أكّد رئيس ديوان وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان منذر بوسنينة في تصريح ل«الصباح الأسبوعي» أنّ عدد الأحزاب سيرتفع في الأسابيع القادمة إلى 220 حزبا، وقد وافقت الوزارة حاليا على منح التأشيرة لسبعة أحزاب جديدة». جاء هذا التصريح على خلفية الجدل القائم حول معايير التمويل العمومي للأحزاب السياسية والذي ربطته الوزارة في مسودة مشروع قانون الأحزاب بتمثيليتها بمجلس نواب الشعب، فقد أوضح رئيس الديوان أنّ الخلاف مع الأحزاب كان حول هذه المسألة والحال أنّ قناعة الوزارة والحكومة أنّه لابدّ أن تضطلع الدولة بهذه المسؤولية لتجنيب الأحزاب السياسية اللجوء إلى المال الفاسد أو كل الموارد المالية التي من شأنها أن تؤثر على الحزب وخاصة «التمويل الأجنبي». التعدّدية الحزبية وقال بوسنينة ايضا «في هذا الإطار وضعنا قواعد موضوعية للتمويل العمومي فخصصنا منحة قارة قيمتها 50 ألف دينار لكلّ حزب ممثل بمجلس نواب الشعب وأخرى غير قارة وقيمتها 10 آلاف عن كل نائب، وهذا ما لم يتمّ قبوله من قبل الأحزاب وأثار جدلا واسعا واعتبروه إقصاء وضربا للتعددية». كما بيّن بوسنينة في نفس السياق أنّ «المقاربة العددية للأحزاب حتى وإن قُدرت بالآلاف لا تُمثّل إشكالا ولكن المشكل يكمن في قدرة الدولة على تمويل الأحزاب، فتمّ اقتراح تمويل الأحزاب وفق عدد الأصوات المتحصل عليها في آخر انتخابات تشريعية وهو ما اعتبرناه مقترحا جيدا انطلقنا في دراسته فاجتمع معهم وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية فكانت الأجواء أفضل». وأضاف بوسنينة «فكرنا أيضا في آلية أخرى للتمويل العمومي وتتمثل في اعتماد آخر انتخابات تشريعية دون احتساب الأحزاب البرلمانية، فالأحزاب خارج البرلمان والتي تتحصل على حدّ أدنى من الأصوات على المستوى الوطني وترشحت في عدد أدنى من الدوائر الانتخابية ولها أكثر انتشارا بالرجوع إلى نتائج انتخابات سنة 2014 هي التي يتمّ تمكينها من التمويل». تخوفات من العقوبات وأوضح رئيس ديوان وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان ل»الصباح الأسبوعي» أنّ «الكلفة التي حدّدتها الوزارة للتمويل العمومي ستكون بقيمة 3 مليون دينار سنويا وقد يرتفع بمليون ونصف كحدّ أقصى ويقع تقسيمه على الأحزاب بطريقة تنازلية وفق عدد الأصوات المتحصل عليها». في ذات السياق بيّن بوسنينة أن الخلاف الثاني مع الأحزاب السياسية كان حول العقوبات،» فلسفة المشروع قامت أولا على أن القاضي هو من يُسلّط العقوبة لا الإدارة، ثمّ كلّ مال غير مشروع توظف عليه خطيّة مالية بقيمة ذلك المال، فطالبت الأحزاب بحذف كلّ العقوبات». أمّا الخلاف الثالث فكان حول «المنصّة الالكترونية التي ستكون آلية لتسجيل الأحزاب والحصول على التأشيرة ونشر المعطيات المالية والتقرير المالي مرفقا بتقرير مراقب الحسابات في إطار الشفافية» وهنا نقطة الاختلاف ذلك أن الأحزاب اعتبرت من حق الوزارة مراقبة التمويل العمومي فحسب». والحال أنّه من المفترض وفق قول منذر بوسنينة أنّ «الحزب الذي يُريد أن يحكم يكون قادرا في سياسته الداخلية على ضمان الشفافية التي ستطالب سواء كان في الحكم أو المعارضة وهذه قواعد دستورية يجب تطبيقها». فرض تنظيم المؤتمرات الحزبية والخلاف الرابع مع الأحزاب السياسية كما أكّد ذلك محدّثنا كان حول «عقد المؤتمرات فاقترحنا في مسودة المشروع أن تكون الأحزاب مطالبة في غضون سنة على تكوينها بعقد مؤتمرها الأول وإن لم تفعل ذلك نمهلها ستة أشهر لتتم الإجراءات اللازمة» وأضاف «في نهاية المطاف إذا كان حزب لا يؤمن بالديمقراطية وقيادته ليست منتخبة فكيف يمكن ائتمانه على البلاد، ويمكن في هذا السياق النظر في إمكانية تمديد المهلة علما وأنّ القضاء هو من يسلط العقوبات لا الإدارة في حال لم يلتزم الحزب بما نصّ عليه قانونه الأساسي». في سياق متّصل قال منذر بوسنينة «إنّ الوزارة بصدد وضع اللمسات الأخيرة لمسودة المشروع وفقا للاستشارة الأخيرة التي انتظمت يوم الأربعاء الفارط والتي من المنتظر تمريرها إلى المجلس الوزاري موفى أفريل على أقصى حدّ لاستشارة أخيرة من الوزارات المعنية فالمصادقة فتمريره إلى مجلس نواب الشعب». وبخصوص مرسوم عدد 88 المتعلق بالجمعيات قال رئيس ديوان وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان ل»الصباح الأسبوعي» إنّ «مراجعة هذا المرسوم تندرج في نفس الفلسفة القائمة على ضرورة المحافظة على مبدإ الحرية ثم كمبدإ ثان الشفافية وثالث الحوكمة الرشيدة و رابع احترام دولة القانون والمساءلة». فالمرسوم عدد 88 أحدث في سنة 2011 بناء على متطلبات فرضتها مرحلة الانتقال الديمقراطي وقتها واليوم هناك دستور جديد يستوجب تغيير هذه المراسيم إلى قوانين أساسية باعتبار المراسيم هي مراسيم مؤقتة. التشاور والتحاور حول الجمعيات وسيكون نفس التمشي الذي تمّ اعتماده في الأحزاب من إحداث منصة إلكترونية تُسجل من خلالها الجمعيات وأيضا تنشر تقاريرها المالية ومصادر تمويلها سواء كانت عمومية أو هبات من منظمات أجنبية وذلك في إطار ضمان الشفافية وتكريسها مع ضمان مبدإ الحرية. وفي هذا السياق اجتمعت الوزارة مع ممثلي عدد من الجمعيات في شهر جوان 2017 الذين طالبوا بعدم المساس بالمرسوم وتغييره خوفا من المسّ من الحريات، وخوفا من تحديد سقف التمويلات وهو ما تمّ نفيه من قبل الوزارة. وأوضح بوسنينة في هذا الصدد أنّه بناء على هذه التخوفات ولطمأنة مكونات المجتمع المدني قررت الوزارة التريث ومزيد فتح باب النقاش والتشاور مع مختلف الشركاء والأطراف والعمل مع مجموعة من الخبراء لا يمكن التشكيك في نزاهتهم على غرار أستاذ القانون الدستوري فرحات الحرشاني وشفيق صرصار وسليم اللغماني «للمساعدة على صياغة النص وتنبيهنا من المحاذير حتى لا نقتل الحريات التي ضمنها الدستور. وبالتالي إلى الآن لم نبدأ في صياغة مسودة مشروع القانون الخاصة بالجمعيات لمزيد التشاور والتحاور».