اذا تبلورت كل المسائل في المحادثات الثنائية التي تجري بين مختلف الأطراف التي لها علاقة بوثيقة قرطاج 2 فانه لا يستبعد ان تستأنف هذه الأيام الاجتماعات حول النقطة 64 من الوثيقة والخاصة بتحوير عميق وشامل للحكومة وتحديدا التخلي عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وما يؤكد ذلك أنه منذ الخميس الماضي تم الاتصال باتحاد الشغل والصناعة والتجارة ودعوة ممثليهما لاستئناف الحوار بعد ان اصبح هناك شبه اجماع على ان رئيس الحكومة قد اخطأ عندما اطل منذ أيام على الوطنية وألقى كلمة لعموم التونسيين، تحدث فيها عن حقيقة الوضع، كما كشف سر الازمة السياسية التي تسبب فيها تشرذم حزب نداء تونس.. المعطيات تغيرت بعد القاء يوسف الشاهد لكلمته خاصة ان حركة النهضة اكثر المتشبثين به وقلبت الطاولة على جميع المنادين برحيله وخاصة اتحاد الشغل وقد عدلت موقفها واعتبرت ان كلمة رئيس الحكومة خاطئة من حيث الدخول في مسائل حزبية، وانتظرت (حسب انطباعات قياداتها) ان يخوض الشاهد في الشأن العام والاجابة عن انشغالات المواطنين.. في المقابل اعتبرت عدة اطراف أخرى ان رئيس الحكومة وظف المرفق العمومي لتصفية حسابات حزبية.. في كل هذا الخضم، وحتى يكون موقف رئاسة الجمهورية يتجاوب مع مقتضيات الدستور، ويحترم في الآن ذاته مواقف مختلفة الأطراف المتداخلة في الساحة السياسية والموقعين على وثيقة قرطاج.. خاصة ان يوسف الشاهد لم ينجح فقط في تعرية الغطاء عن حقيقة الازمة السياسية في البلاد وتحديدا في نداء تونس باعتباره الحزب الحاكم، بل أيضا وجد تأييد عديد الندائيين والمنسلخين، بالإضافة الى انه قسم كتلة النداء في البرلمان بين مناصر له ومناصر لحافظ قائد السبسي، فضلا عن ان الهياكل الجهوية للحزب انقسمت بدورها من خلال حرب البيانات مما يعني ان هناك سيناريو يطبخ على نار هادئة وقد يكتمل بعد العودة الى مناقشة وثيقة «قرطاج2» ويتمثل هذا السيناريو في قبول الباجي قائد السبسي بتغيير الحكومة والتنسيق مع الشيخ راشد الغنوشي حول ذلك في المقابل قد يبعد نجله حافظ قائد السبسي من «النداء»، والدفع نحو اول مؤتمر للحزب بما يمكن رئيس الجمهورية من انقاذ الحزب الذي اسسه، وكذلك عودة المنسحبين، والمنسلخين، المفتتين باعتبار ان العديد منهم شخصيات معروفة، وحتى تستعيد كتلة النداء توازنها وتستقيم أمور مقر الحزب بالبحيرة بعد ان عرف حرب زعامات طويلة، حيث ادرك رئيس الجمهورية، ان اللوم موجه اليه في ازمة النداء، لأنه «ينحاز» لنجله على حساب البقية، وقد يظهر هذه المرة رئيس الجمهورية بحنكته المعهودة ليقلب الطاولة على الجميع بمن في ذلك الأحزاب التي باتت تعتبر النداء سبب الازمة التي تعيشها البلاد.. وبعودة نقاشات الوثيقة قد يضرب رئيس الجمهورية عصفورين بحجر واحد، الأول انقاذ النداء، والثاني تغيير الحكومة التي لم تعد تجد الدعم بما يمكن من ارضاء مختلف الأطراف الموقعة على الوثيقة وإنقاذ الموقف لان المد والجزر طالا ولا احد في مصلحته ذلك..