تشير كل المعطيات وأرقام المؤسسات الدولية إلى التحسن الكبير الذي يعرفه الاقتصاد العالمي. فقد أشار تقرير صندوق النقد الدولي حول توقعاته بشأن الاقتصاد العالمي إلى تحسن مؤشرات النمو العالمي. حيث وصل النمو العالمي إلى 3,8 % سنة 2017 وهي نسبة النمو الأقوى منذ 2011. ولئن لم تصل هذه النسبة إلى المستويات التي عرفها النمو قبل الأزمة والمستويات العالية بين سنتي 2006 و2007 فإنها بدأت تعرف بعض التحسن والانفراج. وسيتواصل هذا التحسن حسب تقديرات صندوق النقد خلال هذه السنة حيث يتوقع أن تصل نسبة النمو إلى مستوى 3,9 %. ويشير تقرير صندوق النقد إلى عديد الأسباب التي تفسر هذا التحسن في النمو للاقتصاد العالمي. السبب الأول يعود إلى الانتعاشة الكبيرة التي تعرفها بعض البلدان وخاصة البلدان المتقدمة وبصفة خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي كانت لها انعكاسات كبيرة وإيجابية على الاقتصاد العالمي. وفي نفس الوقت ستواصل البلدان الصاعدة المحافظة على نسق هام للنمو. السبب الثاني وراء رجوع النمو في الاقتصاد العالمي يعود إلى انتعاشة التجارة الدولية التي شهدت نسبة نمو 4,9 % سنة 2017. السبب الثالث وراء هذه الانتعاشة يرجع إلى الانعكاسات الإيجابية لتحسن الإنتاجية مع تطور التكنولوجيات الحديثة والتي بدأ الاقتصاد العالمي يجني ثمارها. إلا أنه ولئن بدأ الاقتصاد العالمي يعيش هذه الانتعاشة فإن تقرير صندوق النقد يشير إلى عديد المخاوف والتي ستكون لها انعكاسات سلبية على مستقبل هذه الانتعاشة. ويشير تقرير صندوق النقد إلى مسألتين هامتين في هذا المجال: الأولى مرتبطة بالخلافات التجارية بين الولاياتالمتحدة من جهة والصين من جهة أخرى وكذلك بين الولاياتالمتحدة وأوروبا. وهذه الخلافات والتهديدات تشير إلى تنامي المخاوف من ظهور حرب تجارية ستؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي. المخاوف الثانية مرتبطة بتطور السياسة المالية والخروج من السياسات التسهيلية إلى سياسات مالية أكثر تصلبا وارتفاع نسب الفائدة وهذا التغيير في السياسات المالية ستكون له انعكاسات سلبية على الاستثمار والنمو. هذه التطورات تعتبر إيجابية مقارنة بنتائج الاقتصاد العالمي التي عرفناها في السباق. ورغم تحسن المناخ العالمي وبصفة خاصة مؤشرات النمو عند شريكنا الأهم وهو أوروبا فإننا لن نستفيد من هذا الموضع الجديد، لأن توقعات أغلب المؤسسات راجعت نسبة النمو التي ستحققها بلادنا والتي ستعود إلى مربع النمو الهش لتزيد من صعوباتنا الاقتصادية.