جمعت 3 وزارات.. جلسة عمل للوقاية من حرائق الغابات والمزارع لصائفة 2024    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    «لارتيستو»...الفنانة خديجة العفريت ل«الشروق».... المشهد الموسيقي التونسي حزين    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي سياسيين ومحامين ونواب من المجلس التأسيسي
تجريم التطبيع بين الدسترة والتقنين:
نشر في الشعب يوم 17 - 11 - 2012

مثلت قضيّة التنصيص على تجريم التطبيع مع الكيان والمنظمات الصهيونيّة داخل الدستور موضوع جدل سياسي ساخن بين القوى السياسيّة والمدنيّة داخل المجلس وخارجه وداخل الساحات الطلاّبيّة، وشهدت ساحة باردو عديد التحركات والوقفات الاحتجاجية الجماهيريّة والعرائض الشعبيّة المطالبة بدسترة التجريم والمحذرة للمجلس التأسيسي من مغبّة التراجع والالتفاف على هذا المطلب الشعبي الذي مثّل احد أهمّ شعارات الثورة التونسيّة ومطلبا أصيلا طالما نادت به لسنوات وعقود القوى السياسيّة والمدنية والمنظمات المعادية للصهيونيّة وآخرها الوقفة التي دعت إليها تنسيقيّة المحامين بالجبهة الشعبيّة. بين تبرير الرفض بدعوى الاختلاف المنهجي حول مكان التضمين داخل الدستور أو خارجه واتهام كتل الأغلبية بالالتفاف على المطلب والحكومة بالخضوع إلى الضغوط الخارجيّة اختلفت المواقف وتعددت آراء من التقينا من المحامين والناشطين السياسيّن وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي.
الأستاذ محمد الهادي العبيدي (محام)
رفض التنصيص جاء خدمة لمصالح الكيان الصهيوني
هذه الوقفة جاءت تلبية لدعوة من عديد الجمعيات والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقيّة للتصدي لالتفاف الحكومة على هدف من أهداف الثورة المتمثل في رفض التنصيص على تجريم التطبيع في الدستور، ورغبتها في تغييب هذا المطلب. ونحن ماضون في التمسك بهذا المطلب على أساس انّه هدف من أهداف الثورة التونسيّة. باعتباره اكبر ضمانة للشعب التونسي لنجاح ثورته في القطع مع كل ّأشكال التطبيع التي تناور بها عديد البلدان الخليجية التي تمارس المناولة السياسيّة لصالح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية. ورفض هذه الحكومة يؤكد على ضلوعها في المناولة وتنكرها لإرادة الشعب وخدمتها لاجندا أمريكيّة صهيونيّة استكمالا لما يسمى بالربيع العربي أو ثورة الياسمين وهي حقيقة لا تخدم إلاّ مصالح هذا الكيان العنصري الذي يجثم على صدر الأمة العربيّة. وهذه الوقفة الاحتجاجية تعتبر تحركا أوّل سيشمل كافة أنحاء البلاد في كلّ الولايات في الأسابيع القادمة حتى يعلم العالم وأنّ الشعب التونسي مع تجريم التطبيع في الدستور وليس مع موقف الحكومة المتخاذلة المدعومة من قطر والسعوديّة اللتين تدعمان هذا الكيان بالمال وبخيرات شعوبها الملتفة على هذا المطلب. وهي بذلك تكون قد خانت الثورة والتحقت بركاب الثورة المضادة. ونحن باعتبارنا جزءا من هذا الطيف المجتمعي الكبير الداعي إلى تحقيق أهداف الثورة وخاصة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة أشكاله في الدستور نعتبر أن هذه الحكومة ليست في مستوى طموحات شعبنا وليست حكومة ثورة وأنها عميلة بامتياز، وسنواصل تمسكنا بهذه أحب من أحب وكره من كره، ونحن مستعدون إلى تقديم تضحيات مهما كانت جسامتها وفاء لأبناء شعبنا الذين سقطوا في تونس على يد العدو الصهيوني ووفاء لكلّ أبناء الشعب الفلسطيني الذي سقطوا في جرائم الاحتلال الصهيوني.
الأستاذ محمد مزام عن تنسيقيّة الجبهة الشعبيّة
الجبهة الشعبيّة متحملة كما كانت دائما مسؤوليتها الوطنيّة والقوميّة
هذه الوقفة الاحتجاجية تنتظم اليوم بتنسيق من محامي الجبهة الشعبيّة ووقع تبنيها من التنسيقية الوطنيّة للجبهة الشعبيّة وقد جاءت للمطالبة بتجريم التطبيع الصهيونية والكيان الصهيوني وكلّ أشكال التطبيع في الدستور. وهو مطلب من المطالب الشعبيّة الذي رفعته الجماهير التونسيّة منذ عقود وخاصة في الثورة التونسيّة. تقريبا كل الأحزاب السياسيّة وعدت في حملاتها الانتخابية بتجريم التطبيع في نص الدستور،إلا أنّنا نلاحظ في الفترة الأخيرة تراجعا والتفافا على هذا المطلب الشعبي وهذه الوعود الانتخابية من كتلة الأغلبية داخل المجلس التأسيسي. والمعلوم أن هذا يندرج ضمن العلاقات التي تقيمها كتلة حركة النهضة والحكومة مع الدوائر الاستعمارية ومن بينها الدوائر الحريصة كلّ الحرص على رعاية مصلحة الكيان الصهيوني في الوطن العربي وفي تونس بالذات. الجبهة الشعبيّة متحملة كما كانت دائما مسؤوليتها الوطنيّة والقوميّة، ونحن نعتبر أن الثورة التونسيّة ونحن من المدافعين عنها تمثل البعد الوطني المتعلق بالسيادة الوطنيّة والبعد القومي المتعلق بدعم ونصرة المقاومة العربيّة في كل البلدان العربيّة التي تتعرّض للعدوان وللاحتلال وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة بعدا من أبعادها. كما أن الجبهة الشعبيّة حريصة في أرضيتها وفي عملها على مناصرة كلّ القضايا العادلة في العالم وقضايا التحرّر الوطني والانعتاق الاجتماعي وهي مناسبة لنعبر عن مساندتنا لكل التحركات الكبرى التي ستشهدها عديد العواصم الأوروبية ابتداء من 14 نوفمبر احتجاجا على الهجمة الرأسمالية المتوحشة على قوت هذه الشعوب. كما أن تجريم التطبيع في علاقة مباشرة بالشأن الوطني والشعب التونسي فنحن لا ننسى أن الكيان الصهيوني العدو قد اعتدى علينا في عديد المناسبات أبرزها عدوان حمّام الشطّ في أكتوبر 1985، والشعب التونسي لا ينسى من اعتدى عليه. هذه الوقفة الاحتجاجية تعتبر فاتحة سلسلة من التحركات النضاليّة التي ستقيمها الجبهة الشعبيّة في علاقة بموضوع تجريم التطبيع مع الصهيونيّة والكيان الصهيوني.
الأستاذ منذر الشارني (محام)
طالما أنّنا نعيش وضعا ثوريا فإنّه يتوجّب علينا اتخاذ مواقف ثوريّة
الوقفة الاحتجاجيّة جاءت لحث أعضاء المجلس التأسيسي للاستجابة لمطلب شعبي ثوري منذ عشرات السنين وهو عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني وتضمين هذا المطلب في الدستور. لانّ تجريم التطبيع جزء لا يتجزأ من المسالة الوطنيّة والقوميّة، ونحن نعرف إن هذا الكيان أجرم في حقّ الشعب الفلسطيني والشعوب العربيّة وطالما أنّنا نعيش وضعا ثوريا فإنّه يتوجّب علينا اتخاذ مواقف ثوريّة على المستوى القومي وهذا الموقف لا يمكن أن يتجسّم إلاّ في دسترة تجريم التطبيع. أمّا عن التبريرات التي تتحدث عن أن مثل هذا الفصل لا يمكن أن يضمّن في الدستور فنقول إن الدستور هو عبارة عن وثيقة يضع فيها كل شعب قيمه وينص فيها على المبادئ التي يريد إرساءها داخل بلده أو في مستوى علاقاته الدوليّة، واعتقد انّه إثر ثورة إذا كانت الحكومة تمثل الثورة فإن تجريم التطبيع يعتبر مبدأ رئيسيّا يجب أن يصبغ علاقاتنا الدوليّة باعتبار أن القضيّة الفلسطينيّة قضيّة مركزيّة بالنسبة إلى الشعب التونسي والشعوب العربيّة ولا نستطيع التعلّل بالقول إننا سنضمن هذا المطلب في قانون. ولا أنسى أن أذكر حركة النهضة أنّها في يوم ما انسحبت من الهيئة العليا بسبب اتهامها أطرافا أخرى بأنها كانت تمانع في تجريم التطبيع، فالتاريخ لا يرحم. كما تأتي هذه الوقفة بالتزامن مع مؤتمر يعقد في تونس وهو مؤتمر نصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وبالتالي فهي فرصة للتعبير عن مبدئية القضيّة الفلسطينيّة.
عياض العبيدي ناشط سياسي
من تدربت قياداتهم في المنظمات الصهيونيّة لا يستغرب منهم رفض دسترة تجريم التطبيع
مشاركتي كانت استجابة للوقفة التي دعت إليها الجبهة الشعبيّة لتجريم التطبيع باعتبار رفض كتلة النهضة لمشروع القانون وتسويفه وهو ما أظهر خضوعهم إلى ضغوطات خارجيّة وتعهدات والتزامات مع الصهاينة في معاملات يبدو أنها مباشرة منذ سنوات ما قبل الثورة عن طريق المكاتب والمعاهد الصهيونية التي يتعاملون معها مثل معاهد التدريب التي أشرفت على تكوين قياداتهم كقادة رأي «فريدم هاوس» والزيارة التي أداها شيخهم إلى «منظمة ايباك». ولعل علاقاتهم مع عراب الصهيونية في المنطقة قطر جعلت مشروعهم أن يجعلوا من قطر الشريك المتميز في التطبيع. توطئة الدستور تحتوي قانونيا على المبادئ العامة للقانون الذي تستمد منه المنظومة القانونيّة الكاملة سواء المضمنة في الدستور وما تحته شرعيتها، وهو ما يعني أن وجود بند كهذا في التوطئة ستكون له علويّة على فصول الدستور نفسه وعلى المعهدات الدولية لذلك فالترويكا وخاصة النهضة تخشى أن تضمين هذا البند سيجرّم المعاملات والمعاهدات الاقتصادية والصفقات وكل التوابع القانونية التي من الممكن أن تبرمها حكومة النهضة مع العدو الصهيوني ومع المنظمات والشركات المتخفي وراءها.
الأستاذ سهيل مديمغ (محام)
أحزاب الترويكا يلتفون اليوم على مطلب كانوا يتبنونه من أجل تمرير أجندا انتخابيّة
نلتقي اليوم أمام المجلس التأسيسي للتنديد بمواقف مهزومة اتخذها المجلس التأسيسي لنقول لكتل الأغلبية التي تمثل الترويكا والتي تلتف اليوم على مطلب كانوا يتبنونه من أجل تمرير أجندا انتخابيّة لا يمكن أن يفهم تجريم التطبيع إلا بتضمينه صلب الدستور على اعتبار أن الدستور هو التعبيرة الاسمى في القانون وهو ما يمثل تعبيرة ثورية فلسنا أمام صياغة قانون إنما نحن بصدد تحرير دستور لا بد أن يكون معبرا على متطلبات هذا الشعب على مستوى قطري في علاقة بالشأن الاجتماعي من توزيع عادل للثروات على قوى الشعب وعلى مستوى قومي بالدفاع عن القضيّة الفلسطينية باعتبارها قضيّة مركزية في نضال الشعوب التي تطالب بالتحرر وترى أن القضيّة الفلسطينية هي أنبل قضيّة في العالم مطروحة اليوم وهي آخر قضيّة تكافح ضدّ الاستعمار المباشر والصهيونيّة التي تسيطر على العالم. إذا لم يكن للترويكا الشجاعة لتجريم التطبيع في الدستور فهو دليل آخر يبرز أنّها باعت قضيّة الشعب سواء في بعده الوطني أو القومي.
حياة حمدي ناشطة بتنسيقية الجبهة الشعبيّة
لا أتصور أن تونسيا لم يشعر بالخجل هو يرى رئيس الحكومة يعانق الصهيوني «ماكاين»
وقفتنا أمام المجلس التأسيسي من أجل دعوة المجلس إلى التنصيص على بند يجرم التطبيع في الدستور، إخواننا ورفاقنا النواب داخل المجلس خاصة اليساريين والعروبيين وقفوا وقفة حازمة أمام من رفضوا التنصيص الذي لا نعتبره معركة جديدة حيث خضناها بوصفنا أطرافا سياسيّة منذ الثورة التي رفعت شعارات تدعو إلى عروبة فلسطين وتحررها، ولمّا انتقلنا إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي خضنا معركة شرسة مع خصوم التنصيص على تجريم التطبيع ضمن الميثاق او العهد الجمهوري وانتصرنا في الأخير وتم إقرار هذا البند ولكن المشكل أن الباجي قايد السبسي رفض العهد الجمهوري باعتباره وثيقة رسمية صادرة عن أعمال الهيئة ولم يصدر في الوثيقة التي تضمت أعمالها. اليوم نلاحظ أن النهضة ادعت أنّها غادرت الهيئة على خلفية أن الهيئة لم تنصص على تجريم التطبيع، ولكنني أقدم شهادة للتاريخ وقد كنت رئيسة لجنة صياغة العهد الجمهوري وشاهدة على ما وقع وأؤكد أنّ النهضة لم تنسحب لعدم التنصيص على بند يجرم التطبيع في الدستور رغم أنها ادعت ذلك وقادت حملتها على هذه الخلفية وإنّما بسبب قضيّة تمويل الأحزاب السياسيّة. اليوم نحن نخرج بوصفنا جبهة شعبيّة للتأكيد على مناهضتنا للتطبيع وذلك بسبب خوفنا من استئناف التطبيع الذي بدأه نظام بن علي خاصة أننا لمسنا مؤشرات على ذلك، إذ لا أتصور أن تونسيا لم يخجل وهو يرى رئيس الحكومة يعانق الصهيوني «ماكاين» أو لم يسخر من خروج الترويكا المبكر لبيت الطاعة الأمريكية لتهنئتهم على فوز أوباما وهو الذي ركّز ما يسميه «الإسلام اللايت» في تونس. التونسي لا ينسى أن تجريم التطبيع لا يتعلّق فقط بالقضيّة الفلسطينيّة بل هي مسالة تتعلّق بالسيادة الوطنيّة واستقلال القرار الوطني التونسي، فلا أحد يشكّ في أن قطر هي عرّابة القرار الأمريكي والصهيوني في تونس. وأنا أميل إلى تصديق ما قاله الصحبي عتيق حين ذكر بأن حماس هي من نصحتهم بعدم التنصيص على بند يجرّم التطبيع على عكس الاعتذار الذي تقدم به لحماس بكونه أساء فهم ما قاله قادة حماس. فكل من حماس والصحبي عتيق لا يريدان هذا التنصيص. ونحن متأكدون من توحد موقف الشعب التونسي ضدّ التطبيع ودعوته إلى التنصيص على بند يجرمه في دستور الثورة لحماية سيادة الدولة واستقلاليتها ولحماية برها وجوها واقتصادها، فقضية التطبيع ليست قضيّة فلسطينية كما يروج البعض بل هي قضيّة تونسيّة وطنيّة بامتياز.
النفطي حولة: وحدوي مستقل وناشط نقابي وسياسي
سبق لراشد الغنوشي أن صرّح في أمريكا انّه لن يجرّم التطبيع في الدستور
جئنا اليوم إلى هذه الوقفة تلبية لدعوة الجبهة الشعبيّة التي نرى فيها الأمل المتبقي الوحيد في القطر التونسي لكسر الاستقطاب الثنائي بين حزب يميني رجعي ليبرالي وحزب ديني رجعي عميل يستغل الدين ويوظفه للسياسة. جئنا من اجل نقطة واحدة ووحيدة لنثبت أنّ الترويكا تلعب على نصّ قانوني قام على دماء الشهداء وهو تجريم التطبيع وقد كان شعبنا في كل نضالاته إلى جانب قضاياها العادلة وعلى رأسها القضيّة المركزية للأمّة العربيّة فلسطين. ونحن مع تجريم التطبيع على المستوى القانوني إلاّ أنّه وللأسف الشديد فإنّ الترويكا مثلما اختطفت الثورة الشعبيّة التي أراده شعبنا حرة وكريمة من اجل الوحدة والحريّة والتقدّم تغتال القوانين التي أرادها المناضلون داخل المجلس التأسيسي فما بالك بقضاياها الاستراتيجيّة، فقد تراجعت على مستوى النص القانوني عن تضمين بند يجرم التطبيع لانّ زعيمها راشد الغنوشي صرّح بالمعهد الأعلى للديمقراطيّة بالولايات المتحدة الأمريكية الذي يشرف عليه اللوبي الصهيوني بأنه لن يجرّم التطبيع في الدستور. وهو دليل على ازدواجيّة خطاب النهضة وعلى شعبنا أن يعرف أن هذا الحزب امتداد طبيعي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين تلك الحركة الرجعية التي نصبها الاستعمار الأنقليزي بتمويل من شركة قناة السويس. فلا يجب أن تغيب عنّا البوصلة اليوم أن حركة النهضة وحزب الحرية والعدالة في مصر وغيرها من الأحزاب الصاعدة في المغرب وليبيا كلّها امتداد للإخوان المسلمين التي تريد أن تغيّر بوصلة النضال في الوطن العربي من قضيّة تحرير فلسطين إلى قضيّة التكفير وتجييش المشاعر الدينيّة للشعب العربي.
عبد اللّه قرّام ناشط نقابي و سياسي
يجب ألاّ تخوننا الذاكرة وننسى ما وقع في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة
لا يجب أن تخوننا الذاكرة فننسى مقاطعة حركة النهضة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي بتعلّة عدم تنصيصها على تجريم التطبيع. اليوم وبعد أن وصلوا إلى السلطة تنكروا لهذا المطلب الشعبي الوطني ورفضوا التنصيص عليه في الدستور بشتّى التعلات الواهية. والحديث عن الاكتفاء بسن قوانين له يعتبر رفضا مقننا متناسين أن الشعب التونسي سنوات الديكتاتورية كان يخرج في مسيرات ويرفع شعار المساندة للقضيّة المركزيّة المتمثلة في تحرير فلسطين ورفض التطبيع مع الصهاينة، وسنواصل نضالنا داخل الجبهة الشعبية لفرض هذا البند داخل دستور الثورة.
أماني مبروك ناشطة سياسيّة
حكومة (تعرف ربّي) وترفض مجرد التنصيص في جملة في الدستور على تجريم التطبيع
أرفض رفضا قطعيا التطبيع مع الكيان الصهيوني لأنه كيان إجرامي عنصري فاقدون للقيم الإنسانيّة، مارسوا الاحتلال لأرض غيرهم وارتكبوا أبشع المجازر ضدّهم وأحرقوا ممتلكاتهم على مرأى ومسمع من العالم. والأدهى من ذلك أن نفس القوى التي دعمتهم نجدها اليوم تدعم في حكومة تسمي نفسها حكومة إسلامية (تعرف ربّي) وهم يرفضون مجرد التنصيص في جملة في الدستور على تجريم التطبيع مع هذا الكيان وترفض هذه الجريمة في حقّ الشعب الفلسطيني. لن نتوقف عن التحركات إلى أن نفتك حقّنا في التنصيص على هذا المبدأ الوطني والقومي الرافض للصهيونيّة ولكياني العنصري الهمجي الإجرامي البغيض.
نواب التأسيسي يتحدثون عن التطبيع
سهير الدردوري كتلة المؤتمر من أجل الجمهوريّة
سأصوت لدسترة تجريم التطبيع رغم رفض المجلس الوطني للمؤتمر
نحن مع تجريم التطبيع ولكننا نختلف في الأسلوب فهناك من يدعون إلى دسترتها وهناك من يطرحون الاكتفاء بتضمينها في مشروع قانون، موقفي الشخصي أنّه يجب تضمينها داخل الدستور، فعندما تكون لهذا البند قيمة دستوريّة أفضل من أن يكون قانونا عاديا يمكن لأيّ مشرع في وقت لاحق أن يلغيه. كما أن الصيغة التي يجب التنصيص بها على تضمين البند داخل الدستور قابلة للنقاش فالبعض انزعج من عبارة تجريم وخافوا على مصالحهم مع أمريكا وبعض الدول الأوروبيّة. وأنا أقترح مثلا إلغاء بعض العبارات مثل التجريم وعدم ذكر الكيان الصهيوني والاكتفاء بذكر عبارة أي كيان عنصري استعماري، وهي عبارات كافية وتنطبق على إسرائيل. أنا مع تغيير الصيغة وتضمين فصل يمنع التطبيع. في المجلس الوطني الأخير لحزب المؤتمر تم مناقشة هذا الموضوع بحضور 120 عضو وانتهى التصويت برفض الأغلبية تضمين البند داخل الدستور والاكتفاء بسنّ قانون، غير أن موقف الكتلة متجه نحو الدسترة. وفي علاقة بهذا الموضوع اتصل بنا ممثلون عن يهود تونس ونبهوا إلى أن دسترة تجريم التطبيع سيمنع عنهم تدريس أبناءهم لأنّ الكتب يتم اقتناؤها من إسرائيل وهو ما اعتبروه تعديا على حقهم بوصفهم مواطنين تونسيين في التعليم وقد أخذنا هذا الموضوع بعين الاعتبار في اتخاذنا للموقف من التجريم. لكن كل ما تقدم لا يلغي عدالة القضيّة الفلسطينيّة وارتباطها بالحق العربي فالقدس ملك لنا جميعا وهو ما يؤكد ضرورة تضمين هذا الفصل بقطع النظر عن مصالح بعض الأقليات الصغيرة التي لا تعتبر مشكلا كبيرا إذ من الممكن اقتناء هذه الكتب بطرق أخرى، لكن القضيّة الفلسطينيّة تتطلب ضغط كل الدول العربيّة على أمريكا وإسرائيل واشتراط التطبيع بوقف افتكاك الأراضي واضطهاد الشعب ولا يهمنا إن كان الفلسطينيون قابلون للتطبيع ففلسطين ليست ملكهم وحدهم وعلى كل الشعوب العربية المتحررة التي قامت « بثورات» أن تنسج على هذا المنوال ويكفينا كذبا على الشعوب وعلى أنفسنا وتمرير قرارات واتفاقيات «من تحت الطاولة». أؤكد انّه رغم وجود التزام حزبي برفض الدسترة فأنا شخصيا مع دسترة هذا البند بالذات وأتصوّر أن أغلبية كتلة المؤتمر إن لم تكن كلّها ستصوت في هذا الاتجاه مع تغيير الصياغة.
الحبيب اللوز عن كتلة النهضة
قد يكون هناك حرج عند بعض قيادات النهضة من دسترة تجريم التطبيع
شخصيا أرى الأفضل التنصيص ولكن أثناء الاتصالات مع الأطراف السياسيّة في البلاد لمسنا سعي إلى إيجاد وفاق، فثمّة من يدعو للاكتفاء بنصّ قانوني ينصص على عدم التطبيع من منطلق أنّه عادة ما لا ينصّص في الدساتير على العلاقات بالدول الأخرى، هكذا درجت الحالة الدستوريّة في العالم. ليس الخلاف إذن في أن نجرّم التطبيع أم لا.
أنا أميل إلى التنصيص لأنّه أثبت وأدوم وأكثر تصريحا، فإذا نصصت عليه في الدستور فإن الدستور أدوم وإذا لم تنصّ عليه في الدستور فالقانون تأسيس، هذا رأيي الشخصي مع علمي أن هناك اتّجاه للاكتفاء داخل اللجان الدستوريّة للاكتفاء بالقانون. يوجد حرج عند بعض الأطراف السياسيّة ولم ألحظ حرجا داخل صفوف حركة النهضة من التنصيص على تجريم التطبيع لكن قد يكون هناك حرج عند بعض قياداتها .ويبقى موقفي الشخصي أنّني مع التنصيص الصريح على ذلك في الدستور.
أزاد بادي عن كتلة وفاء
القضايا المفصليّة في تاريخ الشعوب لا تباع ولا تشترى ولا تقايض لا بالمصالح الحزبيّة ولا الاقتصادية
نحن في حركة وفاء ندافع بشراسة على تضمين التنصيص على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والصهيونيّة في الدستور لعدّة اعتبارات. أولا نسجل أسفنا على عديد الكتل وخاصة الكتل الفاعلة على الأقل عدديا داخل المجلس التأسيسي والتي لم تذهب في التنصيص على التجريم في الدستور وترى أنّه يجب الاكتفاء بسنّ قانون لذلك لا نعرف متى سيسنّ ولا نعلم أيضا إن كان سيسنّ أم لا. وإذا كانت ثمّة قناعة بالقضيّة الفلسطينيّة وبأن هذا الكيان وما يسمّى دولة إسرائيل هي دولة أجرمت في حقّ الشعوب العربيّة والمسلمة على مرّ التاريخ وهي كيان مغتصب وعدوّ للأمّة العربيّة ولم ولن يصبح صديقا بشكل مباشر أو غير مباشر ولا بشكل بعيد أو قريب، فلماذا يخشى من التنصيص على تجريم التطبيع مع الصهيونيّة والكيان الصهيوني. ربّما تكون اكراهات المصالح الحزبيّة والانتخابية الضيقة للأسف التي رأيناها بعد الثورة ترتقي على المصلحة الوطنيّة وعلى مصلحة الشعوب العربيّة وعلى مصلحة الشعب التونسي الذي كان في الصفّ الأوّل للربيع العربي وتمنينا أيضا أن يكون في الصفوف الأولى في أمهات القضايا العربيّة الإسلاميّة وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة. تعلل الجميع بالمصالح مع أمريكا ومع الغرب وبالخشية من تأثير ذلك على المصالح الاقتصادية ونحن نرى أن مثل هذه القضايا المفصليّة في تاريخ شعوبنا لا تباع ولا تشترى ولا تقايض لا بالمصالح الحزبيّة ولا الاقتصادية ولا حتّى الاستراتيجيّة. القضيّة الفلسطينيّة رضعناها مع حليب أمهاتنا ونشأنا عليها منذ الصغر ورأينا أنّ الفرصة أصبحت سانحة بعد أن تحرّر الشعب التونسي كي يعطي المثل أن يكون المقدام في تجريم التطبيع، وما نخشاه اليوم أن تغيب الإرادة السياسيّة وأن تكون القيمة العدديّة لبعض الكتل الأغلبية داخل المجلس التأسيسي. نحن في حركة وفاء نطرح على أنفسنا دائما ملء الفضاء العمومي ونرى أن التحركات الشعبيّة المدنيّة السلميّة والتي تشكّل قوّة ضغط إلى جانب توحيد المواقف بين الكتل داخل المجلس التي تنظر من نفس الزاوية وضغط المجتمع المدني والمواطنين الحاملين للقضيّة الفلسطينيّة بصدق وبجدّ هي السبيل الى تعديل الكفّة وتغيير موازين القوى داخل المجلس التأسيسي. كما أن على وسائل الإعلام أن تسلّط الضوء على اعتراف ما يسمّى دولة إسرائيل باغتيال أبو جهاد على التراب التونسي ومتابعة القضيّة التي رفعتها حركة وفاء والتي تريد من خلالها أن تكشف بالفعل عن علاقة الأنظمة السابقة بالموساد الإسرائيلي وبالكيان الصهيوني وكيف تمكن هذا الكيان من اتخاذ بعض القرارات وأن تكون له يد في مجريات الأحداث في تونس والكشف عن الأرشيف الاستخباراتي، لكن كل هذا وللأسف يخاف منه الساسة الجدد فهم يخافون من كشف الحقائق وإغضاب الغرب وأمريكا وهو ما يتمّ للأسف على حساب القضيّة الفلسطينيّة التي ستظلّ القضيّة المركزيّة لكلّ الشعب العربي المسلم.
فتحي لطيّف عن حزب العمّال
حديث البعض عن تغيير الصياغة إفراغ لبند تجريم التطبيع من مضمونه
طرح موضوع التنصيص على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والصهيونيّة داخل لجنة الحقوق والحرّيات وأقرّ الفصل ولكن ثمّة أصوات نادت بأنّ التجريم لا يمكن أن يكون في الدستور بتعلّة أن الفلسطينيين بصدد التفاوض مع الإسرائيليين حول الحكم الذاتي ومن الممكن أن يتفقوا فيكون التنصيص على تجريم التطبيع خارج الإطار. نحن أكدنا في موقفنا على أن التطبيع لا يكون فقط مع الكيان الصهيوني إذ توجد عدّة منظمات صهيونيّة قد توجد في المستقبل وبأن التجريم مبدأ في حدّ ذاتها يخص كل المنظمات والكيانات العنصريّة. كما أن تجريم التطبيع لا يمكن أن يكون قانونا كما يطرح البعض بل مبدأ مثل مبدأ الحريات والحقوق والحق في التعليم ورفض التعذيب والعنصريّة ولا يمكن أن يكون إلاّ داخل الدستور تعتمده كل الحكومات المتعاقبة ويجعل من غير الممكن بالنسبة إليها التنسيق أو ربط علاقات مع دولة الكيان الصهيوني والمنظمات الصهيونية. وحديث البعض عن تغيير العبارات هو من أجل إفراغ البند من مضمونه للتهرب من العقاب فكلمة تجريم تفيد مباشرة ضرورة العقاب خاصة أنّ المعاملات مع المنظمات الصهيونيّة لا يمكن ضبطها بسهولة فجل الشركات متعددة الجنسيات جزء من رأسمالها صهيوني وهو ما يجعل التساهل وعدم التنصيص على عبارة التجريم يمكن البعض من التهرّب من العقاب.
محمد براهمي عن حركة الشعب
لا يعقل أن يقتني اليهود التونسيون كتبهم الدينيّة من الكيان الصهيوني
رغم أن لجنة الحريات قد اقترحت في مسودة مشروع الدستور فصلا يتضمن تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني فإنّ لجنة الصياغة قد ارتأت ألاّ يضمّن هذا الفصل وأعتقد أن ذلك ناجم عن ضغوطات سياسيّة من السيّد مصطفى بن جعفر ومن بعض الجهات الأخرى. ويبدو أن السيّد رئيس المجلس قد تعهّد أمام الاشتراكية الدوليّة بالعمل على عدم تضمين الدستور فصلا يجرّم التطبيع. ومع ذلك سوف نناضل بكلّ الإمكانيات من أجل أن نضمن الدستور مثل هذا الفصل لأنّه يستجيب لقناعة أصيلة لدى كل التونسيين ويستجيب لمطلب أساسي من مطالب الثورة. وأعتقد أن الحديث عن تقنين تجريم التطبيع عوض دسترته يعتبر تهربا والتفافا على المبدأ، فما ضرّ لو نستجيب في الدستور لمطلب أساسي من مطالب الشعب ونحن نصوغ دستور للثورة ودستور الثورة غير مسبوق في القياس على الدساتير الأخرى غير جائز هذا من ناحية، ومن ناحية الجمعيّة العامة نفسها قد تضمنت في أحد قراراتها أن الصهيونيّة حركة عنصريّة معادية للإنسانيّة فلنضمن الدستور هذا المبدأ ونقول بأن التعامل مع الحركة العنصريّة جريمة يعاقب عليها القانون ونضع قوانين تعاقب من يتعامل مع الدولة الصهيونيّة استجابة لهذا المبدأ الدستوري. أمّا في علاقة بالتبرير الذي قدمه البعض من أن بعض اليهود التونسيين لم يقبلوا بدسترة هذا المبدأ باعتبار اقتنائهم لبعض الكتب المدرسيّة لأبنائهم من الكيان الصهيوني فنقول لهم ربّ عذر أقبح من ذنب فإذا كان يوجد مواطنون تونسيون من الديانة اليهوديّة لماذا لا يقتنون كتبهم من وزارة التربية والمكتبات التونسيّة ويلتجؤوا للدراسة بكتب مصاغة في دولة الكيان الصهيوني بما تتضمنه من سموم عنصريّة ونصوص توراتيّة تحرض على العنف ضدّ العرب، إنّ هذا الأمر إن صحّ يدلّ على أنّ من يربي ناشئتنا على الثقافة الصهيونية المضمنة في كتبهم الدينيّة لا يمكن أن يكون مواطنا تونسيا وارتباطه الروحي والوجداني بدولة الكيان، وكأنهم يقيمون في تونس وولاؤهم لما يسمّى دولة إسرائيل. وهو ما يستدعي دسترة تجريم التعامل بين المواطنين الذين يحملون الجنسيّة التونسيّة مهما كانت دياناتهم مع ما يسمى دولة إسرائيل باعتبارها كيانا عنصريا معاديا للإنسانية، ولعلّ الاعتراف الأخير باغتيال المناضل أبو جهاد وما سبقه من عدوان على حمّام الشطّ يعتبر من الأسباب الرئيسية التي تؤكد ضرورة تجريم التعامل معه.
حبيب خضر المقرّر العام للدستور
لم نسحب الفصل وإنّما أحلناه من باب الحقوق والحريات والتنسيق والصياغة إلى باب التوطئة والمبادئ العامة
من المهم التأكيد ابتداء أن الأمر لا يتعلّق بانقسام داخل المجلس التأسيسي بين مساند للتطبيع ورافض له. الاختلاف الموجود هو بين من يريد التنصيص داخل الدستور صلب أحكامه على تجريم التطبيع وبين من يعتبر أن التطبيع مجرم بطبيعته ويجب أن يكون مجرما ولكن الموقع الأفضل لذلك لا يكون في الدستور. هو خلاف حول الموقع والصيغ وليس حول الفكرة الأصليّة. وعلى كل حال فإنّ هذا الموضوع لا يزال يدور حوله نقاش ونرجو - إن شاء اللّه - أن يتمّ الاهتداء إلى الصيغة التي تحقّق أكثر ما يمكن من التوافق داخل المجلس الوطني التأسيسي.
بالنسبة إليّ بوصفي مقررا عامّا للدستور من السابق لأوانه أن أجزم من الآن بالصيغة التي يمكن الانتهاء إليها والتي تكون الصيغة الأفضل، مازال هذا الأمر قابلا للكثير من النقاش وفي ظلّ الاستعداد للحوار والبحث عن المشترك سنهتدي إلى الأمثل. أمّا بالنسبة إلى الحديث عن الضغوطات فاسأل عنه الحكومة، كما أريد أن أوضّح أنّ الفصل لم يسحب وإنما الهيئة المشتركة للتقرير والصياغة أحالته من باب الحقوق والحريات والتنسيق والصياغة إلى باب التوطئة والمبادئ العامة، فأحلناه إلى اللجنة الأولى في إطار تناولها لهذا النص المحال إليها نظرا إلى أنه سبق لها النقاش في الموضوع وثانيا بإمكانها بوصفها لجنة أن تعتمده في الفقرة الأخيرة بالتوطئة الخاصة بالتنصيص على دعم حركات التحرر وعلى رأسها حركة التحرر الفلسطيني ومن هذا المنطلق رأت هذه اللجنة ألاّ مدعاة إلى التنصيص على تجريم التطبيع في الدستور وهو رأي يحترم وإن كان هناك من يختلف معه.
وفي علاقة بقضيّة الكتب المدرسيّة التي يقتنيها المواطنون التونسيون اليهود من إسرائيل تلقيت بوصفي رئيس لجنة عريضة في هذا الموضوع والتقيت ممثل اليهود التونسيين بجربة الذي أثار هذه النقطة التي تحتاج إلى أن نفكّر فيها بالفعل، الأمر لا يتعلّق بالمدارس العموميّة بل بالمدارس الدينيّة، ولا يتعلق بمقررات مدرسيّة تونسيّة وإنّما بالكتب التي تستعملها المدارس الدينيّة. ولكن بقطع النظر عن طبيعة هذه المدارس من المهم ومن الحري أن تتم طباعة هذه الكتب بتونس دون أن نحتاج إلى طرح مثل هذا الإشكال، لكن في الوضعيّة الحاليّة هو إشكال مطروح بالفعل يجب أخذه بعين الاعتبار لإيجاد حلّ له.
خميس قسيلة عن كتلة نداء تونس
الموضوع أصبح محلّ مزايدة أكثر منها مواقف مبدئيّة
أعتبر أن مسألة تجريم التطبيع عرفت مزايدات عديدة، أنا مع الالتزام الكامل بالثورة الفلسطينيّة وحق شعبنا وأعتبر القضيّة تعد مظلمة القرنين، ووقوفنا لا شك فيه مع الفلسطينيين، لكن لا أعتبر يستحق الدسترة بل يكفي تقنينه فهو عبارة عن التزام أخلاقي تعمل من خلاله قوى المجتمع المدني والسياسي على الضغط على بعضها البعض حتى يكون الموقف الوطني واضحا وأن تكون هذه الحكومة أو التي تليها ملتزمة بذلك بخيارات شعبنا الفلسطيني الذي كنّا نحتضنهم لسنوات الذين يعرفون أنّ الشعب التونسي وإن كان بعيدا جغرافيا على خط المواجهة ولكن تضامنه وصموده ودعمه للقضيّة الفلسطينيّة لا شك فيه. كما أن النخب التونسيّة لم تتردد في هذا الأمر، لكنّني لا أعتقد بضرورة دسترة هذه العمليّة، لأن دستور باق للأجيال ونحن نتمنّى أن تحل القضيّة الفلسطينيّة في أقرب وقت ممكن يجعل التجريم ليس رهين دسترة بقدرما هو رهين التزامات حكوميّة وضغط مجلس شعب أو مجلس نيابي منتخب وتشديد الحراسة على كلّ من يتخطّى الخط الأحمر من داخل المجتمع المدني والإعلام والقوى الرقابيّة المختلفة. أصبح يبدو وكأنّ من يساند التجريم ملتزم بالقضايا القوميّة والوطنيّة ومن يريد العقلنة ويقول بأنا موقعه ليس في الدستور لأنّنا نفتح بذلك الباب لأطراف أخرى تريد أن تنصص على أشياء أخرى في الدستور كالدعوة مثلا بانتمائنا إلى الأمة الإسلاميّة وهي محددات تعتبر مواقف سياسيّة متغيرة ليست محلّ دسترة بقدر ما هي محل ثبات على الموقف في دعم الفلسطينيين وقضاياهم المشروعة، ومساندة الحلّ الذي يرتضونه فهم بصدد التفاوض من اجل الوصول إلى حلول وسطى التي لم يقدروا على تأكيدا وجمع الرأي العام والمؤسسات الدولية حولها. فلا داعي إلى التبجّح بهذا الفصل من باب الديماغوجيا أكثر منها من باب الفاعليّة السياسيّة. وأعلمك أن نواب حزب نداء تونس وأنا شخصيّا لسنا واقعين تحت هذه الضغوطات ونعتبر أن رأينا عقلاني يخرج القضيّة الفلسطينيّة من التجاذبات التي تصور الأمر وكأن من يصوت معه أو ضدّه سيوضع في الميزان. واعتقادي أن الخلاف حول التنصيص هو منهجي واجرائي أكثر منه خلاف إيديولوجي يتموقع في الجغرا- سياسي أو في تأثير جهات اقليمية أو دوليّة. وبإمكاننا أن نصارع دوليا داخل الجمعيّة العامة لإعادة البند المتعلق بتجريم العنصريّة وتأكيد الصفة لهذا الاستعمار الإسرائيلي المبني على العنصريّة. ولا اعتقد في الأخير أن أيّ كان ينجح بمقتضى الدستور الجديد « دستور الثورة » قادر على التعامل على حساب القضيّة الفلسطينيّة، وأنا مطمئن لهذا الأمر وفي اعتقادي أن أغلب النخب مطمئنون كذلك، وفي اعتقادي الموضوع أصبح محلّ مزايدة أكثر منه صادرا عن غايات ومواقف مبدئيّة التي اعتقد أنّ حولها إجماع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.