بعد رفض إدارة "الباي بال" لمطلب البنك المركزي بإدخال خدماتها إلى تونس منذ سنة، تستثني اليوم إدارة "فايسبوك" هي الأخرى بلادنا من منصة التجارة الالكترونية الخاصة بالشركات والمؤسسات التي أطلقتها مؤخرا وضمت كلا من الجزائر ومصر والمغرب تحت اسم "Marketplace"، تتيح للمستخدمين الاستفادة من ال"فيسبوك" لعرض منتجاتهم للبيع والشراء على غرار المفروشات والإلكترونيات والأجهزة الأخرى، وسيستفيد من هذه المنصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من 550 مليون مستخدم. كما تتيح منصة التجارة الالكترونية للبائع والمشتري إمكانية التواصل مع بعضهما مباشرة من خلال "فيسبوك مسنجر"، والاتفاق على قيمة الصفقة، كما يمكن تسجيل جميع عمليات البيع والشراء التي يقوم بها المستخدم في قسم "Your Items". لكن هذه المميزات الجديدة في عالم التجارة الالكترونية تحرم منها تونس اليوم وتحرم مرة أخرى بعد "الباي بال" من الاستفادة من المنظومات والتطبيقات الجديدة التي تواكب التطورات التكنولوجية التي شملت كل المجالات خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد والتي من شانها إعطاء دفع وحركية جديدة على المبادلات التجارية والرفع من معاملات العديد من الشركات التونسية التي تعاني من صعوبات في التسويق والتصدير في الأسواق الخارجية. واجمع العديد من الخبراء في الشأن المالي والاقتصادي أن أهم الأسباب المباشرة التي دفعت كلا من إدارة "الباي البال" و"الفايسبوك" لرفض انضمام بلادنا في كل هذه المنظومات هي السياسة النقدية المتآكلة والتي لم تقع مراجعتها منذ سنوات رغم تعدد الحكومات حتى تكون مواكبة للتغيرات الجديدة عبر العالم، فضلا عن تواصل البيوقراطية التي تدمر الاستثمار. ودعا محمد الصادق جبنون المختص في الشأن الاقتصادي إلى ضرورة إطلاق الحريات الاقتصادية خاصة على صعيد منظومة الصرف وتعديل مجلة الصرف عموما والتغيير في بعض فصولها حتى تتلاءم مع قوانين البنوك الافتراضية في العالم وإلغاء البيوقراطية والتخفيف من القوانين والإجراءات قدر الإمكان التي من شانها أن تكبل الاستثمار في مجال تكنولوجيات الاتصال. كما دعا العديد من المتدخلين في قطاع الاتصالات في تونس إلى ضرورة تغيير سياساتنا النقدية التي تآكلت ولم تعد تتطابق والتطورات التكنولوجية الحديثة خاصة تلك المرتبطة بالتحويلات البنكية. وتعتبر السياسة التوريدية المتبعة في بلادنا التي لا تتماشى مع السياسة التصديرية وانهيار المنظومة الإنتاجية من أهم الأسباب التي قد يؤدي إلى إغلاق عدد من المصانع والمؤسسات الاقتصادية، إلى جانب الانفلات الذي يعرفه قطاع التوريد والذي يمثل خطرا كبيرا على البلاد.. إلى جانب أزمة السيولة لدى البنوك التي تعد هي الأخرى من أهم العوائق التي تقف أمام تطبيق مثل هذه المنظومات والتطبيقات في مجال الدفع الالكتروني، حسب ما أكده الخبراء في المجال. فاليوم يوجد حوالي 2000 موقع متخصص في التجارة الالكترونية في تونس مقسمة بين موقع " clictopay" وموقع البريد التونسي تقريبا بالتناصف فيما بينها، وتسجل أكثر من مليوني عملية تجارية الكترونية عبر هذه المواقع بعد أن كانت لا تتجاوز ال15 موقعا فقط في سنة 2005، لكن هذه المواقع في الحقيقة لا تحقق نفس النتائج التي تحققها منصة التجارة الالكترونية الخاصة بالمؤسسات باعتبار أهميتها في المساهمة في المبادلات التجارية والترفيع من قيمة الصادرات وجلبها للعملة الصعبة للبلاد... ولنا أن نفرق بين المواقع المتخصصة في التجارة الالكترونية الخاصة بالأشخاص عبر الانترنت وبين منصات التجارة الالكترونية الأولى تهم الأشخاص الطبيعيين الذين يفضلون البيع والشراء عبر الانترنت، والثانية تهم المؤسسات والشركات التي تريد تسويق منتجاتها عبر منصة الكترونية تجارية عبر الانترنت.