رغم لقاء راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، بنورالدين الطبوبي ،أمين عام اتحاد الشغل ،نهاية الأسبوع المنقضي، لتبادل وجهات النظر حول وثيقة قرطاج والتغيير الحكومي، فإنه لا يمكن بأية حال من الأحوال الحديث عن اطفاء الحرب الباردة بين الحركة والمنظمة الشغيلة، لأنها ستظل مرشحة للخروج إلى العلن في أي وقت قادم ، وكلما كانت المواقف غير متطابقة كلما ازداد غليانها ... لأن علاقة اتحاد الشغل بحركة النهضة عرفت أوج توترها منذ زمن "الترويكا" واعتصام الرحيل وتواصلت في الخفاء حدّ الحديث عن وثيقة "قرطاج2" التي ستمثل المنعرج في العلاقة بين الطرفين ان لم نقل ستخرج إلى العلن .ففيما تخلى نداء تونس عن يوسف الشاهد واصبح يضغط مع اتحاد الشغل من اجل تنحيته، تمسّكت حركة النهضة برئيس الحكومة مع القبول بتحوير ولو جزئي وهو الموقف الذي لن يرضي لا الاتحاد ولا أيضا الأطراف المصطفة الى جانبه.. ورغم أن النهضة، الحزب الحاكم الثاني، فهي صاحبة الأغلبية في البرلمان و الحزب الأكثر تنظيما وانضباطا مقارنة بالحزب الحاكم المفكك الذي لا يمكنه غير القبول بمبدإ التوافق ،لأن النهضة تحميه ،في كل الأحوال .. لكونها الأقوى حاليا ولا يمكنه الخروج من تحت مظلة التوافق حتى لا يفقد مواقع جديدة وإن ارتمى في أحضان الاتحاد العام التونسي للشغل، بعد ان كان يوجه اليه انتقادات لاذعة بالأمس القريب.. والنهضة في نهاية المطاف لا يمكنها ان تتخلى عن مواقفها التي أعلنتها منذ البداية (إلا بقدرة قادر) و إن وافقت على حكومة جديدة فسيكون لها الحيز الكبير من الرأي فيها، لأنها لا تقبل بإزاحتها من الحكم، بتعلة التعويل على حكومة كفاءات وطنية قد لا تستجيب لتطلعات الحركة التي تعتبر الحزب الفاعل في الساحة.. وان قبلت بحكومة جديدة تحت أي مسمى لن تترك العنان لاتحاد الشغل ليشكلها ويخيطها على طريقته ومقاسه وهو ما سيزيد من حدّة الصدام بين الطرفين ،لأن النهضة قد تقبل تغيير الحكومة لكنها ترفض إقصاءها من المشهد وبذلك يصبح التوافق مجرد شعار اجوف وبالتالي على الاتحاد أن يحسب جيدا خطواته قبل الخروج بالحرب الباردة مع النهضة الى العلن، فالجميع يدرك ان النداء يريد الارتباط مع النهضة عن طريق المنظمة الشغيلة والحال انه ليس دورها ولا من مهامها الدخول في هذه الحروب بالوكالة..