ما زال الجدل حول قرار هيئة الحقيقة والكرامة بالتمديد في مدّة عملها بسنة متواصلا، إلى حدّ التناقض بين مختلف أراء الأطراف السياسية بين مرّحب وبين رافض، وبين المقرّ بشرعية هذا القرار وبين من اعتبره تحدّيا للسلطة التشريعية وتماديا من الهيئة في توسيع سلطتها دون الاعتراف بمؤسسات الدولة. وكلّ ذلك التجاذب كان منتظرا بعد الإعلان عن هذا القرار، لكن غير المتوقع هو السعي إلى قبر مسار العدالة الانتقالية نهائيا في إطار صفقة وصفها الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي بال«الرخيصة». فقد كتب الشواشي على صفحته الرسمية بالفايسبوك «ملامح صفقة رخيصة في الأفق، إيقاف مسار العدالة الانتقالية نهائيا مقابل تعويضات تدفع بالمليمات لجزء من ضحايا عهد الاستبداد». هذه الصفقة ستتمّ وفق تصريح الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي ل»الصباح الأسبوعي» «عن طريق مجلس نواب الشعب، فهناك أخبار مفادها وجود صفقة بين الحزبين الحاكمين «النهضة و»النداء» لإيقاف مسار العدالة الانتقالية وذلك بإنهاء مهام هيئة الحقيقة والكرامة ورفض قرارها بالتمديد بالرغم من أنه قرار سيادي يهمّ الهيئة». وأضاف غازي الشواشي «وفق ذات الأخبار فإنّ مجلس نواب الشعب سيتدخّل في المسألة وسيرفض قرار التمديد، وهذا يعني أن الهيئة لن تتمكن من استكمال أعمالها وتقديم تقرريها النهائي ولن تتمكن أيضا من إحالة جميع الملفات على الدوائر القضائية المتخصّصة ولن تُحدّد قائمة جبر الضرر ووضع مقاييس ضحايا الانتهاكات، وبهذه الطريقة يتمّ قبر مسار العدالة الانتقالية نهائيا" . وأوضح الشواشي «الأكيد أنّ الهيئة هي آلية فحسب وليست هي من ستنفّذ هذه القرارات باعتبار أنّ الحكومة ومجلس نواب الشعب سيكونان لجان لمتابعة تكريس مسار العدالة الانتقالية وما آلت إليه مهام هيئة الحقيقة والكرامة من تعويضات ومن جبر الضرر». وما يُرّجح وجود صفقة بين حركتي «النهضة» و»النداء» وفق قول الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أنّ «هناك أخبارا مفادها أنّ رئيس الحكومة بعد أن رفض طيلة سنة كاملة إصدار الأمر الذي يتمّ بمقتضاه إحداث صندوق الكرامة وردّ الاعتبار، فإنه على ما يبدو قد أمضى القرار الترتيبي بإحداثه منذ أيام قليلة أي في الربع الساعة الأخير من انتهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة». وجاء هذا الإمضاء «كترضية لحليف حركة النداء في الحكم أي حركة النهضة وذلك في اتجاه إحداث الصندوق ومحاولة إيجاد الموارد ثمّ تعويض بعض الضحايا ببعض «المليمات» وليست تعويضات حقيقية لمن يستحقها وللضحايا الحقيقيين مقابل غلق ملف مسار العدالة الانتقالية نهائيا دون كشف الحقيقة ودون محاسبة ولا مصالحة». وبيّن غازي الشواشي في تصريحه ل»الصباح الأسبوعي» أنّه «رغم تقديم هيئة الحقيقة والكرامة لمشروع قانون إحداث صندوق الكرامة وردّ الاعتبار منذ سنة فإنه لم يتمّ الإمضاء على الأمر الترتيبي إلا مؤخرا، وهذا يدخل في إطار التجاذبات وفي نطاق المزايدات والبيع والشراء الموجودين بين الحزبين». وأضاف «إذا ما أحدث الصندوق من قبل، فإن أغلب التعويضات ستكون من نصيب ضحايا الاستبداد التابعين لحركة النهضة وهذا سيقويها أكثر على حساب النداء وهو ما لم ترضاه هذه الأخيرة في السابق وبتغير المعطيات وبرغبة من كلا الطرفين في قبر وإنهاء مسار العدالة الانتقالية تمّ الإمضاء على الأمر الترتيبي في انتظار أن يكمل مجلس النواب مهمة إنهائه والأيام القليلة القادمة ستُثبت ذلك».