حذرت جمعية القضاة التونسيين أمس خلال لقاء صحفي عقدته بقصر العدالة بالعاصمة من التمديد لأعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين والمجلس الاعلى للقضاء بعد بلوغهم سن التقاعد. ودعت الجمعية المجلس الأعلى للقضاء الى احترام آجال اصدار الحركة القضائية، وعبرت عن رغبتها في أن تواصل هيئة الحقيقة والكرامة أعمالها الى غاية اصدار تقريرها وتوصياتها خاصة وانها لم تطلب ميزانية اضافية من الدولة، ودعت مجلس نواب الشعب الى التسريع في المصادقة على القانون المتعلق بمحكمة المحاسبات، وتمسكت بشدة بمطلب تشريك القضاة الاداريين في صياغة مشروع مجلة القضاء الاداري. لا للتمديد بعد سن التقاعد أنس الحمادي رئيس الجمعية أكد أن جمعيته ستتصدى بكل قواها للحيلولة دون اتخاذ أي قرار تمديد لأعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين والمجلس الأعلى للقضاء، وبين أنها ستفضح هذه الممارسات بشدة، وستشهر إن اقتضى الأمر بالأسماء. ووصف الحمادي مسألة التمديد بالخطيرة، وأشار الى أن الحكومة سبق لها وأن أكدت أمام الملإ أن سياستها واضحة وهي عدم التمديد بعد سن التقاعد، لكن هناك معطيات بلغت الجمعية مفادها سعي بعض الأطراف السياسية والقضائية الى ضمان استدامة مواقعها صلب الهيئة الوقتية والمجلس الأعلى. وتطرق الحمادي أثناء الندوة الصحفية الأولى لجمعية القضاة التونسيين بعد مؤتمرها 13 المنعقد فيفري الماضي بالمهدية والذي انبثق عنه المكتب التنفيذي الجديد لملف الحركة القضائية ووضعية المجلس الاعلى للقضاء. وبين أن الحركة القضائية باتت على الأبواب ودعا المجلس الاعلى للقضاء الى احترام القانون الاساسي المنظم له والذي يفرض اصدار الحركة في اجل اقصاه موفى شهر جويلية. وأشار رئيس جمعية القضاة التونسيين الى ان المجلس الاعلى لم يحترم هذا الأجل القانوني خلال السنة الماضية بتعلة الاشكاليات التي رافقت عملية تركيزه، لكن اليوم وبعد تركيزه وعقده اجتماعه الاول لم يعد هناك أي مبرر للتأخير في الإعلان عن الحركة القضائية. تعتيم في تقييم لإنجازات المجلس الاعلى للقضاء بين أنس الحمادي أنه رغم مرور سنة على تركز هذا المجلس لا نسمع عنه شيئا، وأضاف قائلا:»من المفروض أنه انجز نظامه الداخلي لكنه لم يفعل، ومن المفروض انه أعلن عن لجانه الداخلية لكن هذا لم يحدث ومن المفروض ان يقدم الراي الاستشاري في القوانين المتعلقة بالقضاء لكن هناك قوانين مررت ولم يبد فيها رأيه وعلى سبيل الذكر قانون المصالحة الادارية فهذا القانون ورغم انه تم عرضه عليه لإبداء الرأي لكنه تخلى عن صلاحياته وهذا فيه إخلال جوهري كبير». وبالإضافة الى ذلك فقد صدر مؤخرا أمر يتعلق بإحداث دائرة جنائية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس لكن لم يقع عرضه على المجلس الاعلى للقضاء والغريب في الامر على حد تعبير رئيس الجمعية أن المجلس لم يحرك ساكنا. وأضاف الحمادي أنه في علاقة بالحركة القضائية فان المجلس الأعلى للقضاء لم يصرح بالمعايير التي سيعتمدها في هذه الحركة ثم انه لم يصدر اي بيان في تحديد الشغورات في المحاكم حتى يطلع عليها القضاة، كما أنه لم يصدر بيانات حول الزيارات التي اداها الى المحاكم وكأنه مازال يعتقد ان الشأن القضائي هو شأن داخلي لا يهم الناس، ومن غرائب الأمور انه لم يعين ناطقا رسميا باسمه وهو ما يعرقل عمل الصحفيين. وذكر الحمادي ان الجمعية أنجزت دراسة نقدية للحركة القضائية خلال السنة الماضية اقتناعا منها بان القاضي هو جوهر الاصلاحي القضائي، وبان القضاء المستقل هو أحد اهم مطالب الثورة لكن المجلس الاعلى للقضاء متخل عن دوره الجوهري الذي اوكله له الدستور وهو ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله وأضاف انه لا بد من القيام بخطوات عملية في اتجاه تفعيل هذا الدور، لأن المعركة الوحيدة التي خاضها المجلس الاعلى الى حد الان هي معركة المنح المجزية لأعضائه ومعركة الحصول على مقر فخم. وذكر ان الجمعية تطالب بدورها بان يكون للمجلس مقر محترم لكنها تريده ان يقوم بدوره حتى يلحظ المواطن والمتقاضي ذلك. محسوبية أشار أنس الحمادي ان الحركة القضائية السابقة قامت على المحسوبية والموالاة وغابت عنها الاستقلالية والحياد والكفاءة، ولهذا السبب طلبت الجمعية من القضاة الاعتراض عليها وبلغت عدد الاعتراضات أكثر من 300 لكن المجلس الاعلى لم يوليها الأهمية اللازمة لذلك دعت الجمعية القضاة الى اللجوء الى القضاء الاداري الذي أصدر عديد القرارات منها على سبيل الذكر القرار الخاص بوكيل الجمهورية بسيدي بوزيد الذي تمت نقلته على خلفية كشفه قضية فساد حوادث المرور الوهمية حيث تم ابطال قرار الترشيح الصادر عن المجلس وابطال الامر الرئاسي القاضي بنقلته. وفي نفس السياق تم الطعن في قرار تسمية خالد عباس الذي استغل صفته في المجلس الاعلى للقضاء واستحوذ على منصب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل وصدر الحكم القاضي بإبطال قرار التسمية، وتم الطعن في تسمية عبد السلام دمق كمدير عام للشؤون المدنية لوزارة العدل وصدر حكم يقضي بإبطالها. وأضاف الحمادي ان المجلس الاعلى للقضاء مطالب بتنفيذ قرارات المحكمة الادارية لأنه من العار ان لا يطبقها. ولم يخف الحمادي امتعاضه من تعتيم المجلس الاعلى للقضاء على نشاطه التأديبي. العدالة الانتقالية تطرق رئيس جمعية القضاة التونسيين الى مسار العدالة الانتقالية الذي شهد تجاذبات كبيرة بعد الجلسة العامة البرلمانية وانتهت الى عدم التصويت على قرار التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة. وذكر ان الجمعية اصدرت بمعية عدد من مكونات المجتمع المدني بيانا للتعبير عن موقفها وفسر ان ما يهمها هو كشف منظومة الفساد وفهم كيف كانت تعمل وكيف كانت تستعمل المؤسسة القضائية من اجل ضرب الحريات وكل نفس معارض، واضاف ان القضاء في قلب مسار العدالة الانتقالية لان من ارتكب انتهاكات يجب ان يقر بذلك ويطلب الاعتذار من الضحايا، لكن هناك من لا يرغب في الاعتراف بذنبه وطلب الصفح وهناك مساع لاندثار هيئة الحقيقة والكرامة وعدم محاسبة الجلادين ومنظومة الفساد والاستبداد . وأضاف الحمادي ان الجمعية تؤكد على دعمها لهيئة الحقيقة والكرامة ومسار العدالة الانتقالية وترى أنه يجب على الهيئة أن تواصل عملها وأن تنجز تقريرها النهائي وتقدم مقترحاتها. وفي ما يتعلق بالدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية فإنها على حد قول الحمادي تعهدت بقضايا كمال المطماطي ورشيد الشماخي ونبيل بركاتي وذكر ان هناك عديد الملفات الاخرى ستحيلها هيئة الحقيقة والكرامة الى القضاء وبين انه يجب كشف الحقيقة لان هناك من تعرضوا للتعذيب لكن الشهادات الطبية تفيد بان الوفاة ناجمة عن أمراض. وعرج الحمادي خلال القاء الصحفي على الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وقال انه يجب الخروج من المؤقت الى الدائم.. وفي نفس السياق قال ان وضع السلطة القضائية بعد مرور اربع سنوات على سن الدستور مازال مؤقتا فرئيس المجلس الاعلى للقضاء كان مؤقتا وغادر، ليحل محله رئيس مؤقت جديد. القضاء الاداري عن مطالب القضاء الاداري تحدثت كلثوم مريبح رئيسة المجلس القطاعي بالمحكمة الادارية وقالت ان الدستور كرس هيكلة جديدة للقضاء الاداري فيها المحكمة الادارية العليا ومحاكم ادارية استئنافية ومحاكم ادارية ابتدائية، وأضافت انه حرصا من المحكمة الادارية على تنزيل الاحكام الدستورية تم تكوين لجنة للتعهّد باستكمال مشروع مجلة القضاء الإداري والقيام بالصياغة التأليفية لهذا المشروع، وبينت ان المطلوب اليوم من الحكومة هو بتوخي الشفافية في تكوين هذه اللجنة كما يجب تطعيمها بالقضاة الذين ترأّسوا لجان الصياغة الأساسية للمشروع. وأضافت مريبح أن جمعية القضاة التونسيين تطالب بتشريكها في صياغة المشروع وباطلاع قضاة المحكمة الإدارية على فحواه قبل عرضه على رئاسة الحكومة. وذكرت ان المحكمة الادارية ستتعهد بعد الانتخابات البلدية بالطعون في النتائج ويجب ان تكون على اتم الاستعداد لهذه المهمة ويجب ان تتوفر لها الوسائل اللوجستية والاطار الاداري اللازم. ودعت الى تحسين ظروف عمل الدوائر القضائية الادارية وتأمين المحاكم وتوفير المراجع للقضاة وقالت انه حان الوقت لتغيير مقرّات بعض الدوائر الابتدائية الإدارية التي لا تتوفّر فيها أبسط الشروط الأساسيّة للمحاكم وتعويضها بمقرّات لائقة. قانون محكمة المحاسبات عائشة بن حسن رئيسة المجلس القطاعي بمحكمة المحاسبات طالبت مجلس نواب الشعب بالتسريع في المصادقة على مشروع القانون المتعلق بمحكمة المحاسبات الذي يخول لها ممارسة الصلاحيات الجديدة التي جاء بها الدستور. وذكرت ان هذا المشروع موجود في رفوف المجلس منذ سنتين لكن بعد تصنيف تونس في قائمة سوداء دعت الحكومة لجنة التشريع العام الى استعجال النظر فيه. وأضافت ان هذا القانون فيه ضمانات كبيرة للقضاء المالي من أجل مقاومة الفساد. واضافة الى ضرورة التسريع بتمرير قانون محكمة المحاسبات قالت بن حسن يجب مراعاة شرط الاستقلالية الادارية والمالية للأقضية الثلاثة في مشروع القانون الاساسي للميزانية. وبينت أن مجلة الجماعات المحلية اعطت دورا كبيرا للغرف الجهوية لمحكمة المحاسبات، وتم بعد تركيز اربع غرف جديدة لكن توفير مقرات لائقة للمحكمة. وأشارت الى ان القانون الانتخابي اوكل لمحكمة المحاسبات صلاحيات مراقبة حسابات القائمات المترشحة للانتخابات البلدية ويتجاوز عددها 2000 قائمة لكن قضاتها على اتم الاستعداد لهذه المهمة وسيتجندون لها خلال الفترة القادمة ولتسهيل العملية تم اعداد دليل فني لتوحيد الاجراءات.