مثل تشخيص وتقييم الوضع الأمني والإقتصادي الحالي بالبلاد والإصلاح الأمني ومقتضياته، أبرز محاور الندوة التي التأمت اليوم الأربعاء بالعاصمة، حول "الأمن والإقتصاد"، وذلك ببادرة من الجمعية التونسية للحوكمة. وتباحث الحضور، من خبراء وجامعيين وأكاديميين وسياسيين، حول المنظومة الأمنية ودورها في تكريس الإنتقال الديمقراطي وضرورة بلورة استراتيجيات وطنية ناجعة لمكافحة الإرهاب. واعتبروا أن "نجاح الإنتقال الديمقراطي يظل رهين تحقيق إصلاحات مفصلية وخاصة إصلاح المنظومة الأمنية، من أجل تحصين البلاد ضد خطر الإرهاب وبالتالي إنجاح التجربة الديمقراطية الناشئة في تونس". وأشاروا في هدا السياق إلى "أهمية حوكمة المنظومة الأمنية، كضامن رئيسي للأمن والدولة والسلم الإجتماعية، من خلال احترام المؤسسة الأمنية لمبادئ الحوكمة داخلها وقيام الهياكل الرقابية بدورها، لمحاربة ظاهرة الفساد". وعلى صعيد آخر سلط عديد المشاركين في الندوة الضوء، على الواقع الراهن للإقتصاد الوطني، سيما تفاقم العجز وانخرام التوازنات المالية وارتفاع سقف المديونية. ولدى تدخله، أثار رئيس الجمعية التونسية للحوكمة، معز الجودي، مسألة "غياب الحوكمة الرشيدة في القطاع الأمني"، ملاحظا أن توخي الحوكمة في هذا المجال من شأنه أن يؤسس لثقافة مكافحة الفساد ودعم معايير النزاهة والشفافية والمساءلة في المؤسسة الأمنية. وأضاف أن "تفشي ظاهرة الفساد المؤسساتي يعد من المعوقات الكبرى التي تحول دون تحقيق التنمية، بما يقوض البناء الديمقراطي وسيادة القانون ويعمق غياب الثقة بين الحكومة والمواطن والشعور بالمواطنة والإنتماء"، من وجهة نظره. وبعد أن لفت إلى العلاقة الوثيقة بين تحقيق الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، شدد الجوادي على "وجوب التعامل مع الفساد في القطاع الأمني، كظاهرة متشابكة، بما تحمله من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية". ولاحظ أيضا ظهور العديد من محاولات الإصلاح صلب وزارة الداخلية، لتعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة، مشيرا في السياق ذاته إلى "النقائص التي شابت تطبيق الحوكمة في مجال مكافحة الإرهاب". وفي جانب آخر من مداخلته، بين رئيس الجمعية التونسية للحوكمة، أنه إلى جانب الآليات القانونية والأمنية، تطفو على السطح عديد التحديات لمكافحة الفساد والمتعلقة بالرشوة والمحسوبية والسرقة وغيرها من الظواهر التي قال إن من شأنها "تعميق هوة الفساد الإجتماعي والأخلاقي، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة". كما تحدث عن جملة من التدابير الوقائية التي يتعين على المؤسسة الأمنية العمل بها، لمنع تفشي الفساد ومن ضمنها "إنشاء هيئات مستقلة تضطلع بمكافحة الفساد ونشر الوعي ووضع مدونات سلوك قطاعية للأمنيين، بهدف تعزيز النزاهة والمسؤولية". وتم خلال الندوة تقديم التقرير السنوي للجمعية، حول "حوكمة المنظومة الأمنية في تونس" والذي تمحور بالخصوص حول عناصر "الحوكمة الرشيدة في القطاع الأمني وأهم مبادئها" و"الوضع العام للمؤسسة الأمنية التونسية" و"المقترحات البديلة لمكافحة الفساد المالي والبشري في المنظومة الأمنية". (وات)