يكثر الحديث خلال الفترات الأخيرة عن نقص فادح في مخزون البلاد من الأدوية خاصة منها التي ترتبط بالأمراض المزمنة على غرار أدوية ارتفاع ضغط الدم و أدوية الأمراض المزمنة من قبيل داء السكري وأمراض القلب والأعصاب والجهاز التنفسي والسرطان .. و يرجع النقص المستمر لمخزون البلاد البلاد من عديد الأدوية الضرورية إلى تراجع احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة من جهة، وإلى الوضعية الصعبة التي يعيش على وقعها الصندوق الوطني للتأمين على المرض من جهة أخرى ، فضلا عن تواتر عمليات تهريب الادوية إلى الخارج . وقد تعززت الأزمة بعجز الصيدلية المركزية عن خلاص المخابر الاجنبية التي تزودها ببعض الادوية الحيوية، مما ادّى الى ضعف كبير في مخزون أدوية الامراض المزمنة. و يبدو ان ازمة الادوية في تونس بدأت تتجه نحو منعطف خطير، الأمر الذي دفع مجلس نواب الشعب الى البدء في التحقيق للوقوف على أسباب أزمة قطاع الأدوية ونفاذها من السوق وتعطل استيرادها وتوزيعها. وفي هذا الصدد، توجهت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب إلى مقر الصيدلية المركزية لتقصي أسباب الأزمة. وفي خضم هذا الشأن، قال رئيس اللجنة، سهيل العلويني، "إن المخزون الوطني من الأدوية مهدد، ونحن أمام أزمة حقيقية متعددة الأسباب، تستدعي المعالجة بشكل هيكلي وتدخل العديد من الأطراف". وأوضح أن الأزمة أصبحت تهدد الأمن الاجتماعي والصحي للمواطن، وأنه يجب التدخل بسرعة ونجاعة لمنع وقوع كارثة صحية، مبيناً أن البرلمان بدوره بصدد متابعة الموضوع مع الوزارة والجهات المعنية. كما ان وزير الصحة عماد الحمامي، أعلن تراجع الاحتياطي الاستراتيجي بما يمثل خطراً على مخزون الأدوية الحياتية وأدوية الأمراض الخطيرة والمزمنة، مشيرا إلى أنّ الاحتياطي الاستراتيجي للأدوية تراجع ليبلغ شهرين و19 يوماً بعد أن بلغ في فيفربكي الماضي 3 أشهر و7 أيام. ومن جهته، نوه الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية، أيمن المكي، بأنّ من أسباب تعطل استيراد الأدوية حجم ديون الصيدلية المركزية لفائدة عشر مختبرات أدوية اجنبية كبرى بلغت حوالي 260 مليون دينار، وهو ما يفسر عجزها على توفير عدد من الأدوية، مشيراً إلى أن خسائر الصيدلية المركزية سنة 2017 فقط، بلغت 146 مليون دينار مما سيضطرها إلى الاقتراض. ومن جانبه، أعلن رئيس نقابة الصيدليات الخاصة مصطفى العروسي اليوم الثلاثاء 26 جوان 2018، أن الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة بعد زبارته لمستشفى اريانة منذ أيام والمتمثلة في توفير سيولة للصيدلية المركزية لاقتناء الأدوية تبقى منقوصة ومشددا على ان مفعولها سيكون مؤقتا في ظل تواصل انخرام التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية وما انجر عنه من أزمة مالية للصيدلية المركزية، وفق قوله. وحذر العروسي من "خطورة تواصل النقص في الأدوية عموما وخاصة منها المخصصة لمعالجة الأمراض المزمنة لافتا الى ان ذلك سيؤدي الى تعكرات صحية للعديد من التونسيين المصابين بها .وابرز في سياق متصل أنه تمّ تسجيل نقص ملحوظ في عدد كبير من الأدوية المخصصة لهذا الصنف من الأمراض، معتبرا أن الاشكال مرتبط أساسا بالتزويد في الصيدلية المركزية. وأضاف أن أصحاب الصيدليات الخاصة ينتظرون مند بداية سنة 2018 اصدار النصوص التطبيقية التي تتيح لهم استغلال أدوية ناجعة عوض أدوية الأمراض المزمنة التي تشهد نقصا حاليا. في المقابل، انطلق امس الخميس 28 جوان 2018، منتدى الصناعات الصيدلانية في تونس الذي يتواصل لغاية اليوم الجمعة 29 جوان الحالي تحت إشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وفي هذا الإطار أفاد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأن قطاع الصناعات الدوائية في تونس يشهد نجاحا في تونس مشيرا إلى أن البلاد تغطي 50% من حاجياتها من الأدوية من الإنتاج المحلي . و بين أنّ الحكومة رصدت اعتمادات تقدر ب500 مليون دينار لإنقاذ الصيدلية المركزية ، داعيا إلى ضرورة مراجعة القطاع بصفة عامة و ذلك بتظافر كل الجهود و أعلن الشاهد أن الحكومة اقترحت عقد اتفاق بين الحكومة ومصنعي الأدوية لتوفير الأدوية بأسعار معقولة وتوفيرها في السوق.