عادت ظاهرة الإبحار خلسة بقوة بسواحل شواطئنا حيث تمكنت وحدات الأمن بمختلف اختصاصاتها من إحباط عديد العمليات ومحاولات الإبحار خلسة خلال الأيام القليلة الماضية، فقد ضبطت بداية الأسبوع المنقضي دورية تابعة لمركز أمن سفن الركاب تابعة للحرس الوطني بصفاقس المكلف بتأمين السفرات البحرية عن متى «اللود» بين قرقنةوصفاقس من إيقاف شخصين واحد عمره 21 عاما والثاني 24 سنة من بن عروس والكاف وحُجز لديهما مبلغ بالعملة الصعبة واعترفا بأنهما كانا ينويان الإبحار خلسة عبر سواحل قرقنة.. وتجدر الإشارة إلى أنه تم خلال الأيام القليلة الماضية إنقاذ 48 شخصا من قبل فرق الحرس البحري بصفاقس (فجر الأحد قبل الماضي) أصيلو مناطق بالجنوب التونسي تتراوح أعمارهم بين 16 و40 سنة كانوا على متن قارب بصدد الغرق بعد أن تسربت إليه المياه أثر انطلاقهم من سواحل منطقة اللوزة في عملية هجرة غير شرعية نحو ايطاليا.. من جهة أخرى تم قبل حادثة اللوزة ضبط أربعة أشخاص على متن «اللود» (بين قرقنةوصفاقس) تتراوح أعمارهم بين 24 و33 سنة، أصيلو ولايات مدنين وزغوان وجندوبة كانوا ينوون الإبحار خلسة انطلاقا من سواحل قرقنة مثل 8 أشخاص آخرين قبض عليهم الحرس الوطني بصفاقس أعمارهم بين 17 و28 سنة أصيلو ولايتي قابس والكاف بينهم 3 وسطاء وقد حجز لديهم مبلغ 12.700 دينار وقد تم إيقافهم بتهمة تكوين وفاق قصد اجتياز الحدود خلسة.. كما وقع خلال الأيام الأخيرة إيقاف 3 أشخاص بالمكنين كانوا يعتزمون الإبحار خلسة واعترفوا بأنهم يعدون لذلك مع منظم «حرقة» تسلم من ثلاثتهم 12 ألف دينار وهو محل تفتيش. عمليات منظمة وشبكات إجرامية وبين الخبراء أن الحجم الإجمالي لتداولات الشبكات الإجرامية في البحر المتوسط يفوق 400 مليار دولار كما كشفت الدراسات وكذلك استقصاء للمنتدى الاقتصادي والاجتماعي أنجز في 2016 (عن عينة ممن أعمارهم بين 18 و34 سنة) أن 54 بالمائة من 1200 شاب مستجوب يفضلون الهجرة و31 بالمائة يفضلون الهجرة السرية مما يعني أن «الحرقة» أصبحت هاجس الشباب، نتيجة غياب الوعي وعدم تقدير المخاطر وانعكاسات ذلك بالإضافة إلى كلفة عملية الإبحار خلسة، ففيما يتعلل الذين ينوون الإبحار خلسة بالظروف الاجتماعية الصعبة، ويرون في ركوب البحر الطريقة الأنجع للنهوض بأوضاعهم وإيجاد شغل والحلم بالثروة إلا أن تكاليف الإبحار خلسة باهظة لذلك لم يتفاجأ أعوان الأمن عند إحباط عديد عمليات الإبحار خلسة باكتشافهم بين «الحارقين» مفتشا عنهم في قضايا عنف وسرقة... وكذلك اعتراف البعض بالسرقة من اجل توفير ثمن «الحرقة» التي يتراوح سعرها بين 4 و18 ألف دينار.. قصر.. وتكفيريون بين محاولي الإبحار خلسة والملاحظ أن عمليات الإبحار خلسة لم تعد تشمل الحالمين بالثروة من الشباب الذي يشكو البطالة فقط.. بل تضم أيضا فتيات وحوامل وحتى متزوجين معا بالإضافة كذلك إلى قصّر.. فقد تمكنت يوم 24 فيفري المنقضي دورية تابعة لمنطقة الأمن الوطني بقرطاج من إيقاف عشرة أشخاص بينهم 8 قصر بجوار محيط ميناء حلق الوادي، كانوا ينوون الإبحار خلسة عبر التسلل إلى داخل الميناء والصعود إلى البواخر الراسية به.. كما يوجد من بين محاولي الإبحار خلسة متعاطو ومروجو مخدرات وعناصر تكفيرية، فمن خلال التنسيق بين إدارة الاستعلامات للحرس الوطني بالعوينة وفرقة الأبحاث والتفتيش بمدنين أمكن إحباط مشاركة عنصر تكفيري أصيل الجهة المذكورة وعمره 23 عاما كان تحول إلى سوسة يوم 24 فيفري المنقضي للإبحار خلسة مع صديق له (عمره 29 سنة) تم القبض عليه أيضا وحجز مبلغ 3 آلاف دينار لديه وقد تمت مباشرة قضية ضدهما بتهمة الاشتباه في الانضمام إلى تنظيم إرهابي.. مفتش عنهم من بين الموقوفين من جهة أخرى تفطن أعوان مركز أمن السفن للحرس الوطني بقرقنة يوم 24 فيفري أيضا إلى شاب عمره 37 عاما كان ينوي التحول إلى جزيرة قرقنة للإبحار خلسة وقد تبين أنه محل أربعة مناشير تفتيش لفائدة المحكمة الابتدائية ببن عروس وفرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بفوشانة.. والملاحظ أن جل العمليات المحبطة أو عمليات الإيقاف لكل من يعتزم الإبحار خلسة حدثت خاصة في قرقنة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول سر التركيز على جزيرة قرقنة، حيث تم يوم 24 فيفري الماضي بالمحطة البحرية بصفاقس ضبط ثلاثة أشخاص قدموا من العاصمة كانوا يعتزمون «الحرقة» من قرقنة.. كما تم يوم 27 فيفري بمركز أمن سفن الركاب بصفاقس ضبط تسعة أشخاص أصيلي قفصةوقابسومدنين تتراوح أعمارهم بين 17 و28 سنة كانوا ينوون الإبحار خلسة من سواحل جزر قرقنة.. وتم يوم 26 من نفس الشهر بنفس المكان ضبط سبعة أشخاص أعمارهم تتراوح بين 22 و25 سنة قدموا إلى قرقنة من جندوبةوسوسةوصفاقس.. وفي اليوم ذاته تمكنت فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بصفاقس من القبض على 6 أشخاص أعمارهم تتراوح بين 18 و29 سنة أصيلو قفصةوسوسة وتطاوين كانوا بدورهم ينوون الإبحار خلسة من قرقنة.. يوم 26 فيفري لم يكن عاديا فقد تمكن مركز الحرس الوطني بالكرنيش بصفاقس من القبض على منظم عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة عمره 42 سنة قاطن بالمهدية وصادرة في شأنه 3 مناشير تفتيش من أجل «تكوين وفاق قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة». لماذا سواحل قرقنة؟ ولتفسير كل هذا التركيز على جزر قرقنة للإبحار خلسة وبالنظر إلى عدد المحاولات المحبطة خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر فيفري المنقضي أفاد محمد رضا سويسي باحث دكتوراه في التاريخ الوسيط بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس أن جزر قرقنة مناطق حدودية مفتوحة مباشرة على المياه الدولية إذ قال ل»الصباح الأسبوعي».. «..أولا لابد من التذكير بأن قرقنة قريبة من لمبادوزا الإيطالية.. يضاف إلى ذلك سهولة المرور مقارنة بموانئ أخرى على غرار المهدية.. وغيرها أي أن ميناء جزر قرقنة أقل مراقبة، فالمسألة مرتبطة بالجانب الأمني، لذلك عند تشديد الحراسة تمت إيقافات عديدة لمحاولي الإبحار خلسة انطلاقا من شواطئها والتي لا تبعد كثيرا عن المياه الدولية..» وحسب أهل الاختصاص فإن تكثيف المراقبة في الفترة الأخيرة في ميناءي صفاقسوقرقنة أفضى إلى عدة إيقافات. وحول ما إذا كانت أحوال الصيادين في قرقنة قد ساهمت في ظهور هذه العمليات قال الأستاذ محمد رضا سويسي «صحيح أن نشاط الصيد البحري في قرقنة قد تأثر بعدة عوامل، لكن لا يجب أن يبرر به ما يحدث إذ صحيح أن عدة سفن بلا هوية مما يسهل استغلالها في عمليات الإبحار خلسة، لكن مثل هذه الأسباب هي عناصر مساعدة وليست سببا رئيسيا.. فالسفن التي تكون بلا هوية يسهل بيعها وشراؤها لكن هذا لا يعني أنها السبب الرئيسي».