيراً مماثلاً بخصوص «شبكات استخبارية إسرائيلية تعمل في تونس بعد الثورة، مستغلةً حالة الفوضى والانفلات التي عمت البلاد، بعد فرار الرئيس زين العابدين بن علي». المعلومات التي كشفها العيادي والهمامي جاءت متوافقة مع تقرير نشره «مركز يافا للدارسات والأبحاث» ونقلته جريدة الأخبار اللبنانية، بخصوص نشاطات الموساد في المنطقة المغاربية. وقال «التقرير إن تركيز نشاطات الموساد مغاربياً في تونس بدأ مع خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت وانتقال منظمة التحرير إلى تونس، عام 1982. ثم تراجع هذا الاهتمام بعد أوسلو، ليعود مجدداً بعد الثورة التونسية. وبالرغم من استعداد الأرضية الشعبية لقبول إعلان تجريم التعامل مع الكيان بعيد الانتفاضة الشعبية في تونس فقد فشل المجلس الوطني التأسيسي في تمرير الفصل 27 من الدستور الذي يجرم التعامل مع الإسرائيليين كما فشل المجلس في إقرار التجريم ضمن التوطئة .بعد ان اشتدت الخلافات بين نواب التأسيسي، بين من طالب بتعديل توطئة الدستور ومن نادى بإضافة جملة تؤكد البعد المتوسطي لتونس، وهو ما اعتبره عدد هام منهم فتحا لباب التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتبار تواجد إسرائيل في منظومة الاتحاد من أجل المتوسط كما شهدت لجنة التّوطئة والمبادئ الأساسيّة وتعديل الدّستور صلب المجلس التأسيسي، جدلا حول اقتراح إضافة فصل يجرّم التّطبيع مع الكيان الصّهيوني ضمن باب التّوطئة أو باب المبادئ الأساسيّة، لينتهي الجدل بالتّصويت على رفض هذا الاقتراح. ولَم ينجح مجلس نواب الشعب في إيجاد الأرضية المناسبة لطرح قانون التجريم بعد ان ارتفعت وتيرة الخلافات بين النواب انتهى جزء منها بالتلاسن وجزء اخر بلغ حد التشابك بالأيادي وتبادل التهم قبل الانطلاق في أشغال النقاشات أصلا. الضغط للعدول عن قرار التصنيف وفي رده عن مسالة اللوبي الصهيوني وعلاقته بالتصنيف الحاصل اعتبر النائب عن دائرة فرنسا رياض جعيدان في تصريح ل»الصباح» أن «المسالة لا علاقة لها بالتطبيع ذلك انها أمر تقني بالأساس مرتبط بقرار اتخذته المفوضية الأوروبية منذ أشهر بناء على قرار gafi , حيث انها اشتغلت على الملف التونسي منذ تقريرها في 2015 وأشارت إلى ان بعض الاخلالات رغم الإصلاحات الجارية، فالإشكال الحقيقي بخصوص التصنيف التونسي هو ان المفوضية الأوروبية أخذت قراراها بشكل أحادي على قاعدة ما أقرته gafi». وأضاف لقد «حاولنا من خلال أصدقائنا بالمفوضية الأوروبية الضغط للعدول عن هذا التصنيف ولئن نجحنا في حشد الأوروبيين الا أننا لم نتمكن من إقرار ابعاد تونس من دائرة التصنيف بعد تصويت نحو 19 نائبا أوروبيا مع القرار لنكتشف اثر ذلك غياب الديبلوماسية التونسية طوال فترة النقاشات اَي خلال السنوات الماضية رغم محاولاتها العميقة مؤخرا لتجاوز هذه الأزمة لكن ذلك لم يكن كافيا مقارنة بفترات اللقاء التي خصصها سواء وزير الخارجية التونسي او عدد من الوطنيين المقيمين في أوروبا وهو ما يعني استفاقة التونسيين المتأخرة تجاه موضوع التصنيف وغياب ما يعرف باللوبي التونسي الفاعل كما هو الشأن بالنسبة لبعض الدول «. ولام جعيدان الديبلوماسية التونسية التي لم تتغير مع التحولات الجديدة في أوروبا حيث لم تعد أوروبا تلك البلدان التقليدية التي لها علاقة مع بلادنا كإيطاليا وألمانيا وفرنسا فالمفوضية الأوروبية التشيكية كانت وراء هذا التصنيف بل ودفعت بشدة تجاه هذه الزاوية فَلَو كان لنا تأثير أو علاقة مع الجهات التشيكية لكنّا تجنبنا هذا المنحدر . وتساءل جعيدان عن أسباب الزيارات التي يقوم بها البرلمانيون التونسيون إلى أوروبا وغيرها من البلدان الأخرى ولكنهم يعجزون عن الدفاع على تونس في أوقات الشدة.