لولا بعض البيانات الرسمية الصادرة في عواصم مغاربية لما انتبهت الشعوب لذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي في ظل غياب تغطيات إعلامية ل»الحدث» وتظاهرات احتفالية لما يفترض أن يكون أبرز انجازات المنطقة بعد تكتل دولها ضد الاستعمار ثم تحقيقها الاستقلال، لكن فيما ظل الحلم المغاربي حلما ما فتئت المسافات تبتعد بين طموحات الشعوب والواقع بعد 29 عاما. ولأن الحديث عن الاتحاد المغاربي أضحى مناسباتيا وبروتوكوليا تتولى فيه الحكومات تكرار ما يقال سنويا مع التأكيد على الفكرة المغاربية عبر جملة من المحطات التاريخية، لا بد أن يعني إهمال الواقع اعترافا بفشل الاتحاد ولا بد بالتالي من الإقرار أن الوحدة المغاربية في أي صورة كانت أو بأي شكل من أشكال التكتل والتكامل ستبقى مجرد حلم في عالم لم يعد فيه مكان للأحلام. ومن المفارقات أننا، كمغاربيين، نتعامل مع فكرة المغرب العربي من زاوية الفشل والعجز كحصيلة لقرابة ثلاثة عقود مما يمكن تسميته بالعمل المغاربي المشترك ومن عودة إلى الماضي المتجسد في نقاط مضيئة منذ فترة الكفاح التحريري إلى17 فيفري 1989 التاريخ الرسمي لإنشاء الاتحاد المغاربي. ولا نجد بين المرحلتين على الصعيد الرسمي ما يوحي بنوايا جدية في التكامل والشراكة بعد أن باعدت الخلافات السياسية بين بعض البلدان الأعضاء وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء والآن أصبحت ليبيا تعاني وضعا صعبا يتطلب سنوات لتطبيع الأوضاع فيها وفي الآن نفسه تتعامل دولة الضفة الشمالية للمتوسط مع دول الاتحاد بشكل منفصل وتملي مواقفها وحلولها لجملة من المسائل لعل أبرزها الهجرة السرية. ولا تكاد تمر مناسبة عند الحديث عن الاتحاد المغاربي إلا ويكون الحديث عن المعوقات والعراقيل والتحديات للعمل المشترك بين بلدان متجاورة جغرافيا يجمع بينها التاريخ وطموحات شعبية لكن شتان بين ما تحلم به الشعوب وبين الحاضر حيث نكاد نجزم بأن الشعوب المغاربية تعيش كذبة كبرى اسمها الاتحاد المغاربي الذي لم يحقق التكامل الاقتصادي ولم يطور الشراكات ولم يوحد مواقف الحكومات ولم تكن دوله جبهة واحدة تجمعها المصالح أمام الشركاء الأوروبيين والأفارقة. مرة أخرى نأسف لعدم تحقق الحلم المغاربي فيما نجح الأوروبيون باتحادهم وفيما نشأت تكتلات إقليمية اقتصادية في أكثر من منطقة من العالم،ولا يفسر هذا إلا بانعدام الإرادة الجدية للحكومات في وقت تزداد المصالح تشابكا ويتسع نطاق التحديات الاقتصادية ومعها المشاكل الاجتماعية.