تنطلق غدا امتحانات الباكالوريا دورة 2018 وتستعد كل الأطراف المتدخلة في الامتحانات لإنجاح هذا الموعد السنوي . ورغم تركيز الجميع على التلميذ باعتباره المسؤول الوحيد على نجاحه باجتهاده ومثابرته فإن هناك عوامل أخرى تساعد على النجاح من بينها طرف مهم لا نتناول تأثيره وهم الأولياء الذين يعتبرون عاملا مهما من عوامل نجاح الأبناء أو فشلهم . عوامل النجاح يعتبر علماء النفس أن الحاجة إلى النجاح في الحياة عموما بما في ذلك الدراسة هي حاجة إنسانية من بين 20 حاجة نفسية وبدنية واجتماعية حددوها في دراستهم لديناميكية السلوك البشري. وهذه الحاجة تدفعها عوامل مختلفة نحن لا نهتم منها عادة إلا بالعوامل الشخصية (كالدافعية والثقة بالنفس وتثمين الذات..) والعوامل الذهنية (كالذكاء والقدرة على الفهم وعلى التأليف والتحليل المنطقي وسلامة الذاكرة..) والعوامل المعرفية (كالمكتسبات القبلية والمعارف المكتسبة الجديدة..) والعوامل المنهجية (كمنهجية العمل والتنظيم والتصرف في الوقت..) والعوامل المتعلقة بالامتحان نفسه (نوعه ومدته وأهمية المادة..). لكن عاملا مهما لا يظهر جليا للسطح ولا يتم تناوله بالدرس بالقدر الكافي لكنه يؤثر بقوة في نجاح الأبناء هو العامل الاجتماعي ويتعلق خاصة بالمحيط الأسري وبمجموعة الأتراب. إذ تلعب المنزلة الاجتماعية للأسرة والتوازن الأسري الذي يعيشه التلميذ ورتبته في العائلة وموقعه في مجموعة الأتراب... دورا هاما في نجاحه. وسنركز هنا على تأثير الأولياء وسلوكهم الخاطئ أحيانا تجاه أبنائهم فترة الامتحان فيساهمون بصورة غير مباشرة ودون قصد في حصول أبنائهم على نتائج لا تروق لهم ولا تحقق لهم طموحاتهم. «عندي باك» إن ما يلاحظ في سلوك عديد الأولياء أنهم يتوحدون مع الابن (ة) المترشح (ة) للامتحان ويظهر ذلك من خلال ترديدهم مثلا للعبارة المشهورة لديهم : "عندي باك، ربي يستر" ويتصور الأولياء أنهم بهذا الأسلوب يقاسمون أبناءهم الضغط ولكن في الواقع هم يزيدونه. وهذا الضغط المضاعف يقلل من القدرة على تحمل أعباء الامتحان ويضعف الدافعية لدى الابن(ة) فيعجز عن انجاز المهمة وتحقيق طموحاته وطموحات العائلة بالنجاح في الامتحان. كما يخطئ الأولياء الذين يدفعون نحو تحقيق طموحات العائلة دون مراعاة قدرات الأبناء الفعلية واتجاهاتهم ومواقفهم وهو ما لا يساعدهم على التغلب على الصعوبات التي تعترضهم ويضعف اجتهادهم لأداء عملهم بصورة جيدة وبالسرعة المطلوبة. إن دفع العائلة لأبنائها نحو العمل والاجتهاد في فترة الامتحان يجب أن يكون متوازنا يراعي قدراتهم ويحترم تطلعاتهم المستقبلية. وفي صورة ملاحظة توافق بين تطلعات العائلة وتطلعات الأبناء من الضروري التحاور معا وتوضيح المطلوب من الجانبين. كما على الأولياء توفير المناخ الملائم للمراجعة لأبنائهم وإعانتهم على التفكير الإيجابي وإشعارهم بالطمأنينة رغم ضغط الامتحان والتصدي لأي مظهر من مظاهر القلق الذي قد يؤثر على تركيزهم . فالمترشح(ة) لاجتياز امتحان محتاج(ة) إلى من يطمئنه(ها) ويشجعه(ها) ويثمن جهوده (ها) بقطع النظر عن النتائج وبصورة متواصلة . مع حرص الأولياء تفادي تبسيط الامتحان أو تهويله وتفادي المقارنة مع تلاميذ آخرين يفوقون أبناءهم من حيث القدرات لأن ذلك يؤثر سلبا على ثقتهم بالنفس. ويطالب الولي أيضا بعدم إحداث ما يزعج الأبناء وقت المراجعة وهذا لا يعني البعد عنهم نهائيا بل العكس هو الصحيح إذ من المفيد أن يشعر الأبناء بوجود الأولياء حولهم يشدون من أزرهم ويدفعونهم نحو العمل بدون أي نوع من أنواع التوتر . وإذا كان الولي قادرا يمكنه تقديم توصيات للمترشح(ة) للامتحان تهم طريقة المراجعة دون فرض طريقة معينة عليه(ها) ومساعدته(ها) في منهجية إعداد جذاذات المراجعة وتشجيعه(ها)على المراجعة الجماعية مع الأتراب ومده(ها) ببعض التوجيهات الخاصة بكيفية التعامل مع ورقة الامتحان. * باحث وخبير تربوي