مازالت مسالة النقص الفادح في مخزون الأدوية وتداعياتها تسيل الكثير من الحبر بعد ان تداولت أمس عديد الأوساط الإعلامية خبر إقالة الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية المعز لدين الله المقدم وتعيين أيمن المكي خلفا له وذلك على خلفية ما عاشته البلاد في المدة الأخيرة من إضطراب في مسالة توزيع الأدوية وتوريدها. ودون الخوض في أسباب الإقالة فان هذا الملف الحارق يستوجب الكثير والكثير من الجهود حتى تعود الأمور إلى نصابها بما أن الأمر يتعلق بفقدان أدوية حياتية على حد تأكيد أهل الاختصاص. أكّدت أمس المديرة العامة للصحة نبيهة البورصالي أن مسالة نقص الأدوية لا علاقة له بمديونية ميزانية الصيدلية المركزية بتاتا. وأوضحت البورصالي في تصريح أمس لإذاعة «موزاييك اف أم» على هامش ورشة العمل والتحسيس والبرمجة للمرحلة الثانية للحوار المجتمعي الذي انتظم بولاية سوسة أن الاتفاقيات مع مصنعي الأدوية تنص على خلاص الأدوية بعد 180 يوما من تسلمها، مشيرة إلى أن النقص الحاصل في بعض الأدوية يعتبر حالة عادية. وأضافت أن النقص المسجل في تونس لا يعتبر حادا بما انه قد طال حوالي 35 نوعا من الأدوية من بين 7 آلاف دواء مشيرة في السياق ذاته إلى أن بعض المزوّدين يتأخرون أحيانا عن الموعد المحدد لتسليم الأدوية للصيدلية المركزية، مؤكدة أنه في حال فقدان أي دواء فإنه يتم توفير دواء يعوض الدواء المفقود. تفاعلا مع المسالة أورد مصطفى العروسي رئيس نقابة الصيادلة في تصريح ل «الصباح» أن تداعيات هذه المسالة تعود إلى التجاء الصيدلية المركزية إلى الاقتراض والحال أن تجاوز الإشكال القائم لا يكون عبر الاقتراض. وحول الوضعية الحاليّة لمخزون الأدوية أورد العروسي أن بعض الأدوية لا سيما تلك التي تتعلّق بالأدوية المستوردة(بكافة أنواعها) مازالت مفقودة في الصيدليات مشيرا في السياق ذاته إلى تسجيل تراجع في حدة النقص الحاصل في بعض الأدوية. من جانب آخر أشار رشاد قار علي الكاتب العام الأسبق للنقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة في تصريح ل «الصباح» تعقيبا على تصريح المديرة العامة للصحة -والقاضي بأن النقص المسجل في تونس ليس حادا بما انه قد طال حوالي 35 نوعا فقط –بأنه ليس من مشمولات المديرة العامة للصحة الإدلاء بمثل هذه التصريحات بما أن الرئيس المدير العام للصيدلة المركزية هو أكثر دراية بالمسالة. وفسر قار علي أن الأدوية المفقودة تتعلق أساسا بالأدوية المورّدة التي تقوم الصيدلية بتوريدها مشيرا في السياق ذاته إلى أن الرئيس السابق للصيدلية المركزية اعترف في آخر تصريح إعلامي له أن هناك أدوية مفقودة وان الجهود منكبّة على تجاوز النقص الحاصل في الأدوية. كما اعتبر المتحدث أن الخطر يتمثل في الأدوية التي لا يمكن تعويضها والتي تهم بصفة عامة أدوية السرطان والتي تعتبر أغلبها مفقودة قائلا:»هناك ادوية اساسية حياتية مفقودة كادوية السرطان التي يقع توريدها بنسبة مائدة بالمائة». وبالعودة إلى خبر إقالة المدير العام للصيدلية المركزية، تجدر الإشارة إلى ان رئيس لجنة الصحة بالبرلمان سهيل العلويني قد عبر مؤخرا خلال الجلسة العامة وفقا لما نقلته اذاعة «موزاييك اف ام» عن استياء أعضاء اللجنة من عدم حضور المدير العام للصيدلية المركزية لجلسة الإستماع حول موضوع نقض مخزون الأدوية، وطلب من رئيس البرلمان محمد الناصر توضيح أسباب رفضه الحضور في اجتماع اللجنة. و في رده على الاستفسارات تلك أوضح رئيس البرلمان محمد الناصر أن وزير الصحة عماد الحمامي أعلمه في مراسلة أن موضوع نقص مخزون الأدوية في الصيدلية المركزية «يمس بالأمن العام ويتضمن معطيات لا يمكن التصريح بها في إطار جلسة الاستماع صلب اللجنة».. تجدر الإشارة إلى أن منظمة الدفاع عن المستهلك تنكب حاليا على اعداد دراسة على المستوى الوطني تشمل كل اصناف الادوية المفقودة وفقا لما اكده ل «الصباح» سليم سعد الله رئيس المنظمة.