من المنتظر أن يحمل لقاء قرطاج المقرر اليوم تغييرات محتملة قد تشمل حكومة الوحدة الوطنية في ظل سعي الاتحاد العام التونسي للشغل إلى فرض منطق جديد يقوم على إبعاد الشاهد نتيجة فشله في إدارة المرحلة بالإضافة إلى الوصاية السياسية التي يروج لها حزب نداء تونس بكونه الراعي الرسمي للشاهد رغم أن العديد من الوقائع أثبتت سعيه للإطاحة به وقد تكون الفرصة سانحة لذلك اليوم رغم ترويج الحزب لخطاب المساندة للحكومة. كما بات شرط إعادة تدوير وثيقة قرطاج وإيجاد الصياغات الجديدة مطلبا واضحا لجل الأحزاب في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لم تعرف تراجعا في حدتها منذ تولي الشاهد ومن قبله حبيب الصيد رئاسة الحكومة، كما ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة لتلامس أفق التصنيفات الدولية لبلادنا كجنة ضريبية في البداية أو كدولة مبيضة للأموال نتيجة نقص في القوانين للحد من هذه الظاهرة. عوامل اقتصادية يضاف لها عجز الحكومة عن حل الإشكاليات الجهوية في كل من تطاوين (الكامور) والحوض المنجمي وغيرها من المدن المنتفضة على التهميش والفقر وغياب سياسة تنموية واضحة قادرة على إعادة الأمل إلى شباب تلك المناطق التي ملت وعود التسويف والحلول الترقيعية وغير الواقعية أحيانا. اتحاد الشغل بين موقفين ويبدو إصرار الاتحاد العام التونسي للشغل على الإصلاح داخل الحكومة واضحا من خلال موقف الناطق الرسمي باسم المنظمة سامي الطاهري الذي اكد في تصريح إذاعي ل»موزاييك» على هامش أشغال الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة نهاية الأسبوع «أن المنظمة ستشارك اليوم الثلاثاء في اجتماع وثيقة قرطاج الذي دُعيت اليه «قائلا في هذا الصدد «سندخل الاجتماع بطلبين، طلب تقييم الوضع وأداء الحكومة ونحن لنا تقييمنا وطلب التفاعل مع تقييمنا وإصلاح الأوضاع قبل أن تتأزم أكثر..». وشدد الطاهري على أن الحكومة «أخذت الوقت الكافي لكن لم تسجل بعد التغييرات والإصلاحات اللازمة» مضيفا «أغلب الوزارات لا تعرف ماذا تفعل..». كما اعتبر الطاهري أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد «خذا وقتو» قائلا «هذه حكومته الثانية، يفترض أنه تدرّب في الحكومة الأولى.. رغم التغييرات التي اتخذها في وزاراته لكن بعض الخيارات لم تكن موفقة.. إلى حد الآن مازلنا مؤمنين بوجود وزارات معطلة تماما». وفِي واقع الآمر فان موقف الطاهري يحمل ضمنيا الدعوة إلى تحوير حكومي شامل ويظهر ذلك من خلال استعماله لعبارة «أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد «خذا وقتو». غير أن موقفه سرعان ما تغير على «شمس اف ام» بعد ان أكد ان المنظمة الشغيلة لم تطلب تغيير الحكومة بقدر ما طلبت تجديد بعض مفاصل الدولة وضخ دماء جديدة. اجتماع دون أحزاب المشروع وآفاق والجمهوري وينعقد اجتماع اليوم وسط غياب واضح لكل من آفاق تونس ومشروع تونس والحزب الجمهوري التي خيرت الانسحاب على مواصلة العمل مع بقية مكونات الأحزاب والمنظمات المشكلة لوثيقة قرطاج. ورغم عدم دعوته للقاء الثلاثاء فقد استعرض اجتماع المكتب السياسي لآفاق تونس المنعقد يوم الأحد «الوضع العام في البلاد مسجلا استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية محملا الحكومة مسؤولية غياب الحوكمة الناجعة لعديد الملفات وخاصة عدم الشروع الفعلي في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي طالما نادى بها حزب آفاق تونس والتي كانت السبب الرئيسي في مغادرته للحكومة». مقترحات لتشكيل الحكومة الجديدة رغم الأخطاء الاقتصادية والسياسية للشاهد وأعضاء من حكومته فان مسالة تغييره تبدو غير ممكنة حيث من المنتظر ان يحظى الشاهد بفرصة جديدة على رأس حكومة جديدة، مع تغيير متأكد في تركيبتها وشكلها، ويبدو موقف حركة النهضة واضحا في هذه المسالة وداعم لبقاء الشاهد مجددا على رأس الحكومة بغض النظر عن «تسميتها». فحركة النهضة رافضة لتغيير الشاهد في هذا التوقيت بالذات بما هو مَس من مسار الانتخابات البلدية وتأثيرها الواضح على توقيت إجراء الانتخابات الذي يمكن ان يتأجل الى موعد لاحق في حال تم إقرار رئيس حكومة جديد وهو ما يتعارض مع المسار الديمقراطي الذي يفترض بالضرورة استكمال المشهد بإجراء بلديات 2018. وقد اعتبر الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري في تصريح ل«الصباح» ان حركة النهضة تساند الاستقرار الحكومي وترى ان المشاكل الاقتصادية العميقة لا يمكن مواجهتها بكثرة التغييرات الحكومية التي لم تنجح في السابق بما يدل على ان التغيير لا يمس بجوهر المشاكل الحقيقية وان المطلوب اليوم هو الحوار الاجتماعي والاقتصادي بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية الكبرى». وأضاف الخميري «ان البوصلة الحقيقية يجب ان تتوجه للانتخابات البلدية وان الدفع بالبلاد في اتجاه تحويرات شاملة او جزئية ليس هو المطلوب لمعالجة الوضع مع تأكيدنا على ان لرئاسة الحكومة كامل الصلاحيات الدستورية للقيام بما تراه مناسبا لإدخال التغييرات في الوزارات التي ترى هي انه يجب معالجتها». وفِي الواقع فان مقترحات تشكيل حكومة جديدة لم تكن وليد اللحظة بل سبقتها دعوات من قبيل حكومة إنقاذ وطني او من يرى انه من الضروري المحافظة على يوسف الشاهد كرئيس للحكومة على ان تتحول حكومة الوحدة الوطنية الى حكومة انتخابات. من جهتها قدمت حركة مشروع تونس رؤيتها لطبيعة الحكومة القادمة حيث دعت الحركة إلى حكومة كفاءات غير متحزبة لقيادة البلاد. النداء يخفي موقفه الحقيقي وعلى عكس ما يظهره نداء تونس فان الواقع السياسي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك رغبة جامحة من الحزب لإبعاد الشاهد من الحكومة وتعويضه بشخصية أخرى، وبالرغم من ادعائه بالمساندة والوقوف إلى جانبه فان النداء لن ينسى ما أقدم عليه الشاهد من تهديد لعرش حافظ قائد السبسي ومنازعته «الوراثة». حيث تجاوز الشاهد الأفضلية المعنوية للمدير التنفيذي للنداء، وأيضا بعد إعلانه الحرب على الفساد وضربه للأذرع المالية للحزب والقريبة من قائد السبسي الابن. وفي رده على سؤال «الصباح» بخصوص موقف الحزب من اجتماع اليوم وصف القيادي بنداء تونس عبد العزيز القطي لقاء قرطاج «بالاجتماع العادي الذي يندرج في إطار سلسلة اللقاءات بين الموقعين على وثيقة قرطاج برئيس الجمهورية الأستاذ الباجي قائد السبسي». من جهته وصف المكلف بالإعلام والاتصال بالنداء فؤاد بوسلامة ل«الصباح» لقاء اليوم «بالعادي» حيث سيستمع رئيس الجمهورية لمختلف النقاشات والآراء للموقعين في وثيقة قرطاج. اما فيما يتعلق بمسالة تغيير الشاهد او التحوير الوزاري أوضح بوسلامة «ان الحزب ملتزم بمساندة الشاهد وهو ما أكدناه في أكثر من مناسبة». ويذكر ان لقاء اليوم هو اللقاء الثالث بين رئيس الجمهورية والموقعين على وثيقة قرطاج، فهل تكون هناك فرصة جديدة للشاهد؟ ام ستعيش حكومة الوحدة الوطنية أيامها الأخيرة؟