● الأجهزة الاستخبارات التونسية تفتقر إلى المعرفة المفصلة بالمجتمعات المغتربة على عكس المغرب.. والأجهزة الأوروبية لم تستعن بالحكومة التونسية لاختراق الخلايا في أوروبا إعداد: أروى الكعلي - نشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الأسبوع المنقضي تقريرا بعنوان «الخط الأمامي الجنوبي: التعاون الأوروبي مع تونس والمغرب لمكافحة الإرهاب» تناول فيه الوضع الأمني في كل من تونس والمغرب والتحديات التي تشكلها الظاهرة الإرهابية، وتقدم البلدين في مكافحتهما والتعاون الأوروبي مع البلدين بهذا الخصوص. وبالنسبة إلى تونس يعتبر التقرير أنها حققت تقدما على المستوى الأمني منذ 2015 ولكنه في الآن ذاته يبرز التحديات التي مازال على البلاد مواجهتا والمقاربة الأوروبية للتعاون الأمني مع تونس. من وجهة نظر التقرير الأوروبي تقوم تونس بدعم قواتها الأمنية وإصلاحها. ويشير إلى أن الهجمات الإرهابية في 2015، هددت موارد الدولة ولكنها كشفت أيضا عن ضعف لدى القوات الأمنية التونسية على مستوى قدرتها المحدودة ونجاعتها وغياب التنسيق في مواجهة التهديدات وعدم القدرة على منع المقاتلين من عبور الحدود من ليبيا نحو تونس. لذا أطلقت تونس برنامجا لإعادة هيكلة قواتها الأمنية وقدراتها الدفاعية ضد الإرهاب. «دور مجموعة 7 زائد 6 في مواجهة «داعش» ويقدم التقرير توضيحا لمختلف المساعي الدولية لدعم تطوير القدرات الدفاعية والاستباقية للقوات الأمنية التونسية، معتبرا أن الدعم الدولي لتونس كان جيدا جدا على مستوى التنسيق بين مختلف الجهات الداعمة. وتتمثل الآلية الرئيسية لتنسيق المساعدة الأمنية في دور مجموعة البلدان السبع زائد ستة التي تضم سبع دول صناعية رائدة، فضلا عن إسبانيا وبلجيكا والاتحاد الأوروبي وسويسرا وتركيا ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. ويضطلع كل بلد أو منظمة بدور قيادي في تقديم نوع محدد من المساعدة الأمنية بحسب التقرير، وهي عملية تهدف إلى تجنب ازدواجية الجهود وضمان أن يكون لجميع الشركاء التونسيين الرئيسيين دور جوهري. ووفقا لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي تحدثوا لمعدي التقرير، فإنّ مجموعة السبعة + 6 ساعدت في منع «داعش» من الاستيلاء على أي إقليم تونسي. الدعم الخارجي حسب أولويات كل بلد ويوضح التقرير أنه نظرا إلى علاقاتها التاريخية مع تونس، قادت فرنسا العمل المباشر مع الأجهزة الأمنية في البلاد، بما في ذلك من خلال توفير المعلومات الاستخباراتية وتجهيز القوات الخاصة التونسية. وقد تولت فرنسا والمملكة المتحدة مسؤولية العمل مع تونس بشأن أمن الطيران، بما في ذلك تحسين فحص الركاب. وقد ساعدت هذه البلدان أيضا على تدريب كادر من الوكلاء التونسيين - الذين سيقومون بدورهم بتدريب تونسيين آخرين - على الاستجابة الأولية للحوادث الإرهابية. وقد عملت المملكة المتحدة على أمن الفنادق (بما في ذلك التي تنطوي على استخدام الدراجات رباعية الدفع على الشواطئ) والتدريب الطبي لأول المستجيبين. وقد اتخذت ألمانيا والولايات المتحدة زمام المبادرة فى أمن الحدود. وتقوم هذه البلدان بتمويل مشترك لتركيب نظام المراقبة الالكترونية على طول الحدود مع ليبيا، والتي ستديرها الوكالة الأمريكية للدفاع والحد من التهديد وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية بحسب ما جاء في تعريفها عندما زرنا موقعها الالكتروني. كما قدمت ألمانيا معدات مراقبة متنقلة. وركزت إيطاليا على مكافحة الاتجار بالبشر وصلته بمكافحة الإرهاب، بما في ذلك عن طريق توفير وصيانة سفن الدوريات، فضلا عن تدابير أخرى لتعزيز الحدود البحرية. وقد اختارت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التركيز على أولوياتها الوطنية وشواغلها السياسية المحلية بحسب ما يورده التقرير. وفي الوقت نفسه، ركزت مؤسسات الاتحاد الأوروبي على إصلاح قطاع الأمن، بما في ذلك المساعدة في وضع وتنفيذ برنامج لتوفير استقلال الإشراف على الشرطة، وتطوير قدرات أجهزة الأمن في مجال التحقيق تحت سيادة القانون. وقد دعمت بلجيكا والنرويج واليابان المشروع التجريبي لمنظمة الأممالمتحدة للتنمية لإعادة بناء الثقة بين المواطنين والشرطة من خلال تطوير مراكز الشرطة التي تركز على المجتمع المحلي، بحسب التقرير. «تحديات مازالت موجودة» ويتفق المسؤولون الأوروبيون -كما يبرز التقرير- بشكل عام على أن أجهزة الأمن في تونس حسنت قدرتها على منع التهديدات الإرهابية والتصدي لها منذ عام 2015 بشكل كبير. فلم تقع أية هجمات إرهابية كبيرة في تونس منذ الاعتداء على بن قردان في مارس 2016 يعكس هذا التحسن على الرغم من أن خسائر داعش لأراضي في ليبيا ساهم في ذلك أيضا كما يلاحظ التقرير. ومع ذلك، فإن التقرير الأوروبي يشير إلى إصلاح استراتيجية وهياكل الأمن في تونس فشلت في حل بعض المشاكل بل وأوجدت بعض الصعوبات الجديدة، معتبرا أن إصلاح الأجهزة الأمنية تحت سلطة وزارة الداخلية حققت تقدما ضئيلا. وكما قال أحد المسؤولين الأوروبيين، فإن أجهزة الأمن التونسية»قد دفعت إلى منطق الإصلاح،ولكن من الصعب المضي قدما في جدول أعمال هذا». ولاحظ مسؤول أوروبي آخر أن مدير التعاون الدولي في وزارة الداخلية لا يزال هو نفس الشخص الذي يحتل هذا المنصب منذ عهد بن علي ويقول: «إنه بلا شك فعال، ولكن ليس ملتزما بشكل واضح بالإصلاح». ويبدو أن هذه الملاحظات تؤكد المبدأ القائل بأنه في التحولات من الحكم الاستبدادي، المؤسسات التي كانت في قلب النظام القمعي القديم هي الأبطأ في القيام بالإصلاح، على حسب ما جاء في التقرير الأوروبي. ولاحظ معدا التقرير أن العديد من أفراد قوات الأمن يربطون الثورة والانتقال الديمقراطي بالصراعات الحزبية على السلطة بدلا من أن تمثل فرصا لإعادة بناء العقد الاجتماعي بين شرطة تونس وشعبها. وأشار خبير أمني أوروبي إلى أن ارتفاع التهديدات الأمنية في تونس في الماضي جعلت إصلاح وزارة الداخلية أكثر صعوبة، كما أن العديد من المسؤولين يعتقدون أن شفافية الشرطة والمساءلة ستكون عبئا على مكافحة الارهاب، بحسب ما جاء في التقرير. ويشير التقرير إلى مواصلة تسجيل انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب. ويتحدث عما يسميها الخشية لدى بعض التونسيين من استخدام رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لمكافحة الإرهاب لتعزيز صلاحيات منصبه على حساب رئيس الوزراء يوسف الشاهد. وينبع هذا القلق من الإعلان عام 2017عن أن مجلس الأمن القومي ينشئ مجموعة من اللجان الدائمة لتغطية الجوانب المتصلة بالأمن والمرتبطة بمجالات اشتغال الحكومة بما في ذلك الصحة والتعليم والطاقة والنقل.وأثارت هذه الخطوة إمكانية أن يتحول الأمن إلى ذريعة لتطوير حكومة موازية ترتكز في مؤسسة الرئاسة، بحسب ما يبرزه التقرير. تونس لا تمتلك أية سياسة ناجعة للتعامل مع العائدين من مناطق القتال هناك أسباب للتخوف حسب ما يورد التقرير من أن تونس تركز على أمن الحدود بشكل ضيق وبطريقة يمكن أن تحدث نتائج عكسية. معتبرا أن رؤية الحكومة للأمن على الحدود مع ليبيا ترتكز على منع كل حركة غير منظمة للأشخاص والبضائع وهو التدبير الذي يمكن أن يلحق الضرر بالتجارة الموازية (غير المتصلة بالإرهاب)، بالغة الأهمية للاقتصاديات المحلية. ويعتبر التقرير أن الخطاب العام للحكومة يشير أحيانا إلى أن التهريب والفساد، والحركة غير المشروعة للناس والأسلحة عبر الحدود كلها مرتبطة إلا أن التقرير يعتبر أن دراسات الحالة المفصلة للمناطق الحدودية تشير إلى أن الديناميكيات أكثر تعقيدا. إذ يضيف أن المقاربة التأمينية للحدود يبدو أنها أدت إلى زيادة الفساد وأدت إلى لا مساواة أكبر. ومع غياب سياسات لدفع الاستثمار في هذه المناطق المحرومة ومنح مواطني هذه المناطق بدائل للتجارة التقليدية فإن المقاربة الأمنية للحدود يمكن أن تزيد من مخاطر تنفير سكان هذه المنطقة من الدولة، كما يورد التقرير. التحدي الأكبر ..مقاومة الراديكالية وبعيدا عن هذه الهنّات، يعتبر التقرير أن تونس والملاحظين الدوليين يتفقون على أن التحدي الأكبر لتونس اليوم يتمثل في مقاومة الراديكالية والجهود المرتبطة بالتعامل مع الأفراد الراديكاليين. ويشير إلى أنه يبدو أن تونس لا تمتلك أية سياسة ناجعة للتعامل مع التونسيين العائدين من مناطق القتال. ويضيف أن المسؤولين الأوروبين يعتبرون أن الحصول على معلومات دقيقة صعب ويعتقد بعض الخبراء أن 3 أضعاف عدد المقاتلين المصرح به قد عادوا للبلاد وجزء كبير منهم تمكن من تجنب تعقب السلطات الأمنية له، وبحسب الأرقام الرسمية التي يوردها التقرير فإن 800 مقاتل عادوا إلى تونس مما يعني أن حجم العائدين بحسب الخبراء الذين ينقل عنهم التقرير يصل إلى 2400 مقاتل. إضافة إلى غياب مقاربة للتعامل مع التونسيين الذين تم منعهم من مغادرة البلاد. ويعتبر التقرير أن هناك غيابا للأدلة على أن الحكومة التونسية قد اتخذت أية مقاربة هيكلية لمقاومة التطرف. ويعتبر التقرير أن المصالح الاستخباراتية التونسية تفتقر إلى المعرفة المفصلة التي يتمتع بها النظراء المغاربة للمجتمعات المغتربة، وأن أجهزة المخابرات الأوروبية لم تتجه للاستعانة بالحكومة التونسية للمساعدة في اختراق الخلايا في أوروبا. في تعاملها مع تونس، وتركز الحكومات الأوروبية على الإسراع بعودة المهاجرين التونسيين الذين رفضت طلبات لجوئهم. وفي الوقت نفسه، يشكو خبراء الأمن التونسيون من أن أجهزة المخابرات الأوروبية لا تزودهم بمعلومات كافية عن المواطنين التونسيين الموجودين في قوائم المراقبة الأوروبية، بحسب ما يورد التقرير. ويتطرق التقرير إلى مسألة مقاومة الراديكالية وسيطرة الدولة على المساجد معتبرا أن هذه السيطرة تتم في السياق الديمقراطي التونسي بوجود حزب النهضة كقوة إسلامية معتدلة ولذلك يعتبر التقرير أن إيجاد التوازن بين مواجهة الرسائل المتطرفة بشكل استباقي وتجنب تسييس الإسلام أصعب من المغرب حيث يبقى الملك فوق السياسة أميرا للمؤمنين، كما جاء في التقرير.