تضمن البيان الصادر عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتاريخ 05 أفريل الجاري والموجه إلى الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، جملة من التوصيات الهامة الرامية إلى إيلاء سياسات الحوكمة ومكافحة الفساد الأولوية على مستوى الجهود والبرامج الوطنية للإصلاح السياسي والاقتصادي. ومن التوصيات التي تضمنها البيان، إضافة إلى تلك المتعلقة منها بتفعيل كافة الهياكل والوسائل لمكافحة الفساد، تمت الإشارة إلى ضرورة مراجعة التعيينات والتسميات والترقيات بالوظيفة العمومية وهو مطلب ذو صلة مباشرة باحترام حياد الإدارة كمبدإ دستوري، فضلا عن أن تحقيقه يمر حتما عبر جملة من الخطوات والتدابير التي يتوجب اتخاذها في إطار سياسة إصلاح الإدارة والارتقاء بجودة الخدمة العمومية وشفافية التصرف في المال العام. الحضور والمواظبة في هذا السياق من المهمّ الإشارة إلى أنّ الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة قد قام بإجراء دراسة ميدانية حول أداء ومردودية الأعوان العموميين ومدركات الفساد في المصالح والمرافق العمومية وذلك على امتداد المدّة المتراوحة بين 13 ديسمبر 2014 و 31 ديسمبر 2017. فخلصت مخرجات الدراسة الميدانية وفق ما أكّده ل"الصباح الأسبوعي" عبد القادر اللباوي رئيس الاتحاد العام التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة "على أنّه على مستوى الحضور والمواظبة في احترام التوقيت الإداري عند الدخول والخروج فإنّ 58 % من الموظفين لا يحترمون التوقيت الإداري على كامل الفترة التي أجريت خلالها الدراسة الميدانية، في حين 18 % منهم متغيبون باستمرار. ويمكن تفصيل النتائج إلى معدّل عدد الساعات المقضّاة بالعمل يوميا لكل موظّف على كامل الفترة 4 ساعات و34 دقيقة (تقلص إلى أقل من 3 ساعات في اليومين الأولين من شهر رمضان)، أمّا عدد مرات مغادرة مقر العمل لغرض غير مهني لكل موظّف على كامل الفترة فيُمثّل0,86 مغادرة في اليوم. إسداء الخدمة وجودتها وتعود أسباب مغادرة مقر العمل وفق ما أوضحه اللباوي إلى الإضرابات التي تُمثّل31 % إلى جانب خلاص الفواتير 28 %، استلام الأبناء من المدارس 26 % الخروج للمقهى 12 % دون اعتبار شهر رمضان إلى جانب أسباب شخصية أخرىّ (الذهاب إلى البنك. . .) 3 %. أما على مستوى سرعة إسداء الخدمة وجودتها قال عبد القادر اللباوي أنّ 54 % غير راضين فهناك تأخير مشط، 14 % راضين نسبيا فاعتبروا التأخير مقبول، أمّا 32 % فهم راضون فاعتبروا أنّ الخدمات سريعة. وفيما يهمّ مستوى الشفافية والنزاهة والمساواة في إسداء الخدمة العمومية قال عبد القادر اللباوي "للوقوف على أسباب ودواعي ضعف الأداء وتدني جودة الخدمة العمومية وعلاقتها بمظاهر الفساد الإداري والسياسي، تولى الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة سبر آراء 300 موظفا، فأرجع 30 % منهم تراجع مردودية ومواظبة الأعوان العموميين إلى الإضرابات، في حين اعتبر 25 % غياب المساواة والشفافية في الإدارة (الإحساس بالضيم والتهميش) سببا لهذا التراجع. في المقابل قال 18 % إن سبب ذلك نقص في التكوين والتأطير. من جهة أخرى اعتبر17 % من الموظفين المستجوبين أن الفساد السياسي والإداري وغياب الرقابة سبب من أسباب تدني جودة الخدمات الإدارية إلى جانب 8 % أرجعوا هذا الضعف إلى نقص وسائل العمل. الحاجة إلى برنامج تأهيل شامل من خلال نتائج الدراسة الميدانية حول أداء الأعوان العموميين أكّد عبد القادر اللباوي أن "الإدارة العمومية في تونس بحاجة أكيدة إلى برنامج تأهيل شامل يرتكز بالأساس على جملة من المبادئ والنقاط منها التخلص من الروتين بتبسيط الإجراءات في إعداد الميزانية وتنفيذها، وتبني اللامركزية في سياسة الانتداب والتوظيف والتقييم وتحفيز العاملين بالتأكيد على ضرورة تحقيق درجات عالية من الأداء". كما أنّه بات من الضروري وفق "تيسير إجراءات الإنفاق العمومي بإقرار لامركزية الشراءات وتمكين الأجهزة العامة من هامش أوسع لتأمين المشتريات التي تلزمها وإعادة تصور دور الأجهزة الرقابية المركزية في مراقبة التصرف المالي بحيث تركز على تقييم تحقيق الأهداف والمساعدة في تطوير أنظمة الرقابة في الأجهزة التنفيذية والتأكد من أن فروع الأجهزة المركزية لديها من الصلاحيات ما يمكنها من تحقيق الأهداف المنوطة بعهدتها". وقال رئيس الاتحاد العام التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة إنه من ضمن النقاط التي يجب أن يتضمنها برنامج التأهيل الشامل "تمكين الموظفين من الأداء المتميز عن طريق محاسبتهم على النتائج وإشراكهم في صنع القرارات وإكسابهم المهارات وتوفير بيئة العمل الملائمة لهم، مع التأكد من أن الاهتمام ينصرف إلى خدمة المستفيدين وتحقيق تطلعاتهم ثم العمل على ترشيد الإنفاق وتعزيز الموارد والاستثمار في الجوانب الإنتاجية ." النزاهة والنجاعة كما أنّه من المهمّ والأجدر تفعيل الفصل 15 من الدستور الذي ينص على أن " الإدارة العمومية في خدمة المواطن والصالح العام تنظم وتعمل وفق مبدإ الحياد وقواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة" وذلك بمراجعة التعيينات السياسية والحزبية التي لا تزال تراوح مكانها وتكريس جملة من الضمانات القيمية والمبدئية كالمساواة والاستمرارية و الشرعية ومراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية بصورة تتلاءم مع متطلبات الحوكمة الرشيدة. اقترح رئيس الاتحاد العام التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة إعادة النظر في الواجبات المحمولة على العون العمومي سيما واجب التحفظ و واجب كتمان السر المهني وواجب تطبيق التعليمات الرئاسية بصورة تمكن من توفير الضمانات الضرورية للقيام بالوظيفة في كنف الحياد و المسؤولية والشفافية واحترام القانون و تيسير النفاذ إلى المعلومة فاعتبر اللباوي أنّ الارتقاء بالخدمة العمومية يتطلب إيجاد آليات فعالة للمحافظة على المال العام وذلك بإعادة النظر في منظومة الرقابة على التصرف العمومي في إطار إرساء مقاربة تقوم على الارتقاء بقدرة الإدارة العمومية على الأداء ومكافحة الفساد واعتماد مبادئ الجدارة والكفاءة والمساواة وتكافؤ الفرص كمعايير موضوعية أساسية للتصرف في المسارات المهنية والوظيفية للأعوان العموميين مما يمكن من الانتقال من نظام المسار المهني إلى نظام الأداء والجدارة. وينبغي أن يتم كل ذلك وفق قوله على أساس تشخيص علمي وموضوعي ودقيق للمنظومة الرقابية العمومية المتمثلة في أجهزة التدقيق والرقابة سواء السياسية أو القضائية أو الإدارية. إيمان عبد اللطيف - يعزو الموظفون المستجوبون تراجع مردودية ومواظبة الأعوان العموميين إلى الأسباب التالية: الإضرابات: 30 % غياب المساواة والشفافية في الإدارة (الإحساس بالضيم والتهميش): 25٪ نقص في التكوين والتأطير: 18 % الفساد السياسي والإداري وغياب الرقابة: 17 % نقص في وسائل العمل: 8 % أسباب أخرى: 2 % - على مستوى الحضور والمواظبة: احترام التوقيت الإداري (الدخول والخروج): المعدل العام: 58 % من الموظفين لا يحترمون التوقيت الإداري على كامل الفترة 18 % منهم متغيبون باستمرار معدّل عدد الساعات المقضّاة بالعمل يوميا لكل موظّف على كامل الفترة: 4 ساعات و34 دقيقة (تقلص إلى أقل من 3 ساعات في اليومين الأولين من شهر رمضان) عدد مرات مغادرة مقر العمل لغرض غير مهني لكل موظّف على كامل الفترة:0,86 مغادرة في اليوم أسباب مغادرة مقر العمل: الإضرابات: 31 % خلاص الفواتير: 28 % استلام الأبناء من المدارس: 26 % الخروج للمقهى: 12% دون اعتبار شهر رمضان أسباب شخصية أخرىّ (الذهاب إلى البنك. .): 3 % على مستوى سرعة إسداء الخدمة وجودتها: 54 % غير راضين: تأخير مشط 14 % راضين نسبيا: تأخير مقبول