بعد الجولة الإعلامية لمسؤول السياسات لنداء تونس برهان بسيس في تحديد طبيعة الصراع السياسي خلال الانتخابات البلدية القادمة والتي أرجعها إلى صراع بين الدولة المدنية و«الاخوانجية» وبعد ان فشل بسيس في إرجاع التونسيين الى اغبى المربعات السياسية على حد وصف القيادي النهضاوي محمد بن سالم، عاد النداء للخوض في ذات المنحى عبر اتهام حركة النهضة بأخونة المجتمع مجددا . وقال الناطق الرسمي باسم النداء منجي الحرباوي في تدوينة نشرها الإثنين 2 أفريل على صفحته الخاصة جاء فيها "القائمات المستقلة في أغلبها كيان هولامي لا معنى لوجوده سوى المصلحة الشخصية لمرشحيها وخاصة رؤساء القائمات الذين لم نعرف لهم موقفا ولم نسمع لهم يوما صوتا ولا غاية لهم سوى فوزهم بمقعد رئيس قائمة فقط للسمسرة وشقّ وحدة الصفّ الوطني». وأشار إلى أن "القائمات المستقلة تتكوّن من أفراد لا تجمعهم أيّة رؤية ولا برنامج مُوحّد سوى أفكار وهمية مشتّتة وغايات وطموحات فردية تقودها نرجسية مفرطة وعقد نفسية وطموحات مزيّفة ورغبة جامحة في السمسرة واتفاقات سرية جوهرها الوكالة لفوز قائمات التحالف السري وتنظيم النهضة». وتابع «لا يمكن العودة لهذه الكيانات المستقلة لمحاسبتها من جديد حيث لا تملك وجودا فعليا وواقعيا ولا برنامجا سوى ما ذكرت حركة النهضة في عديد المرات بأنها ستدعم وترشح القائمات المستقلة.. بل استقطبت بعضهم لتضعهم على رأس قائماتها النهضاوية». وأوضح أنّ هدف ما أسماها ب»كيانات مستقلة تحمل أفكارا مشتتة وتحمل أمراضا وعقدا نفسية فردية وجماعية ولها تحالفات سرية مع حركة النهضة» تشتيت الأصوات وضرب وحدة الصف الوطني للقوى الوسطية الديمقراطية التونسية والسيطرة والتفرّد بالحكم في الجهات وتمرير «مخطّط الدولة الإخوانية المتطرفة» على حدّ تعبيره. ويبدو واضحا أن مساعي النداء لإعادة الصراع بين مشروعين متناقضين إنما هو محاولة لإعادة ذات التمشي الانتخابي خلال انتخابات 2014 القائم أساسا على سياسة التصويت المفيد او ما يعرف « Le vote utile ». وفي واقع الامر فان مسالة التصويت المفيد التي يسعى النداء لاعتمادها خلال الانتخابات البلدية إنما هي محاولة لاستقطاب الناخبين الذين مازالوا يعيشون حالة من الحيرة الانتخابية حيث لم يحددوا بعد القائمات التي سيقع التصويت لها، فعملية الاستقطاب هذه استفادت منها حركة نداء تونس بعد ان أعلنت الصراع ضد القائمات الحزبية لحركة النهضة خلال الانتخابات التشريعية الماضية، لتتحالف القوى المتصارعة بعد ذلك في إطار من التوافق الذي فرضه اجتماع الشيخين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي في باريس. وليس من الغريب ان ينتهج الحزب الاغلبي في الحكومة والاقلي في البرلمان مقارنة بالنهضة هذا المنحى وذلك لفقدانه جزء كبير وهام من الناخبين بعد ان تحالف النداء مع «عدو»الأمس وبعد سلسلة من الصراعات والانقسامات اثر فشل القيادات في تقسيم غنيمة الانتخابات، وهو ما استحال معه مواصلة العمل المشترك داخل الحزب لينسحب محسن مرزوق ويسحب معه 1/3 الكتلة النيابية للنداء ويؤسس مشروعه الحزبي الذي بات عنصرا مهما في الحياة السياسة. والى جانب النواب فقد قضم مرزوق ايضا جزءا واسعا من قواعد النداء لفائدة مشروع تونس وقد تواصلت عمليات القضم مع بروز أحزاب جديدة من رحم النداء نفسه على غرار حزب المستقبل وحزب بني وطني وحزب تونس اولا، فكان على النداء ان يستعيد ما ضاع منه خلال السنوات الأربع الماضية . فخسارة النداء لقواعده التي انقسمت بدورها وتوجهت الى اكثر من جهة حزبية يدفع بالضرورة الى اعادة استقطاب من هاجروا الحزب لسبب من الاسباب وقد لعبت ماكينة «البروبقندا» الحزبية على إقناع التونسيين بثبات النداء على المبادئ التي بعث من اجلها بل والترويج الى ان النداء مازال قادرا على الاستقطاب وهو ما دفع بالمدير التنفيذي لنشر صور له مع كل شخصية تلتحق بالحزب . وعلى عكس حركة النهضة التي لم تعلن عن دعمها لأية قائمة مستقلة فان النداء وعلى لسان رئيس كتلة نداء تونس بمجلس نواب الشعب سفيان طوبال أكد «أن حزبه سيدعم 46 قائمة مستقلة قدمت ترشحها للانتخابات البلدية. وأضاف طوبال خلال حضوره في قناة «التاسعة» أن هذه القائمات المستقلة التي ستدعمها حركة نداء تونس ستحمل شعار «فبحيث» وهو نفس الشعار الذي رفعه الحزب في انتخابات 2014.