هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري..    سوسة/ القبض على منحرف خطير مفتش عنه..    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    متابعة/ فاجعة البحارة في المهدية: تفاصيل جديدة وهذا ما كشفه أول الواصلين الى مكان الحادثة..    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    600 سائح يزورون تطاوين في ال24 ساعة الأخيرة    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة بين 18 و26 درجة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روضة القرّافي (رئيسة جمعية القضاة) ل«التونسية» : سيطرتنا على هيئة القضاء العدلي افتراء
نشر في التونسية يوم 06 - 01 - 2015

نحن في قفص الاتهام لأنّنا ضدّ المحاباة و المحسوبيّة
ننتظر ان يكون المجلس الاعلى للقضاء عقلا قضائيا مستقلا و محايدا
هيئة القضاء العدلي ليست فوق النقد
حاورتها: خولة الزتايقي
القاضية روضة القرافي هي رئيسة جمعية القضاة التونسيين وهي مستشارة في محكمة التعقيب. عانت السيدة القرافي من النُقل التعسفية لمدة 9 سنوات كما عانت من إجراءات ظالمة من ضمنها الخصم من الأجر لسنوات طويلة بسبب تمسّكها باستقلالية الجمعية ورفضها للانقلاب عليها سنة 2005 كما تعرضت لاستجوابات بوزارة العدل التي كانت تعد ملفات لعزل أعضاء الهيئة الشرعية... «التونسية» التقتها في حوار تطرّق الى قضايا تتعلق بالسلطة القضائية على غرار الهيئة الوقتية واستقلال القضاء، وردّت فيه الاتهامات الموجهة الى جمعية القضاة التونسيين.
كيف تقيّمون عمل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي؟
هيئة القضاء العدلي مكسب للقضاء في المرحلة الانتقالية كأول تجربة للتسيير الذاتي من قبل القضاة للشأن القضائي في علاقة بمساراتهم المهنية وبعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية طبق المعايير الدولية.. وإن أداء الهيئة هو مثل أداء بقية المؤسسات الدستورية في المرحلة الانتقالية فيه من الايجابي الكثير بالنظر إلى الظروف الصعبة التي أحاطت بعملها في السنة الأولى من علاقتها بالسلطة التنفيذية التي لم تمكنها من أدوات استقلالها المالي والإداري إذ برهنت الهيئة على استقلاليتها بدفاعها عن صلاحياتها ورفضها لتدخل السلطة التنفيذية فيها .كما كرّست لأول مرة في تاريخ القضاء مبادئ الشفافية بالإعلان المسبق عن معايير الحركة القضائية التي تمكّن القضاة من مراقبتها وتقييم أعمالها كما كانت جريئة في عدم التقيّد بحرفية النصوص القديمة ومتّعت قضاة المحكمة العقارية بالمساواة في الضمانات المتصلة بمساراتهم المهنية مع بقية زملائهم من القضاة العدليين وذلك بالقطع مع استفراد رئيس المحكمة العقارية بقرارات نقل وترقية قضاة المحكمة العقارية وجعل تلك القرارات من مشمولاتها أي من مشمولات الهيئة باعتبارها هيئة منتخبة تعددية تتخذ قراراتها طبق المعايير الدولية لاستقلال القضاء. كما لم تتقيّد بالمعايير القديمة في إسناد المسؤوليات القضائية وذلك بإصلاح تلك المعايير وتمكين القضاة من التداول على الخطط القضائية بفسح المجال أمام من كانوا مستبعدين من تقلّد تلك الخطط بسبب استقلاليتهم حتى يتمكنوا من الوصول اليها وتحقيق النفع لجودة العدالة التي يطالب بها المتقاضي من خلال التسمية في المسؤوليات القضائية بناءا لا فقط على معايير الأقدمية في تقلّد تلك المسؤوليات بل وأيضا بناءا على معايير الكفاءة والنزاهة والاستقلالية والحياد . هذا فضلا عن أن التعيين في المسؤوليات القضائية العليا كمنصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب أصبح يتّم بالترشيح الحصري من الهيئة لاسم وحيد ينتخب بطريقة شفافة بناء على معايير معلنة مسبقا وبعد الاستماع إلى المترشحين ثم يصدر قرار تسميته من رئيس الحكومة برأي مطابق لرأي الهيئة .وهي آلية ديمقراطية راقية في تسمية القضاة الساميين تقطع مع تسييس تلك المناصب العليا في القضاء لفائدة أي طرف حاكم في السلطة التنفيذية وهذا من صميم معايير استقلال القضاء لم يتحقق حتى في بعض الديمقراطيات القديمة مثل فرنسا.
إلا أن أداء الهيئة اعترته بعض النقائص نرجعها بالأساس إلى عدم اعتمادها لسياسة اتصالية قوية ومستمرة بالقضاة وبالرأي العام لتوضيح ما بدا من قراراتها غير واضح سواء بالنسبة للنقل أو للترقيات أو إسناد الخطط الوظيفية أو بخصوص نشاطها بشكل عام وربما غير مبرر وغير صائب وكنا ننتظر إصدار التقارير المدققة في ذلك. ولكن هذه النقائص لا يمكن تلافيها إلا من خلال التقييم والنقد الموضوعيين بعيدا عن منطق التشويه والافتراء إذ لا يمكن لأيّة تجربة من تجارب المؤسسات الدستورية الحديثة أن تكون مكتملة من الوهلة الأولى.
حركات قضائية متتالية في نفس السنة، اليس في ذلك هزّ للاستقرار العائلي للقضاة وإرباك للسير الطبيعي لعمل المحاكم؟
إن المطّلع على القانون المحدث لهيئة القضاء العدلي يعلم أن هذا القانون كرّس ضمانة هامة للقضاة وهي ضمانة الاعتراض على قرارات الهيئة في الحركة القضائية ومن المعلوم أنه عند مراجعة تلك القرارات بمناسبة النظر في الاعتراضات فإن ذلك يتطلب إجراء حركة جزئية بعد الحركة الأصلية كما أنّه قد تترتّب عن الحركة الجزئية الاعتراضية شغورات يتعين تسديدها لاحقا وهذه إجراءات لم يكن معمول بها سابقا لأن حق اعتراض القضاة على الحركة القضائية كان حقا شكليا لا يجرؤ القضاة على ممارسته وحتى إن مارسوه فإنه لا تقع الاستجابة إلى مطالبهم بتاتا. فضلا عن ان الهيئة استجابت لعديد المطالب بما يقتضي إجراء حركة جزئية أو تسديد شغورات لاحقة . إن المتابع للشأن القضائي ومن يسعى لفهم ما يحدث داخله في هذه المرحلة الانتقالية بعيدا عن منطق المغالطة لا بد ان يلاحظ أن الكثير من القضاة يغادرون القضاء في السنوات الأخيرة بسبب الإحالة على التقاعد وهذا ما تترتّب عنه شغورات عديدة على مستوى المسؤوليات القضائية التي لا يمكن أن تبقى دون سدّ والتي لا يستحسن سدّها بتكليف قضاة بها من قبل رؤساء المحاكم تكون وضعياتهم المهنية دون الشروط القانونية المستوجبة لنيل تلك المسؤوليات باعتبار أن آلية التكليف تتعارض مع مبادئ استقلال القضاء . لذلك فإنه احتراما للمعايير الدولية التي تحكم عمل الهيئة فإنه يكون من واجبها التدخل لسد تلك الشغورات في عديد المناسبات بإسناد المسؤوليات لمن تتوفر فيهم الشروط القانونية .فالإشكال ليس في تدخل الهيئة المتكرر لسد الشغورات بل في إحاطة تلك العملية بضمانات الشفافية والاطلاع المسبق لكل القضاة على تلك المعايير تكريسا لمبدأ المساواة بينهم وهذا ما نحرص نحن كجمعية على مراقبته وتقييمه وتوجيه النقد للهيئة بصدده إذا ما غفلت عن شرط من شروط الشفافية في التعامل مع حركة النقل.
هناك اتهامات موجهة للجمعية بكونها تسيطر على الهيئة الوقتية للقضاء وعلى عملها، ما ردّكم على ذلك؟
هذا السؤال يذكرني بتصريحات قاض نشرت على أعمدة جريدتكم منذ أسابيع وقد كانت تصريحاته مبنية على أسئلة موجهة تتضمن نصف الجواب ويطلب منه تقديم النصف الثاني كمن يرفع يده لمستجوبه ويسأله كم إصبع تتضمن يدي هذه ؟ !!!. هناك إذن موقف مسبق من جمعية القضاة وكأن المستجوب هو الذي يطرح على نفسه الأسئلة (ما هو دور الجمعية في هيئة القضاء العدلي ؟) بهذه الطريقة يقر السائل بوجود دور ما ليقع استدراج المحاور في هذا الطريق من أجل الوصول إلى استنتاجات احتواها السؤال ذاته . وجّه السؤال إلى القاضي حول دور الجمعية في هيئة القضاء العدلي لينتهي بتأكيد االمستجوب بأن هناك سيطرة غير معلنة للجمعية عليها .ومعلوم أن القصد من السؤال ذي المقاصد نصف المعلنة نصف الخفية هو الإيحاء بوجود سيطرة من الجمعية على الهيئة . وهذا الشيء غير ثابت ولا براهين عليه، هو فقط نوع من المصادرة على المطلوب ولا يمكن أن تبنى عليه حقيقة إعلامية صحفية بل نحن بإزاء مغالطة للرأي العام بني عليها استنتاج يفتقر إلى الأدلة مفاده أن جمعية القضاة تسيطر على هيئة القضاء العدلي .ولقد وضع ذلك الاستنتاج كأبرز عنوان بالصفحة الأولى للجريدة مما يعزز التحليل الذي قمنا به لطبيعة السؤال . وهنا يهمنا أن نوضح أن ذلك الاتهام هو محض افتراء مع الإشارة إلى إن القاضي المستجوب ليس عضوا بالهيئة الإدارية لجمعية القضاة وإن كان انتسب إليها سابقا. ومن الضروري الإشارة إلى الهدف من استعمال صفة المسؤول بالجمعية وهو إضفاء للتمثيلية والطابع الرسمي على تصريحاته للإيهام بصحة الأقوال المصرّح بها قصد النيل من الجمعية. الحقيقة أن جمعية القضاة ثابتة على مبادئها وقيمها ورفضت دائما التدخل لدى هيئة القضاء العدلي لمحاباة منخرطيها وتمسكت بمعاملة الجميع على قدم المساواة وهو ما جعلها معرضة لبعض التهجمات من منخرطيها وأحيانا من غير منخرطيها. إذن نحن نُنتقد لا لتدخلنا في عمل الهيئة بل العكس هو الصحيح نحن لا نعجب البعض لأننا لا نلبّي أغراضهم ومصالحهم الشخصية ولا نقف مع الزملاء بمنطق «انصر أخاك ظالما أو مظلوما ». مثل هذه السلوكات لن تجعلنا أبدا ننحرف عن مبادئنا للانخراط في منطق المحاباة . نحن حاملو مشروع استقلال القضاء الذي يقوم على مبادئ الكفاءة والنزاهة والشفافية وتساوي القضاة في الحظوظ وليس على قاعدة تكريس ممارسات إغداق الترقيات وتوزيعها خدمة للمصالح الذاتية على حساب المصالح العامة .لقد جرّ لنا هذا الثبات على المبادئ الكثير من الأذى والتجني ولكن ذلك في كل الحالات أفضل من أن نتخلى عن مبادئنا . كما تجدر الإشارة في نفس السياق إلى أن هيئة القضاء العدلي تضم عشرين عضوا : 10 قضاة منهم منتخبون و5 سامين معيّنين بصفاتهم و5 أساتذة جامعيين منهم جامعيان محاميان تم انتخابهما بالمجلس الوطني التأسيسي . فهل هناك صاحب عقل سليم يصدق أن تهيمن جهة ما سواء كانت الجمعية أو غيرها على كل هؤلاء الأعضاء باختلاف درجاتهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم؟ تلك محض استحالة بالنسبة لهيئة تتخذ قراراتها بالتوافق وان لم يحصل فبالانتخاب .
الكثير يعتقد أن الحركات القضائية الفارطة فيها تشفّ من القضاة غير الموالين للجمعية، ما مدى صحة ذلك؟
هذا السؤال كذلك يستدعي التدقيق: فمن هم هؤلاء الكثيرون ؟ وكيف تم إحصاؤهم . وما معنى كلمة تشفّ ؟ لم يقدم من يدعي ذلك شواهد على مزاعمه .فنحن نرد السؤال عليه بمطالبته بالحجج التي انبنى عليها الزعم . فالسؤال لا يستحق الرد لأن الإنسان لا يرد إلا على مايتضمن قدرا أدني من الجدية تصبح معها المحاورة ذات مدلول . أما إلقاء التهم جزافا فالانخراط في منطقها الأعرج يعطيها من المكانة ما لا تستحق .
إن هيئة القضاء العدلي تسند الترقيات والمسؤوليات بناء على معايير تعلن عنها مسبقا .فالمفروض على من يدعي مخالفة قراراتها لمعاييرها أن يدلي بمعلومات دقيقة تثبت دعواه . وأن يقارن بين تلك المعايير والقرارات المتخذة ليثبت لقارئه صحة ما يسوقه من معلومات وإلا فإن التصريح الصحفي سيتحوّل إلى إلقاء للتهم جزافا لما يحتويه من مغالطة للرأي العام. والجمعية ترفض بالطبع كل محاباة أو محسوبية بل أن وقوفها ضد ذلك هو ما جلب لها غضب بعض القضاة ممن يعتبرون الانتماء إليها مطية لنيل الامتيازات أو حصنا حصينا ضد المساءلة. فضلا عن أن القاضي المستجوب لا تقع مواجهته بتناقضات خطابه فهو يقيم محاكمة لهيئة القضاء العدلي أساسها ما يسميه بالنقل التعسفية ويحرض في الوقت ذاته وفي نفس الحوار الهيئة ضد قضاة المحكمة الابتدائية بتونس ويعتبر عدم نقلتهم تقصيرا من الهيئة فهل هو مع أو ضد النقل التعسفية إذن ؟ ويهمّنا أن نوضح هنا للرأي العام أن كل ما تحصل عليه مسؤولو الجمعية من ترقية كان بناء على المعايير المعلنة من الهيئة وعلى قدم المساواة مع بقية زملائهم فهل يعقل أن يصبح الانتماء إلى الجمعية ضربا من العقوبة واستثناء من الحقوق المتوفرة لغيرهم من زملائهم ؟
في العديد من المناسبات، إرتكبت الهيئة خروقات دستورية، وهو ما أكده العديد من الخبراء في القانون ولم تحرك الجمعية ساكنا؟
لا يسعني إزاء هذا السؤال إلا أن نتساءل نحن أيضا من هم هؤلاء الخبراء أم أن هذه الصيغة لطرح السؤال هي محاولة لتمريره كمسلمة من المسلمات ا ذ هي صادرة بحسب ما يقرره السؤال عن خبراء ؟. فأن يكون لهيئة القضاء العدلي قراءة للدستور كبقية الهيئات عند عملها واتخاذها لقراراتها فذلك أمر طبيعي وعادي ويبقى حق الطعن لدى القضاء في تلك القرارات مكفولا لكل من يعتقد أنه تضرر منها .والمهم في ذلك أن تحترم الهيئة الأحكام القضائية وهو ما التزمت به إلى حد الآن.. وبعيدا عن مثال بعينه لا يمكننا إلا أن ندافع على احترام الدستور واحترام الهيئات القضائية. ففي دولة المؤسسات من الطبيعي أن تكون هناك قرارات وأن تكون هناك هيئات قضائية تفصل في مدى مطابقة تلك القرارات للدستور وللقانون وإلا لما وجدت المحاكم الدستورية والمحاكم أصلا التي من اختصاصها تأويل القوانين بشكل يحسم خلافات في القراءات المختلفة سواء للدستور أو للقوانين . وان ما يعد خرقا للدستور هو الرفض غير المبرر وبدون سند قانوني لقرارات الهيئات القضائية وهذا لم يحصل من جانب هيئة القضاء العدلي. اذ التزمت الهيئة الى حد الان بقرارات المحكمة الإدارية .
لقد تابعت جمعية القضاة موضوع الطعون في بعض قرارات الهيئة لدى المحكمة الإدارية وطالما أن الأمور سائرة بطريقة مؤسساتية فيها احترام للقانون وللأحكام القضائية فإنه لا تقصير ينسب للجمعية في هذا الصدد فما جدوى تضخيم المسألة وتقديمها في شكل خروقات وتجاوزات طالما أنه لا تقصير في الموضوع أصلا من أية جهة كانت ؟.
دافعتم كجمعية عن هذه الهيئة،إلّا انّنا لم نر لهذه الهيئة دورًا غير الحركات القضائية، (لم تقترح قانونًا ولم تناقش القوانين المنصوص عليها في باب السلطة القضائية)؟
لقد كان لجمعية القضاة شرف المشاركة الفعالة في وجود هيئة القضاء العدلي وفي صياغة الرؤية الإستراتيجية الصحيحة التي أخرجت القضاء العدلي من وضعية الفراغ المؤسساتي واستفراد وزارة العدل بإدارة الشأن القضائي. واليوم نحن متأكدون من أهمية وجود هيئة تمارس أولى تجارب التسيير الذاتي الديمقراطي للشأن القضائي بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية رغم بعض نقائص هذه التجربة التي منها ما يعود إلى الهيئة ومنها ما هو خارج عن إرادتها ..
إن تركيز الهيئة بجملة الضمانات التي منحت لها لا يمكن أن يقع التراجع عنه إلى ما دونه عند إرساء المجلس الأعلى للقضاء فمراكمة التجربة القضائية في التسيير الذاتي للهياكل القضائية سيبني عليها المجلس الأعلى للقضاء للتطوير، والإضافة لا للانطلاق من الصفر ورغم صعوبات التأسيس نحن امام تجربة أدخلت القضاء مرحلة المؤسسات الشرعية والمنتخبة كبقية القطاعات لم يبق القضاء على هامش الحراك الثوري . أن تكون موجودا مع استعمال حق النقد والتقييم أفضل من أن تكون غير موجود تمارس نقدا انطلاقا من الفراغ انتظارا لشيء قد يأتي وقد لا يأتي فالموجود لا يمكن أن يطابق حرفيا المنشود . ولكن العبرة بالبناء والاستفادة من التجربة قصد تحسينها.
على أننا مع ذلك لا نقدس هيئة القضاء العدلي ولا نضعها فوق النقد بل إننا ننتقدها بكل موضوعية. فقد كانت جمعية القضاة أول من قيّم الحركة القضائية السابقة في 2014/08/02 وأول من أشار إلى ما شابها من نقائص وإخلالات كما حرصنا على أن يمارس كل القضاة المتظلمين من الحركة القضائية حقهم في الاعتراض عليها واجتمعنا بالهيئة قبل بتّها في تلك الاعتراضات لندافع عن كل حالات النُقل والترقيات التي لم ترض أصحابها أو عدم الترقية التي لم تبد مبرّرة ونجحنا في مراجعة عددا من القرارات . كما أننا نطالب الهيئة ببيان مواقفها من عديد المسائل القضائية كاستعمال السلطة التنفيذية لآلية التمديد للقضاة بعد سن التقاعد وآلية الإلحاق وعرض مقترحاتها بخصوص القوانين الجديدة للسلطة القضائية ونشدد في مطالبتها بالالتزام بالشفافية في أعمالها وباتخاذ سياسة إعلامية ناجعة تجاه القضاة والرأي العام باعتبار ذلك من مبادئ الحوكمة الرشيدة والإدارة الديمقراطية التي تستند عليها الهيئة في إنشائها ووجودها. ثم إنه وخلافا لما يزعم البعض فإننا نوضح بهذه المناسبة أن هيئة القضاء قدمت رؤيتها في باب السلطة القضائية في الدستور للمجلس التأسيسي وذلك طبق ما صرحت به الناطقة الرسمية للهيئة في عديد المناسبات. كما مارست دورها الاستشاري في خصوص القوانين المتعلقة بسير العمل القضائي وأساليب إصلاح منظومة القضاء العدلي ومن أشهر آرائها رأيها في مشروع القانون عدد 44 لسنة 2012المؤرخ 2014/04/21 الذي تعلق باستحداث دوائر متخصصة في قضايا شهداء وجرحى الثورة وهو ما اعتبرته الهيئة مخالفا للدستور. وهو الراي الذي تم اعتماده في ربط تلك القضايا بقانون العدالة الانتقالية .كما تعتزم الهيئة إعداد مشاريع قوانين أساسية تتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء والقوانين الأساسية للقضاة طبق صلاحيتها في اقتراح تلك المشاريع للقوانين حسب القانون المحدث لها.وهو ما أكده لنا أعضاء الهيئة في لقائنا بهم بتاريخ 2014/12/27 حيث تمت دعوتنا لتقديم تصوراتنا في الغرض وهو ما سنقوم به مع اللجنة المؤلفة من أعضاء الهيئة التي شكلت للغرض وسنقدم ملامح تصورنا للمجلس الأعلى للقضاء القادم باعتباره هيكلا يمثل السلطة القضائية على ألا يقتصر دوره على مجرد إدارة المسارات المهنية للقضاة لأننا لا نكون بذلك قد خرجنا عن تصور المجلس الأعلى للقضاء في قانون 1967/07/14 بل يجب أن يكون الهيكل الضامن فعليا لحسن سير القضاء وضمان استقلاله بأن تشمل صلاحياته الإشراف على انتداب القضاة وتكوينهم والتفقد القضائي وإدارة المحاكم.
لماذا نجد تغييبا للهيئة في كل ما يتعلق بمناظرة الدخول الى المعهد الاعلى للقضاء أو في مسألة التكوين باعتبارها مسؤولة عن المسار المهني للقضاة الذي يبتدئ منذ دخول القاضي إلى المعهد ؟
بكل بساطة وبالاطلاع على القانون المحدث للهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي نجد أنّ إشرافها على المسارات المهنية للقضاة طبق الفصل 2 محددا حصريا في تسمية القضاة وترقيتهم وتأديبهم والترشيح للوظائف القضائية العليا. فالأمر لا يعود إذن إلى تقصير من الهيئة كما يوحي بذلك السؤال بل الأمر يتعلق بصلاحيات الهيئة المضبوطة بالقانون ولكننا مع ذلك نتمسك بوجوب استشارة الهيئة
في كل من الانتداب والتكوين لأن ذلك في علاقة مباشرة بوظائفها .وبتسمية القضاة وسد احتياجات المحاكم من الإطار القضائي وكذلك في تقييم القضاة بناء على درجة معارفهم واختصاصاتهم.
ما هو رصيد جمعية القضاة اليوم عند منخرطيها؟
رصيد الجمعية مشرف جدا فهي الهيكل الوحيد الممثل للقضاة الذي ينشط في العلن أي يعقد الاجتماعات العلنية بالقضاة الممثلين لكافة المحاكم وهي اجتماعات المجالس الوطنية التي عقدنا 5 منها في السنة الماضية والتي يغطيها الإعلام وكذلك الندوات العلمية والجلسات العامة وآخرها الجلسة العامة بتاريخ 2014/12/07.
فنشاط الجمعية ليس عملا فوقيا ولا يختزل في عمل مجموعة قضاة داخل مكتب مغلق ويشهد هذا كله على امتداد الجمعية داخل قواعد القضاة وعلى تمثيلها لجل قضاة دائرة المحاسبات وأغلب قضاة المحكمة الإدارية وأغلب القضاة العدليين.
متى سيتم احداث المجلس الاعلى للقضاء؟
من المفروض طبقًا للأحكام الانتقالية للدستور أن يتم إرساء المجلس الأعلى للقضاء بعد 6 أشهر من الانتخابات التشريعية أي في موفى شهر أفريل وهو ما يتوقع معه البدء بإجراء الانتخابات بعد المصادقة على القانون المحدث للمجلس اي في مارس على أقصى تقدير.لكننا نشدد أيضا على أن قصر الآجال لا يجب أن يكون على حساب ضمانات استقلالية هذا المجلس وصلاحياته التقريرية في كامل الشأن القضائي بما يقتضي حتما مراجعة صلاحيات وزارة العدل.
هل هناك امكانية لتأجيل انتخابات المجلس الاعلى للقضاء؟
نحن نطالب باحترام آجال إرساء المجلس الأعلى لأننا نؤمن بأن إرساء المؤسسات القضائية الجديدة هو شرط استكمال تركيز النظام الديمقراطي طبق للقانون وتأجيل تركيز المؤسسات بشكل عام لا يخدم حاجة البلاد إلى الاستقرار.
اعلنت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي مؤخرا انها بصدد اعداد وتحضير الحركة القضائية القادمة، وهو ما اعتبره الكثير مخالفة للقانون ولجوهر الدستور واقصاء لدور المجلس الاعلى للقضاء، ما تعليقكم على ذلك؟
نحن نتمسك بإرساء المجلس الأعلى للقضاء في الآجال الدستورية غير إن هيئة القضاء العدلي ستواصل القيام بمهامها طبق الفصل 148 من الدستور إلى حين انتخاب المجلس الأعلى للقضاء ومن مهامها التحضير للحركة القضائية المقبلة في نطاق استمرار مؤسسات الدولة غير أن تلك الأعمال تبقى أعمالا تحضيرية يمكن أن يستفيد منها المجلس كما يمكنه أن يقوم بكل أعمال الحركة من البداية دون الاعتماد على تلك الأعمال التحضيرية غير الملزمة له.
اكتظاظ المحاكم... كثرة الملفات... قلة عدد القضاة... انعدام الأمن في المحاكم في بعض الحالات، نقص في المواد الاولية (المجلات القانونية وغيرها)، كلها مشاكل يعاني منها القضاة، ما هي اقتراحاتكم انتم كجمعية قضاة لحل هذه المشاكل؟
الاكتظاظ : هذا مشكل مرتبط بتصور القضاء في الخيارات التأسيسية الأولى في دستور 1959 الذي لم يكن يقوم على اعتبار القضاء سلطة بل جهازا تابعا للسلطة التنفيذية ولذلك لم يعط لمقرات المحاكم الإمكانيات التي تجعل منها التعبير المادي عن هذه السلطة السيادية وعلى درجتها المرموقة وعلى هيبتها بل أن تلك المقرات كانت دائما مهمشة وتنقصها أدوات العمل الضرورية كما ان الإطار القضائي ظل على الدوام دون الحاجة من حيث العدد لمجابهة حجم التقاضي. إن جمعية القضاة كانت ولا تزال من المطالبين بالنهوض بظروف العمل القضائي وإننا نعتقد أن الحل الجذري يكون في نطاق إصلاح المنظومة القضائية بمنح المحاكم الاستقلال المالي والإداري بحيث تكون لها الميزانيات الضرورية لسد حاجاتها من أدوات العمل الضرورية والتجهيزات وغيرها.
ما هي المشاريع المستقبلية لجمعية القضاة التونسيين؟
أهم المشاريع التي نعمل عليها الآن هو الاستعداد للقوانين الأساسية للمجلس الأعلى للقضاء وللقضاة ولنظام القضاء.
هل ستكون السيدة «روضة القرافي »حاضرة ومرشحة في انتخابات المجلس الأعلى للقضاء؟
أنا لا أفكر في ذلك حاليا بالنظر إلى مسؤوليتي في جمعية القضاة.
انتخابات المكتب التنفيذي القادم لجمعية القضاة ستكون في ديسمبر 2015، هل ستعيد السيد روضة القرافي ترشيح نفسها لرئاسة المكتب الجديد؟
لكل مقام مقال ولكل حدث حديث.
كلمة الختام؟
في ختام هذا الحوار الصريح أتوجه لكل زملائي القضاة العدليين والإداريين والماليين وأقول لهم أنه ينتظرنا الكثير من العمل لتركيز المؤسسات القضائية الجديدة وأمنيتي أن يكون المجلس مركّزًا في مثل هذه الفترة من السنة القادمة هذا المجلس الذي سيكون عنوان الهوية الجديدة للقضاء الموحد والعقل القضائي المستقل المحايد الذي يقطع مع كل تبعية والذي يصنع في دولة القانون التوازن بين السلط بتكريس علوية القانون ومساواة الجميع أمامه وحماية الحقوق والحريات.نحن نعول في المرحلة القادمة على وعي عموم القضاة بأهمية دور القضاء في الفعل الديمقراطي من خلال تكريس علوية القانون ومساواة الجميع أمامه وحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك طبق المقتضيات الدستورية . وننبه بالمناسبة إلى مخاطر تعثر مسار العدالة الانتقالية في معالجة ماضي انتهاكات حقوق الإنسان ومنظومة الاستبداد على سلامة الانتقال الديمقراطي وتحقيق المصالحة الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.